أربيل | خرج رئيس كردستان العراق، مسعود البرزاني، عن صمته حيال ملف تعديل قانون رئاسة الإقليم الذي بدأ برلمان كردستان بدراسة مشاريع تعديله ورفض أحزاب الإقليم الموعد الذي حددته الرئاسة لإجراء الانتخابات الرئاسية، محذراً من عواقب عدم التوافق على المنصب.البرزاني حذر في خطاب مكتوب وجهه إلى الشعب الكردي، مساء الاثنين، منافسيه من الأحزاب الكردية، بشأن مستقبل كرسي الرئاسة، من مغبة عدم التوافق على المنصب، من دون أي إشارة إلى تنحيه، ما يجعل حل تلك المعضلة القانونية والسياسية أكثر تعقيداً.

وشدد البرزاني، في خطابه، على أنه «يقع على عاتق الجميع أن يتوصلوا إلى حل حول هذه المسألة حتى تاريخ 8/20، ويستطيعون التوصل إلى حل عن طريق التوافق. وإن لم تتوصل الأحزاب السياسية إلى حل عن طريق التوافق فسأعلن في حينها عن موقفي».
خطاب البرزاني زاد من إصرار الحزب الديموقراطي الكردستاني على مواقفه السابقة الرافضة لتعديل قانون رئاسة الإقليم الهادف إلى تقليص صلاحيات الرئيس وانتخاب الرئيس من داخل البرلمان.
أقرب سيناريو لحل المشكلة هو تمديد ولاية البرزاني من قبل البرلمان حتى عام 2017

وبرز موقف رئيس برلمان الإقليم، يوسف محمد، أمس، الذي شدد على أن الإقليم يمر حالياً بمرحلة حساسة، وبخاصة مسألة رئاسة كردستان. وأكد محمد، عقب لقائه القنصل الايطالي في أربيل، كاميلو فيكارا، أن البرلمان يسعى إلى «حسم اللعبة السياسية بالطرق الديموقراطية»، مبيناً أن «الكتل والأطراف الكردستانية المختلفة حالياً في حوار لمعالجة هذه القضية».
النائب عن «الديموقراطي»، دلشاد شعبان، يأمل أن تتوصل الأحزاب إلى توافق حول مسألة رئاسة الإقليم، مكرراً ما أشار إليه البرزاني من أنه إذا لم تصل الأحزاب إلى حل فسيكون لهم رأي في حينه.
ولم يكشف شعبان عن الخطوة التي من المنتظر أن يسلكها البرزاني و«الديموقراطي» في حال عدم التوافق بين الأحزاب. وأوضح في حديث إلى «الأخبار» وجود سيناريوات مختلفة لمرحلة ما بعد عدم الوصول إلى حل، رافضاً الكشف عن أوراقهم في الوقت الحالي.
البرزاني لم يشر في خطابه إلى مسألة تنحيه من منصبه أو عدم توليه ولاية ثالثة على التوالي في رئاسة الإقليم، وهذا ما لا يسمح به قانون الرئاسة النافذ الذي يحدد فترة ولايتين رئاسيتين متتاليتين فقط. ويعد موقف البرزاني الجديد مناقضاً لموقفه الذي اتخذه قبل عامين، وبالتحديد في 17 تموز من عام 2013، بعد شهر من تمديد ولايته من داخل البرلمان لسنتين، عندما لمّح إلى عدم نيته الترشح لولاية ثالثة، ووعد بتسليم أمانة رئاسة الإقليم لشخصية أخرى منتخبة.
لكن النائب عن «الديموقراطي»، دلشاد شعبان، يصرّ على ترشيح البرزاني لولاية ثالثة، مشدداً على أنه مرشح الحزب الوحيد للانتخابات الرئاسية.
ويمكن القول إن خطاب البرزاني قد قلص من السيناريوات المتاحة أمام حل مشكلة الرئاسة في الإقليم بين الأحزاب، والتي لطالما كانت موضع خلاف، بل زاد الخطاب من صعوبة حلها توافقياً.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر داخل حلقة المفاوضات بين الأحزاب السياسية، فإن أقرب سيناريو من الممكن اللجوء إليه في حسم المشكلة هو أن يتم تمديد ولاية البرزاني من قبل البرلمان حتى عام 2017 موعد انتهاء مدة الدورة الحالية للبرلمان، لكن المشاكل التي لم تحل بعد لإنجاح هذا السيناريو تكمن في آلية التمديد وحسم تقليص صلاحيات الرئيس من خلال تعديل قانون رئاسة الإقليم.
وعلق رئيس المجلس العام لـ«حركة التغيير» رؤوف عثمان على خطاب البرزاني بالقول «لم نلمس شيئاً جديداً في الخطاب، وإنما تأكيد لمواقف سابقة لحزبه (البرزاني)».
وأضاف عثمان الذي تعدّ حركته من أكثر الأطراف الكردية المطالبة بتقليص صلاحيات رئيس الإقليم وتغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني، لـ«الأخبار»، أن «النقطة العجيبة في الخطاب هي مطالبة البرزاني بالتوافق لحسم منصب رئيس الإقليم، في وقت لا يرضخ فيه حزبه للتوافق في تقسيم المناصب في الحكومات المحلية مع الأحزاب الأخرى في محافظات أربيل ودهوك اللتين يستحوذ فيهما الحزب الديموقراطي على الأغلبية، وهذان موقفان متناقضان وكيل بمكيالين».
وكشف عثمان عن عدم تقديم «الديموقراطي» لمشروعه أو موقفه بشأن موضوع حسم رئاسة الإقليم وتعديدل قانون الرئاسة حتى الآن.
ويشدد الكاتب السياسي، كامران برواري، على أن خطاب رئيس الإقليم لم يستطع حل المشكلة، بل كان خطاباً «مخوفاً وصارماً» بعض الشيء. وقال برواري لـ«الأخبار»، إن «الخطاب كان فيه تحذير من البرزاني لمنافسيه وخصومه من الأحزاب السياسية، ومفاده أنه إذا لم يوافقوا على أن يكون البرزاني رئيساً لولاية جديدة فسوف يحدث شيء خطير، في حين يدرك الديموقراطي أن المعادلة السياسية الجديدة في الإقليم لا تقبل بأن يحكمها حزب واحد».
ويرى برواري أن أنجح سيناريو في الوقت الحالي لتفادي الفراغ هو انتخاب رئيس جديد من داخل البرلمان حتى عام 2017 إلى أن يتم حسم المسائل العالقة المرتبطة بكرسي الرئاسة بين الأحزاب السياسية.