عطفاً على ما نشرته «الأخبار» في تحقيقات سابقة، حسم الرئيس السابق لشركة «أوديبريشت» الجدل حول تورط الرئيس البرازيلي الحالي، ميشال تامر، في تلقي رشى بلغت عشرة ملايين ريال برازيلي في قضية واحدة فقط (ما يعادل ثلاثة ملايين دولار أميركي).
اعتراف «كلاوديو فيليو»، وريث الشركة التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة، أعاد عقارب الساعة إلى الوراء، ووضع السلطة السياسية الجديدة أمام التحدي القضائي والشعبي، خصوصاً بعد اكتمال ملف الاتهام بحق تامر الذي تكرر اسمه أكثر من ثلاثة وأربعين مرة في ثاني أكبر فضيحة فساد في البرازيل.
وبعد ساعات من استجواب فيلو أمام الشرطة الفدرالية، أكد أن تامر شخصياً كان قد طلب عشرة ملايين ريال برازيلي لقاء تسهيل عمل الشركة وتلزيمها مناقصات شديدة الأهمية، وبالفعل دُفع المبلغ المطلوب بحضور قياديين من «الحركة الديموقراطية»، أولهم تامر. وجاءت شهادة فيليو بعد اعترافات والده إميليو فيليو، الذي أوقفته النيابة العامة في برازيليا الثلاثاء الماضي، وأقر بتورط الرئيس البرازيلي في عمليات الفساد، لمصلحة شركته.

قد تتجه الأمور
إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لا مثلما حدث مع روسيف

هذه القضية تأتي أيضاً بعد أيام قليلة من ملاحقة القضاء البرازيلي رئيس مجلس الشيوخ رينان كاليروس، المتهم بتلقي رشى من الشركة النفطية البرازيلية «بتروبراس»، وقضايا أخرى متصلة بملفات الفساد، الأمر الذي دعا القاضي ماركو أوريليو إلى طلب تنحية كالييرو من منصبه إيذاناً ببدء التحقيقات، لكن الطلب بقي معلقاً بانتظار قرار مجلس الشيوخ الذي يرأسه المتهم نفسه.
على وقع هذه الفضائح، استعاد المشهد البرازيلي صخبه بعد أشهر من هدوء تبع إقالة الرئيسة العمالية السابقة ديلما روسيف، التي اتهمت بالتلاعب في أرقام الميزانية العامة، وهو اتهام تنظر إليه جهات حقوقية على أنه جنحة بسيطة أمام اقترافات تامر وشركائه ممّن شكلوا رأس الفساد وجسده.
كذلك يرون أن اللحظة السياسية التي صبّت في مصلحتهم، بعد إيهام الرأي العام بأن «العمال» هو المسؤول الوحيد عن ملفات الفساد، باتت تقترب من نهايتها، خصوصاً بعد قرار الشرطة الفيدرالية الذهاب بعيداً في التحقيقات وقلب الطاولة على كل من تورط في سرقة الدولة.
أمام هذه الأزمة، برز موقف لافت لـ «حزب العمال» على لسان رئيس كتلته في مجلس الشيوخ، أومبرتو كوستا، الذي اتهم «الحزب الاجتماعي» بقيادة انقلاب على الانقلاب السابق ومحاولة تنحية «الحركة الديموقراطية»، وذلك بعدما حققت له مبتغاه في إطاحة الحكومة العمالية. وتساءل كوستا عن مدى جدية التحقيقات التي تنتقي الملفات تبعاً للمصلحة السياسية، وتتباطأ في بتّ الكثير من القضايا التي تثبت تورط زعماء «الاجتماعي» في قضايا اختلاس وفساد.
في الحسابات الداخلية، كشف مصدر أمني، في حديث إلى «الأخبار» أن المشهد السياسي في البرازيل قد لا يشهد تطوراً دراماتيكياً كالذي حدث مع روسيف، بل قد تتجه الأمور إلى مزيد من الضغط السياسي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ترى فيها بعض الأطراف السياسية فرصة سانحة لتولي حكم البلاد بعدما أنهكت القوى الأساسية في الصراعات الداخلية.
لكنّ «الحركة الديموقراطية»، التي يرأسها تامر، تتجه إلى التلاعب في المسار القضائي عبر تقديم كبش فداء سيمثله المدير التنفيذي لبرنامج الشراكة الاستثمارية، موريرا فرانكو، المقرب جداً من القصر الرئاسي.
والمعلومات التي وصلت «الأخبار» تؤكد أن فرانكو قد أعدّ أوراق استقالته من وظيفته الحكومية ليشكل درعاً واقية لتامر، خصوصاً بعدما ورد اسمه بين المتورطين في فضيحة «أوديبريشت».