لم تَسلَم أيّ من المؤسسات أو الوكالات الفدرالية الأميركية من انتقادات الرئيس دونالد ترامب. فلم تكد تخفت حدّة التوترات التي خيّمت على العلاقة بينه وبين وكالة الاستخبارات، بعد تشكيكه في ما توصلت إليه من اتهامات لروسيا بالوقوف وراء عمليات القرصنة التي استهدفت الحزب الديمقراطي، حتى تصاعدت، أخيراً، حدّة تصريحاته ضد القضاء الأميركي، الذي وصفه، أمس، بأنه "مسيّس جداً".
وفي الوقت الذي تنظر فيه محكمة استئناف في طلب الإدارة الأميركية إعادة العمل بالأمر التنفيذي الذي يقضي بحظر دخول اللاجئين ومواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة الأراضي الأميركية، دافع ترامب عن هذا المرسوم الذي أوقفته المحاكم الفدرالية. وقال في اجتماع لمسؤولي تطبيق القانون من أنحاء البلاد: "أعتقد بأن الأمن في خطر اليوم"، مضيفاً: "ليس لدينا قرار بعد. لكن المحاكم تبدو مسيّسة جداً وسيكون من الرائع للغاية لنظامنا القضائي أن يتمكن من قراءة البيان وأن يفعل الصواب. يتعلق هذا بأمن بلادنا".

احتدم الجدل
في مجلس الشيوخ بشأن المصادقة على تعيين وزير العدل

في غضون ذلك، لا يزال معظم الوزراء المعيّنين من قبل ترامب عالقين في الكونغرس الذي يناقش تثبيتهم، في ظل عرقلة الديموقراطيين لهذا الإجراء. وفي آخر التطورات المتعلقة بهذا الملف، احتدم الجدل في مجلس الشيوخ بشأن المصادقة على تعيين أحد الوزراء. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن الجدل وصل إلى حدّ توبيخ السيناتورة الديموقراطية إليزابيث وارن، على خلفية انتقادها اللاذع لترشيح جيف سيشونز لمنصب وزير العدل. وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل وبّخ وارن للـ"طعن" في سيشونز، وذلك بعدما قرأت رسالة تنطوي على انتقاد شديد اللهجة للمرشح لمنصب وزير العدل، كتبتها كوريتا سكوت كينغ، أرملة زعيم حركة الحقوق المدنية، مارتن لوثر كينغ. وقال ماكونيل إن "السيناتورة طعنت في دوافع وسلوك زميلنا من ألاباما".
وكتبت كينغ في الرسالة أن لجنة القضاء في مجلس الشيوخ حذّرت من أن سيشونز (الذي حال سجله بخصوص الحقوق المدنية دون تعيينه قاضياً فدرالياً إبان الثمانينيات) كان يقوم بـ"ترهيب" المصوّتين، وأن تثبيته كقاضٍ سيكون له "أثر مدمر" على النظام القضائي. وأضافت أن "سيشونز استخدم سلطات منصبه في محاولة بائسة لترهيب وإخافة المصوّتين السود من كبار السن".
ومُنعت وارن، المرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة، عام 2020، من إكمال قراءة الرسالة. وعقب ذلك، اتخذ ماكونيل خطوة استثنائية باستحضار مادة تمنع التعليقات الحادّة والانتقادات بين الأعضاء. واستجاب رئيس الجلسة السيناتور ستيفن داينز، لماكونيل، معلناً أن "السيناتورة (وارن) ستعود إلى كرسيها".
ولكن مشاكل ترامب الإدارية لا تقتصر على ما تقدّم، فهو لا يزال يعاني في تثبيت ملف آخر لا يقل حساسية عن ملف وزرائه، ويتعلّق بمعاونيه وفريقه في البيت الأبيض، الذين لا تزال مهماتهم تتضارب في ما بينها، إضافة إلى عدم خبرة غالبيتهم. وفي هذا السياق، ذكرت شبكة "سي ان ان" أن البيت الأبيض كثّف البحث، أخيراً، عن مدير جديد للتواصل بديلاً من شون سبايسر الذي يشغل أيضاً منصب المتحدث باسم البيت الأبيض.
وكان عمل سبايسر كمتحدث باسم البيت الأبيض، منذ ثلاثة أسابيع إلى اليوم، محطّ انتقادات شديدة في وسائل الإعلام، على خلفية مهاجمته المستمرّة لها، وعدم إدراكه كيفية التواصل معها. ونقلت "سي ان ان" عن مصادر عدّة قولها إن ترامب "يشعر بخيبة أمل من أداء سبايسر، خلال أول أسبوعين من وجوده في الإدارة".
وسبايسر الذي يعمل، منذ وقت طويل، ضمن صفوف الحزب الجمهوري، حليف مقرّب من مدير موظفي البيت الأبيض، رينس بريبوس. ووفق مصادر مطلعة على إجراءات التوظيف، فقد غضب ترامب من بريبوس بسبب خياره لسبايسر "لشغل أكثر المواقع ظهوراً في الإدارة الأميركية، إلى جانب موقع الرئيس". وأضافت المصادر أن "ترامب يأسف لذلك، كل يوم، ويلقي باللوم على بريبوس".
إلا أن مسؤولاً في الإدارة الأميركية أكد دعم ترامب لسبايسر مئة في المئة، فيما دحض مصدر آخر فكرة أن يكون سبايسر قد أصبح، فجأة، غير محبّذ لدى ترامب.
في سياق آخر، جدّد الرئيس الأميركي تأكيد التزامه بـ"حلف شمال الأطلسي"، خلال مكالمة أجراها مع رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، هي الأولى بين الرجلين، منذ تسلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض. ولطالما انتقد ترامب "الحلف الأطلسي"، خلال حملته الانتخابية، معتبراً أن أعضاءه لا يقومون بدفع حصّتهم، فيما تنفق الولايات المتحدة أكثر من حصّتها بكثير من أجل الحفاظ على أمنهم. وفيما أشار البيان الصادر عن البيت الأبيض إلى أن ترامب "شدّد على أهمية أن يتقاسم كل الحلفاء عبء النفقات الدفاعية"، فقد أشار إلى أنه "جدد أيضاً التأكيد على الالتزام الأميركي إزاء حلف شمال الأطلسي".
(الأخبار)