أعلن وزير الدولة اليوناني، نيكوس باباس، يوم أمس أن اثينا تنوي الاستغناء عن قروض صندوق النقد الدولي، آملاً التوصل إلى حل لأزمة ديون بلاده في القمة الاستثنائية لقادة دول منطقة اليورو التي تنعقد اليوم في بروكسل، «دون مشاركة» الصندوق. ورأى باباس أن أوروبا «ليست بحاجة» إلى الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، قائلاً إن الأخير يعمل وفق «أجندة أحادية وغير أوروبية على الاطلاق»، وإن أوروبا «قادرة على الاستمرار بدونه وبدون امواله». وكرر باباس موقف حكومته الرافض لأي اتفاق لا يضمن إعادة هيكلة الديون وإتاحة هامش مقبول للسياسة المالية وإقرار برنامج للاستثمارات والتنمية في اليونان بين عامَي 2016 و2021.
وكان رئيس الحكومة اليونانية، الكسيس تسيبراس، قد قال في كلمته أمام منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، يوم الجمعة الماضي، إنه «يجب على الاتحاد الأوروبي إيجاد طريقه والعودة إلى قوانينه ومبادئه الأولية، أي إلى التضامن والمساواة والعدالة الاجتماعية... فشد الأحزمة وتدابير التقشف لن تؤدي إلى شيء. دعونا لا نخطئ، فالأزمة المسماة المشكلة اليونانية ليست مشكلة اليونان وحدها، وإنما مشكلة أوروبا، وتحديدا منطقة اليورو وهيكلها».
«صفعة كبرى مزدوجة» للمفوضية الأوروبية سبقت القمة
ويكتسب هذا الكلام أهمية خاصة، إذ صدر من «عاصمة القياصرة»، حيث أبرم تسيبراس اتفاقاً مبدئياً لمد خط أنابيب الغاز الروسي، «السيل التركي»، إلى اليونان، في تحد لإرادة المفوضية الأوروبية التي عرقلت في السابق وصول الغاز الروسي إلى جنوب أوروبا عبر «السيل الجنوبي». وينص الاتفاق على تأسيس شركة تملكها روسيا واليونان مناصفة، مهمتها إنجاز أجزاء «السيل التركي» على الأراضي اليونانية بحلول عام 2019، بحسب وزير الطاقة الروسي، الكسندر نوفاك. ورأى مراقبون أن هذا الاتفاق يمثل «صفعة كبرى مزدوجة» للمفوضية الأوروبية التي تمارس الضغوط المالية على اليونان، بهدف إجبارها على قبول المزيد من سياسات «التقشف»، والتي تسعى أيضاً لـ«رص صفوف» الدول الأوروبية لإحكام الحصار الاقتصادي على روسيا.

وفي مقابلة مع صحيفة «كورييه» النمساوية الأسبوع الماضي، قال تسيبراس إن «أوروبا تتجه دائماً نحو الوحدة»، محذراً من أن «المضي في الاتجاه المعاكس سيكون معناه فشل الفكرة الاوروبية». وأضاف تسيبراس أن «خروج اليونان من منطقة اليورو لا يمكن ان يكون خيارا لليونانيين او الاتحاد الاوروبي، لأن ذلك سيكون بمثابة خطوة لا عودة فيها؛ ستكون بداية نهاية منطقة اليورو». النقاش حول خروج اليونان من منطقة اليورو أو عدمه «بدأ مع تطبيق برنامج التقشف الصارم الذي فرضه الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي»، أوضح تسيبراس، مشيراً إلى أنه برغم التضحيات التي قدمها الشعب اليوناني في هذا الإطار، «لم تصبح اليونان أكثر تنافسية، ولم يتراجع دين الدولة، (ما يستوجب) مراجعة المبدأ بكامله». وفي هذا السياق، أبدت الحكومة اليونانية تفاؤلا بإمكانية إيجاد حل لأزمة مديونيتها، خلال القمة الأوروبية الطارئة اليوم، قائلة في بيان صدر يوم الجمعة الماضي إن «كل أولئك الذين يراهنون على الأزمة والسيناريوهات المروعة سيتبين أنهم كانوا على خطأ». وتوقعت الحكومة التوصل إلى «حل قائم على احترام قواعد الاتحاد الأوروبي والديمقراطية، يسمح لليونان بالعودة إلى النمو في منطقة اليورو».

وبرغم تنبيه المستشارة الالمانية، انغيلا ميركل، يوم أمس من أن القمة الأوروبية الاستثنائية اليوم ستكون «تشاورية» فقط، إذا لم تتوافر «قاعدة للاتفاق»، تتمثل بمقترحات أو بالأحرى تنازلات يونانية جديدة، رأى وزير المالية الفرنسي، ميشال سابان، في مقابلة نشرتها أسبوعية «لو جورنال دو ديمانش» يوم أمس أن عجز اليونان عن سداد ديونها، وبالتالي خروجها من منطقة اليورو، ستكون تبعاته «مجهولة»، مشدداً على أن «حجم المخاطر مجهول، وبالتالي يجب تجنب هذا السيناريو». وعلى المنوال نفسه، قال وزير الخزانة الاميركي، جاكوب لو، في مقابلة تلفزيونية السبت الماضي إنه لا يمكن «معرفة ما سيكون عليه بالضبط رد فعل الاسواق وحالتها النفسية، إذا خرجت اليونان من منطقة اليورو... أعتقد أنه يجب ألا يكون لأحد الرغبة بأن يعرف الجواب».

(الأخبار، أ ف ب، رويترز)