أجّل وزراء مالية منطقة اليورو الذين اجتمعوا في بروكسل أمس بت موضوع الديون اليونانية «بضعة أيام»، إفساحاً في المجال أمام المؤسسات الدائنة، أي المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لدراسة المقترحات الجديدة التي قدمتها أثينا ليل الأحد ــ الاثنين بشأن الإجراءات التي يشترطها الدائنون مقابل الإفراج عن شريحة من القروض المرصودة لليونان. ورحبت بروكسل بالمقترحات، معتبرة إياها «أساساً لبدء المحادثات من جديد».
وقال يورن ديسلبلوم، رئيس مجموعة اليورو، «وصلتنا (صباح أمس) مقترحات جديدة من حكومة اليونان، وهو ما رحبنا به واعتبرناه خطوة إيجابية؛ لكن نظراً إلى ضيق الوقت الذي كان متاحاً للمؤسسات للاطلاع عليها، لم تتمكن من إعطائنا تقويماً كاملاً ومتعمقاً لهذه المقترحات». ووصف ديسلبلوم الوثيقة اليونانية المقدمة بأنها واسعة النطاق وشاملة، لكنه قال إن «المؤسسات (الدائنة) تحتاج إلى النظر في التفاصيل المُحددة، لمعرفة ما إذا كانت تحقق المطلوب على المستوى المالي، وما إذا كانت الإصلاحات شاملة بما يكفي لإحداث انتعاش اقتصادي مرة أخرى... لكن بشكل عام، قالت المؤسسات إن المقترحات تمثل أساساً لبدء المحادثات من جديد للتوصل إلى نتيجة».
حدد أليكسيس تسيبراس في بروكسل النقاط الرئيسية لاتفاق مع الدائنين
وفي السياق نفسه، كانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قد قالت قبل اجتماع وزراء مالية اليورو إنه لا يزال هناك وقت خلال الأسبوع الجاري للتوصل إلى اتفاق حول الديون اليونانية، وإن عدم التوصل إلى اتفاق أمس يعني أن القمة لن تكون سوى تشاورية. وفي نبرة أكثر إيجابية، قال المفوض الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، بيير موسكوفيتشي، إنه «مقتنع» بأن قادة منطقة اليورو سيجدون حلاً لأزمة الديون، على أساس المتقرح اليوناني الجديد. أما الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، فقال أمس إن «ما لا نريده هو أن يكون الاتفاق جزئياً أو لفترة محدودة؛ أؤيد اتفاقاً شاملاً ودائماً»، مؤكداً أن بلاده «ستبذل كل ما في وسعها حتى تسفر هذه المحادثات عن اتفاق». وأضاف هولاند إن «فرنسا تدرك، كما ألمانيا، أن على اليونان البقاء في منطقة اليورو، وأن تستمر في تقديم مقترحات لإيجاد اتفاق دائم». ورغم قول مسؤولين يونانيين إن المقترحات الجديدة تسلم على مضض ببعض مطالب الدائنين، كرفع الضرائب وتقليص الإنفاق على نظام التقاعد ونفقات اجتماعية أخرى، وذلك لتكييف ميزانية أثينا مع الأهداف المحددة من قبل الدائنين، أبدى وزير المالية الألماني، ولفغانغ شويبله، تشاؤمه حيال مقترحات اليونان الجديدة قُبيل انعقاد القمة أمس، قائلاً إنها لا تتضمن الكثير من الأمور الجديدة التي يمكن أن تؤدي الى اتفاق حول الديون. وقال شويبله، «لا أعرف شيئاً عن مقترحات جديدة. ليس هناك أي مقترحات مهمة حتى الآن... لا أرى كيف سنكون قادرين على إعداد قمة منطقة اليورو إذا لم يكن لدينا مقترحات جوهرية».
من جهته، حدد رئيس الحكومة اليوناني، اليكسيس تسيبراس، لدى وصوله الى بروكسل أمس «النقاط الرئيسية لاتفاق» مع الدائنين، تستبعد «فائضاً كبيراً» في الموازنة، وتستبعد كذلك خفض رواتب التقاعد وزيادة فاتورة الكهرباء. ووفق مكتب تسيبراس، ربط الأخير الاتفاق بأن «نترك خلفنا الفائض المفرط في الموازنة الأولية، وننقذ الرواتب ومعاشات التقاعد، ونتفادى الزيادة المفرطة وغير المنطقية في (فاتورة) الكهرباء... ونعود إلى وضع طبيعي في علاقات العمل، ونعزز الإصلاحات الهيكلية الهادفة الى إعادة توزيع الأعباء المالية ومكافحة التهرب الضريبي والفساد». ولم يأتِ تسيبراس على ذكر برنامج التخفيف من حجم الدين العام، وخطة للاستثمارات من أجل تشجيع الانتعاش الاقتصادي، والتي كانت حكومته قد اعتبرتهما ضمن الأسس لأي اتفاق محتمل. ويجب على اليونان أن تسدد حوالى 1.5 مليار يورو لصندوق النقد الدولي في 30 حزيران الجاري، علماً بأن مالية الدولة في حالة حرجة للغاية، وهي لذلك بحاجة ماسة إلى شريحة من القروض التي رصدها دائنوها (7.2 مليارات يورو)، والتي يشترطون لقاء الإفراج عنها قبول حكومة تحالف «سيريزا» اليساري بإجراءات «تقشفية» وعد برفض المزيد منها والعودة عنها في الحملة الانتخابية التي أوصلته إلى سدة الحكم. واحتشد الآلاف أمام البرلمان في أثينا الأحد الماضي في ثاني تظاهرة مناهضة لليورو في وسط أثينا خلال أسبوع فقط، مطالبين تسيبراس بمقاومة ضغوط الدائنين الدوليين، ورافعين الأعلام اليونانية وشعارات «لا لليورو» و«لن نسمح بابتزاز الشعب» و«البلاد ليست للبيع».
(أ ف ب، رويترز)