طهران | بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، أجري استفتاء عام خلال أقل من شهرين لتحديد هوية الحكم في إيران، فكان التصويت بنسبة 98% لمصلحة اعتماد الحكم الجمهوري. وُضع الدستور الإيراني وطُرح للاستفتاء، ونال أكثرية ساحقة أعطت الضوء الأخضر لعملية تحديد رئاسة السلطة التنفيذية والتشريعية عبر الانتخابات المباشرة، إضافة إلى انتخابات المجالس البلدية والقروية ومجلس خبراء القيادة.
الرئيس يُنتخب مباشرة من الشعب، إضافة إلى مجلس الشورى الإسلامي، فيما منصب الولي الفقيه تحدّده صناديق الاقتراع بشكل غير مباشر، عبر انتخاب أعضاء مجلس خبراء القيادة الذين بدورهم ينتخبون القائد. بعد عام 2009، وما تلاه من أحداث أثرت سلباً على الداخل الإيراني، طرحت بعض الأحزاب والقيادات السياسية مسألة انتخاب رئيس الجمهورية عبر البرلمان، فكان رفض المرشد الأعلى السيد علي خامنئي وغالبية التيارات السياسية الإيرانية واضحاً لهذه الفكرة، لأنها تسلب الشعب التصويت المباشر لانتخاب رئيس الجمهورية، وتُخضعه لتحالفات التيارات السياسية في البرلمان، لذا استبعدت هذه الفكرة عن التداول.

تبدأ عملية التصويت صباحاً ويمكن أن تمدَّد إلى الساعة 12 ليلاً


بعد إقرار قانون الانتخابات، في بداية الثورة، تبيّن للقيّمين حجم التكلفة المادية والبشرية لإجراء الانتخابات الواحدة، مع ما تستهلكه من جهود وتنظيم بوجود أكثر من سلطة تُنتخب مباشرة من الشعب، فتقرّر تنظيم سنوات الانتخاب لتجتمع معاً الانتخابات الرئاسية ومجلس خبراء القيادة في مرة واحدة، وغيرها في مرة أخرى. لذا، تتقاطع، اليوم، انتخابات مجالس البلديات والقرى مع الانتخابات الرئاسية.
وعلى مدى السنوات التسع والثلاثين من عمر الثورة الإسلامية، لم يحصل أي تضارب في مواعيد الانتخابات، ولا تأخير أو تمديد لمواعيدها، باستثناء تمديد المجالس البلدية لتزامنها مع الانتخابات البرلمانية، بداية الثورة، وتعديل جدولها بما يتناسب مع التواريخ المحدّدة في القانون الإيراني. كذلك، شهدت الانتخابات تقديماً لأحد المواعيد لحوالى شهر، بعد دراسة طويلة وطلبٍ من مجلس الشورى وموافقة من مجلس صيانة الدستور، وذلك لمرة واحدة تفادياً لإجرائها في شهر رمضان.
منذ سنوات، بدأت مشاورات في مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور لإقرار قانون الانتخابات الإلكترونية، ولكن الدراسة الموضوعة لم تكتمل قبل الانتخابات الرئاسية الحالية، فتقرّر إجراء تجربة على آليات عملها في الانتخابات البلدية والقروية، حيث ستُعتمد في 142 مدينة بواقع عشرة آلاف صندوق إلكتروني. وعلى هذا الصعيد، ستقوم اللجان المختصة بدراسة أدائها بهدف اعتمادها بشكل رسمي مستقبلاً.
وبالتالي، فإن قانون الانتخاب الورقي سيكون المسيطر على العملية الانتخابية، عبر 63 ألف قلم اقتراع و163 ألف صندوق للانتخابات الرئاسية والبلدية، والتي أعِدّت لاستقبال حوالى 57 مليون ناخب (56.410.234) أتمّوا الـ 18 من عمرهم، من أصل عدد السكان الذي تجاوز الـ 80 مليوناً، ما يعني زيادة 6 ملايين ناخب عن الانتخابات الرئاسية السابقة.
في غضون ذلك، جرت طباعة الأوراق الانتخابية في مطابع المصرف المركزي، بإشراف مجلس صيانة الدستور ووزارة الداخلية، فيما أُدخلت عليها أكثر من عشرة رموز سرية منعاً لأي عملية تزوير، وللتأكد من صحة الأصوات التي توضع في الصناديق، التي تمّ توزيعها على المحافظات، من خلال ألف لجنة ناظمة أشرفت على وصولها إلى مراكز الاقتراع بمواكبة أمنية مشددة.
="" title="" class="imagecache-465img" />
تصميم سنان عيسى | للصورة المكبرة انقر هنا


كذلك، تمّ تخصيص صناديق اقتراع متنقلة لتجول على المستشفيات، بهدف السماح للمرضى والأطباء والممرّضين المناوبين بالإدلاء بصوتهم، إضافة إلى نقل الصناديق على ظهر الحمير إلى المناطق النائية في الأرياف والمناطق الجبلية، للسماح للمواطنين بممارسة حقهم الوطني في التصويت. فضلاً عن ذلك، يُسمح للسجناء غير المجرّدين من حقوقهم المدنية بالتصويت في السجون، عبر صناديق سيّارة أو ثابتة.
تبدأ عملية التصويت، صباح اليوم، على أن تنتهي في الساعة السادسة عصراً. ولكن يمكن لوزير الداخلية أن يمدّد هذه المهلة إلى الساعة الـ 12 ليلاً كحدّ أقصى لتبدأ عمليات الفرز، بحضور ممثلين عن المرشحين كافة وبحضور حوالى 15 شخصاً من اللجان الناظمة، تابعين لمجلس صيانة الدستور ووزارة الداخلية ومجلس الشورى الإسلامي، واللجان الانتخابية وقوى الأمن.
بعد عملية فرز الأصوات يدويّاً، ترسَل إلى وزارة الداخلية وإلى مجلس صيانة الدستور. ومع انتهاء الفرز في المحافظات، تعلن النتيجة النهائية، ويفوز من المرحلة الأولى من يحصل على 50% زائداً واحداً من مجموع الأصوات. وإذا لم يستطع أن يحصل أحد المرشحين على النسبة اللازمة، ينتقل الأول والثاني بعدد الأصوات إلى المرحلة الثانية التي تقام بعد أسبوع من تاريخ الانتخابات الأولى، وتحسم بأكثرية الأصوات المشاركة.
عملية التصويت وآلياتها في الخارج، تتابعها وزارة الخارجية الإيرانية، وتتبع القوانين الإيرانية المعتمدة في الداخل، وستقام هذه الانتخابات في 103 دول حول العالم، بواقع 310 مراكز اقتراع خُصّص 55 منها للولايات المتحدة الأميركية، مع عدم سماح كندا بإجراء الانتخابات على أراضيها بسبب المنع القانوني الذي يفرضه الدستور الكندي في هذا الإطار بشأن انتخابات الدول التي ليس لديها علاقات دبلوماسية معها. وبما أن الجالية الإيرانية هناك تقدّر بـ 400 ألف نسمة، فقد طلبت وزارة الخارجية الإيرانية من رعاياها الراغبين في التصويت التوجه إلى المناطق الحدودية مع الولايات المتحدة، مع العلم بأن الكثير منهم لن يسمح لهم بالدخول، بسبب قانون منع دخول الإيرانيين، فيما ينحصر الموضوع بحاملي الجنسية الكندية أو جنسيات أجنبية أخرى.