سلّمت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورجن، طلباً رسمياً إلى الحكومة البريطانية لإجراء استفتاء عامٍ على الاستقلال عن المملكة المتحدة، وذلك بعد يومين من تصويت البرلمان الاسكتلندي لمصلحة طلب إجراء استفتاء ثانٍ بعد آخر جرى عام 2014.
وقد يكون الطلب الاسكتلندي هو أول مفاعيل عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، التي انطلقت الأربعاء الماضي وتستمر سنتين تقريباً، في مفاوضات شاقة ستتناول الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية التي تثقل مستقبل المملكة.
بالنسبة إلى ستورجن التي تتزعم الحزب القومي الاسكتلندي، «الظروف قد تغيّرت» عمّا كانت عليه عام 2014، حين رفض 55% من الاسكتلنديين الخروج من المملكة، فيما صوّت 45% بـ«نعم» للانفصال. ويأتي «البريكست» في صدارة هذه الظروف، إذ برأيها، غيّر ترك بريطانيا الاتحاد الاوروبي من آراء الاسكتلنديين في مسألة الانفصال، لأنهم يفضّلون البقاء ضمن الوحدة السياسية والاقتصادية للقارة العجوز، عوضاً عن البقاء في بريطانيا منعزلة عن محيطها، في مغامرةٍ غير محسوبة في نظرهم.

لكن استطلاعات الرأي التي أُجريت أخيراً لم تجئ بنتائج مغايرة كثيراً عن استفتاء 2014. فمنذ استفتاء «البريكست»، أظهرت غالبية الاستطلاعات أن أكثر 40% يريدون انفصال اسكتلندا، وأن نحو 50% ما زالوا يفضّلون البقاء في بريطانيا، فيما قال آخرون إنهم غير واثقين من قرارهم عند التصويت. ويوم أمس، نشر معهد «سورفيشن» استطلاعاً تبيّن فيه أن 48% من الاسكتلنديين قالوا إنهم يعارضون الاستقلال مقابل 43% يأملون قطيعة مع بقية المملكة المتحدة، فيما لا يزال 9% مترددين.
مجلة «نيوزويك» الأميركية رأت أنه حتى «البريكست» غير معروف كيف سيؤثر في قرار المصوّتين، وذلك من دون إغفال أن هناك نسبة كبيرة من الذين صوّتوا بـ«نعم» المرة الماضية للاستقلال، من القوميين المتشديين، لا يريدون البقاء في الاتحاد الاوروبي، لرفضهم الانتماء إلى أي اتحاد مهما كانت طبيعته.
وكان البرلمان الاسكتلندي قد صوّت بتأييد 69 نائباً ومعارضة 59، لطلب إجراء الاستفتاء على الاستقلال، ما يتيح لرئيسة الوزراء أن تطلب رسمياً من الحكومة البريطانية إجراء استفتاء الاستقلال بين خريف 2018 وربيع 2019.
وفي رسالتها إلى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أكدت ستورجن أنه «ينبغي للشعب الاسكتلندي أن يكون له الحق في اختيار مستقبله». وأضافت: «أقول بحزم إن تفويض البرلمان الاسكتلندي ينبغي احترامه وتنفيذه. لا تتعلق القضية بمعرفة ما إذا كان ذلك مسموحاً، بل بكيفية حصول الامر».

ترى تيريزا ماي أن الوقت الآن ليس مناسباً لإجراء الاستفتاء

واستندت الزعيمة اليمينية في طلبها إلى تأييد 62 في المئة من الاسكتلنديين البقاء في الاتحاد الاوروبي، قائلةً: «ليس هناك حجة منطقية للوقوف في وجه إرادة البرلمان الاسكتلندي، وآمل ألا تقوموا بذلك».
وتريد ستورجن أن تجري الاستفتاء بين أواخر عام 2018 ومطلع 2019، وهي الفترة التي تكون قد أعطت وقتاً كافياً لمفاوضات «البركست».
إلا أن رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، لا تزال ترى أن «الوقت غير مناسب الآن»، وهو ما كررته غير مرة، خصوصاً أن مفاوضات "البركست" «مربكة بما فيه الكفاية»، وهي بنظرها «لا تسمح للاسكتلنديين بتحديد ماذا يريدون بالفعل بالنسبة إلى مستقبلهم». عند هذه النقطة، يرى محللون أن ماي قد تنجح في تأجيل الاستفتاء إلى ما بعد انتهاء مفاوضات الخروج من الاتحاد الاوروبي، لكنها بالتأكيد لن تنجح في إلغاء حدوث هذا الاستفتاء عاجلاً أو آجلاً.
وعلى الرغم من تعقيد لندن للأمر، كانت ستورجن قد أكدت أنه في حال تعذر إجراء مباحثات بنّاءة في هذه المرحلة، ستقترح على البرلمان الاسكتلندي «مبادرات جديدة للمضيّ قدماً نحو استفتاء»، ما يرجّح ذهابها نحو استفتاء استشاري يمكنها أن تُجريه من دون الرجوع إلى الحكومة البريطانية.

(الأخبار، أ ف ب)