يحاول مرشح «الحزب الاشتراكي» لرئاسة الجمهورية الفرنسية، بنوا هامون، ترسيخ بعض التحالفات في سياق حملته الانتخابية، وذلك في وقت تشير فيه الصحافة الفرنسية إلى أن المرشحين من كافة التيارات باتوا يخشون فعلياً تأهل مرشحة حزب «الجبهة الوطنية»، مارين لوبن، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وبحسب استطلاعين نشرا أول من أمس، فإن مارين لوبن تأتي في طليعة نوايا التصويت في الجولة الأولى في نيسان المقبل بنسبة 27 في المئة، يليها وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون، بنسبة 25 في المئة. في المقابل، فإن مرشح اليمين فرنسوا فيون يأتي خلفهما بنسبة 19 أو 20 في المئة، ولا يُتوقع أن ينتقل إلى الجولة الثانية في 7 أيار.
واعتبرت صحيفة «ميديابارت» الفرنسية أن فرضية تأهل مارين لوبن إلى الدورة الثانية تبدو واقعية أكثر فأكثر. وفي تقرير نشر أمس، قالت الصحيفة إنه إضافة إلى استطلاعات الرأي التي تبيّن تفضيل الجمهور للوبن، فإن أداء «الجبهة الوطنية» الانتخابي منذ عام 2012 وتمكّنها من كسب الانتخابات المحلية في ست مناطق، أسهما في تأكيد القوة الانتخابية التي تتمتع بها. وما يعزز تلك القوة، «السياق السياسي» نفسه الذي تجري خلاله الانتخابات الرئاسية: أزمة اجتماعية واقتصادية، ضعف اليسار، الأزمة الأوروبية والبريكست، فوز دونالد ترامب في الولايات المتحدة وفضيحة العمل الوهمي لعائلة فرنسوا فيون، فضلاً عن فشل عهد فرنسوا هولاند.
من جهته، رسخ المرشح الاشتراكي بنوا هامون، أول من أمس، تحالفاً مع مرشح «حزب البيئة» يانيك جادو، الذي أعلن في نهاية الأسبوع الماضي الانسحاب من السباق الرئاسي لمصلحة هامون، وهو تحالف أيّده الناخبون «البيئيون» في تصويت داخلي في الحزب، بنسبة 80 في المئة. لكن في الوقت نفسه، فإنّ هامون ابتعد عن المرشح اليساري، جان لوك ملنشون، الذي قال لزميله إنه لن يقوم بخطوة مماثلة لخطوة جادو، وسيبقى مرشحاً لرئاسة الجمهورية، وذلك في لقاء جمعهما في مقهى باريسي مساء الجمعة. وكتب ملنشون على صفحته على موقع «فايسبوك» أن القطيعة حاصلة على «السؤال الأوروبي».
إلا أن هذا التحالف الاشتراكي ــ البيئي لا يُرضي بعض الاشتراكيين. فعلى سبيل المثال، أعلن النائب الاشتراكي كريستوف كاريش دعمه للمرشح إيمانويل ماكرون، شارحاً في «لو جورنال دو ديمانش» أنه لا يوافق على ما يقوم به هامون الذي «يحاول أن يصنع بوديموس أو حزب عمال ــ نسخة (جيريمي) كوربين ــ على الطريقة الفرنسية». وتابع أنه بذلك «يقود (هامون) الحزب الاشتراكي نحو التطرف، لينحرف نحو يسار احتجاجي حراكي، لن يكون قادراً على الإمساك بمسؤوليات السلطة».

باتت فرضية تأهّل لوبن إلى الدورة الثانية من الانتخابات واقعية

في هذه الأثناء، وفيما تبدو الأصوات اليسارية مشتتة، يُظهر المرشح إيمانويل ماكرون وقائد حركة «إلى الأمام!» تقدماً في استطلاعات الرأي، تعزز بعدما أعلن رئيس حركة «موديم»، فرنسوا بايرو، دعمه له وانسحابه من السباق الرئاسي. وحظي ماكرون أيضاً بدعم رئيس تحالف «الخضر ــ التحالف الأوروبي الحر» في البرلمان الأوروبي، دانييل كون ــ بنديت، الذي رحّب بالتحالف الاشتراكي ــ البيئي، لكنه أكد أن دعمه لماكرون يهدف «إلى هزم مارين لوبن».
من جهة ثانية، ووفق تقرير في صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن المرشحين الآخرين باتوا يتعاملون مع وجود «الجبهة الوطنية» في الدورة الثانية كأمر حتمي، آملين جذب أصوات كافية من الناخبين للتأهل إلى الدورة الثانية في مواجهة لوبن. ويظهر ذلك، وفق التقرير، في مقاربة كل المرشحين لتقدم «الجبهة الوطنية» في خطاباتهم وتصريحاتهم. ففي اليمين، ظهر ذلك في خطاب للمرشح فرنسوا فيون، يوم الجمعة، حين خصّص ثماني صفحات من الخطاب لانتقاد مارين لوبن وصفحتين لانتقاد إيمانويل ماكرون، المنافس الصعب الآخر. أما ماكرون، فقد قال خلال اجتماع لمناصريه يوم الجمعة إنها هزيمة «أخلاقية وسياسية» أن يقتنع «الجميع بتأهل الجبهة الوطنية للدورة الثانية». ومع ذلك، يتعامل ماكرون وفريقه مع تأهل لوبن إلى الدورة الثانية كأمر واقعي.
ولم يتردد المرشح الاشتراكي بنوا هامون، الخميس الماضي، في التذكير «بخطر» فوز مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية، قائلاً إن «الخطأ الأسوأ هو التعامل مع لوبن على أنها ستفوز فقط في الدورة الأولى»، متابعاً أن «علينا التحرك كما ولو أنها ستفوز في انتخابات 2017».
وبالنسبة إلى جان لوك ملنشون، فقد تخلى عن مقاربة «جبهة مقابل جبهة» التي اعتمدها في انتخابات 2012 في مواجهة لوبن، بل تراجع عن مهاجمتها بكثرة. وقد ركز ملنشون في مقابلته يوم الخميس مع قناة «فرانس 2» على الاختلافات بينه وبين زميلته في البرلمان الأوروبي، لكن يبدو أنه في المقابل يركز على انتقاد إيمانويل ماكرون.
في غضون ذلك، تنعكس الأجواء المتوترة سياسياً على الشارع. وقد أشار مرشح اليمين للرئاسة فرنسوا فيون إلى «أجواء حرب أهلية تقريباً» في فرنسا، إثر وقوع حوادث أثناء الحملة الانتخابية. وقال فيون في بيان نُشر أول من أمس، إنه يتهم «رسمياً رئيس الوزراء والحكومة بعدم تأمين ممارسة الديموقراطية بشكل كاف. وهم يتحمّلون مسؤولية كبيرة جداً في السماح بأجواء حرب أهلية تقريباً في البلاد لا يمكن أن يستفيد منها إلا المتطرفون». وندّد فيون أمس مجدداً «بسلبية الحكومة في مواجهة العنف».
وشهدت تنقلات فيون الذي يتعرض لضغوط القضاء، بسبب شبهات وظائف وهمية لمقربين منه، اضطرابات نجمت خصوصاً عن استقبال معارضين له بالضجيج. ورافقت زيارة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، الأحد إلى نانت، مظاهرات كانت عنيفة أحياناً. وتعرضت عدة حافلات تنقل أنصار «الجبهة الوطنية» لهجمات.
وعبّر رئيس الوزراء الاشتراكي برنار كازنوف، أمس، عن «أسفه» لتصريحات فيون. وقال إن «استخدام عبارة حرب أهلية تقريباً من مسؤول سياسي معروف ويعرف درجة تعبئة قوات الأمن في بلادنا، أمر غير مسؤول بكل بساطة».
(الأخبار، أ ف ب)




مجلس اللوردات يبحث تفعيل الـ«بريكست»

استأنف مجلس اللوردات، أمس، أعماله حول مشروع القانون المتعلّق بتفعيل الـ«بريكست»، مع توقّع النظر في تعديل بالنسبة إلى مصير ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يقيمون في بريطانيا. وكان مجلس العموم قد أعطى موافقته على النص، في التاسع من شباط، بتأييد 494 صوتاً ومعارضة 122.
وفي مجلس اللوردات، حيث يُعَدّ الحزب المحافظ الحاكم أقلية، بدأت النقاشات الأسبوع الماضي، على أن تستمر حتى الأربعاء، قبل التصويت النهائي المقرّر في السابع من آذار. وترغب الحكومة في أن التصديق على النص، من دون تعديلات، تفادياً لطرحه مجدداً في مجلس العموم. وسيتيح ذلك لرئيسة الوزراء تيريزا ماي تفعيل المادة 50 في معاهدة لشبونة، فيما حدّدت نهاية آذار موعداً لذلك. وسيُبحَث مصير ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يقيمون في بريطانيا، فيما ترفض ماي ضمان حقوقهم قبل الحصول على ضمانات مماثلة للبريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي.
(أ ف ب)