فيينا | يجري الحديث، خلال الساعات القليلة المتبقية من المهلة الأساسية لنهاية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية بين إيران ودول الـ«5+1»، حول نص مشروع اتفاق من 80 صفحة مع ملحقات، يحوّل إلى مجلس الأمن ليتخذ بشأنه قراراً ملزماً بالتطبيق.نقاش الساعات والأيام الأخيرة ضمن مهلة بدل الوقت الضائع، يتمحور إجمالاً حول طريقة الإخراج السياسي للاتفاق. الولايات المتحدة تقترح مشروع بيان رئاسياً مرتبطاً بتاريخ التوقيع ومرهوناً بموافقة الكونغرس. خطوة تراها واشنطن ضرورية قبل تحويل الملف إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار تنفيذي.

وتشير مصادر غربية إلى صعوبة المفاوضات، في نهايتها، إلا أن التقدم سيد الموقف وفي الاتجاه الصحيح، من وجهة نظر المصالح الغربية، يقابله ثبات في الموقف الإيراني في مناقشة المسائل على المستويات التقنية والسياسية.
مصادر في وزارة الخارجية الروسية تفيد بأن النقاط الخلافية الأساسية قد تم تذليلها، مع بقاء عدد من الجزئيات التي تقف في الاتجاه نحو الاتفاق.
واشنطن تقترح مشروع بيان رئاسياً مرتبطاً بتاريخ التوقيع وبموافقة الكونغرس

ومن بين النقاط التي رُصد استمرار النقاش بشأنها: توزيع حصص الاستثمارات في السوق الإيرانية الواعدة، ومحاولة كل دولة من الدول الست تحصين مصالحها وحمايتها، حالية كانت أو مستقبلية، في مرحلة ما بعد رفع العقوبات.
الصين التي تولّت مسألة تحويل مفاعل آراك وإدارة هذا الملف، بمفردها، تحاول توزيع المهمات المترتبة على عملية التحويل، وتطالب بضمانة حماية مصالحها في حال جرى تنفيذ مبدأ الـSnapback، أي إعادة تفعيل العقوبات إذا أخلّت إيران بتعهداتها أو بتطبيق الاتفاق.
وفي هذا الإطار، يسجَّّل موقف لوزارة الخارجية الروسية التي ترفض عملية تفعيل تلقائي لـSnapback، وتربط عملية التفعيل أو إعادة العقوبات بآلية في مجلس الأمن، تستطيع موسكو من خلالها استعمال حقّها في النقض.
ومن النقاط العالقة، أيضاً، كيفية التخلص من النفايات المشعّة، وهي متعلقة بمنشأة فوردو، ومعظمها تقني لا يزال قيد النقاش مع الجانب الروسي الذي يقود دفّة التفاوض في هذا المجال ذي الصلة بنقل كميات اليورانيوم المخصّب إلى روسيا، طبقاً لاتفاقيات روسيّة ــ إيرانية وبروتوكولات تعاون.
من ناحية أخرى، تطالب الدول الخمس (روسيا، ألمانيا، فرنسا، الصين، بريطانيا) بضمانات من الولايات المتحدة، كي لا تشكل عقوباتها الأحادية على إيران عائقاً أمام مصالحها. وتتضمن الضمانات حماية مصالح أوروبية متعلقة بقطاعات إنتاجية، كصناعة السيارات والطيران المدني ومجال الطاقة والنفط والبتروكيماويات.
وتطالب إيران بإعادة تعاونها ونشاطها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المرحلة الأولى، حتى ولو وافقت على وضع برنامجها النووي تحت رقابة مشددة لعشر سنوات، وهي مهلة يتقبّلها الأميركي، إلا أنه مع الغرب يجري البحث في السنوات الـ11 حتى الـ15 ما بعد المهلة.
أما في ما يتعلق بمراقبة المنشآت النووية والعسكرية، فيدور النقاش حول الآلية والفترة التي يجب على الدول الست إبلاغ إيران خلالها نيّتهم الكشف على منشأة ما، ولكن هناك مواقع عسكرية لا داعي لمراقبتها أصلاً وغير مشكوك فيها، كما أنه لا يمكن أن يكون لها علاقة بالمشروع النووي، وغير واردة في البروتوكولات الإضافية.
بعد الاتفاق، تدخل المهل المقرّرة حيّز التنفيذ، وهي تحدّد وضع الاتفاق على مسار التطبيق. ويطالب الغرب إيران بوضع قيود تضمن التنفيذ، فيما تطالب طهران برفع العقوبات، بشكل كامل وموازٍ، وهناك إمكانية لصيغتي تعليق العقوبات أو إلغائها.
في جميع الأحوال، ستستمر عملية تنفيذ الاتفاق عدة أشهر، لتأخذ مسارها التطبيقي. ولا يتوقع المراقبون نتائج فورية لرفع العقوبات أو تعليقها، الأمر الذي قد يؤثر في شعبية الرئيس الإيراني الإيراني حسن روحاني وفريقه، المقبل على انتخابات خلال شهر آذار 2016.
في سياق متصل (رويترز، أ ف ب، الأناضول)، ذكرت إحدى الصحف الإيرانية، أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بعث، أخيراً، برسالة خاصة إلى القيادة الإيرانية، بواسطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
ونقلت صحيفة «همشهري»، الأكثر انتشاراً، عن نائبٍ قوله إن «أحد المسؤولين في دولة مجاورة» نقل رسالة أوباما إلى مسؤولين في طهران. وأضافت أن المسألة التي جرى البحث فيها هي المفاوضات النووية بين إيران والدول العظمى، التي تقودها الولايات المتحدة، من دون مزيد من التفاصيل عن فحواها.
وفيما لم يصدر أي تأكيد رسمي فوري لهذه المعلومات، ذكرت الصحيفة أن «المسؤولين في وزارة الخارجية قالوا إنهم ليسوا على علم» بهذه الرسالة. كذلك صرّح مسؤول كبير في الحكومة الأميركية بأن هذه التقارير «غير دقيقة».
ومع استمرار المفاوضات في فيينا، على مستوى مساعدي وزراء الخارجية، متخطية المهلة النهائية، يتوجّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة السويسرية، اليوم، حيث سيلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وقد غادر وزراء خارجية الدول الكبرى الست وإيران، باستثناء جون كيري، مساء الأحد، فيينا، تاركين خبراءهم في المكان.
ويعتزم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس العودة إلى فيينا «هذا الأسبوع». وقد صرّح بذلك لصحافيين في نيويورك، موضحاً أنه مستعد للعودة «في أي لحظة عندما سيكون ذلك ضرورياً»، قبل أن يضيف: «هذا الأسبوع بالتأكيد».
وأكد فابيوس «قررنا عدم تحديد موعد (جديد)» لإنجاز هذه المفاوضات، معتبراً أن «اتفاقاً جيداً أفضل من عدم الاتفاق».
وفي ما يتعلق بالمطالب الغربية بالقيام بعمليات تفتيش «صارمة» للمواقع الإيرانية، قال فابيوس: «بحثنا ذلك وأحرزنا تقدماً، لكننا لم نصل إلى نهاية العملية»، مضيفاً أن «الإيرانيين يطالبون بتوضيحات بشأن رفع العقوبات، ونحن نطالب أيضاً بتوضيحات».