بعد التظاهرات الحاشدة المندّدة بقراراته، وإثر حملة التنديد التي شملت العديد من العواصم العالمية، وصلت المعارضة لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مجال الهجرة إلى قلب أجهزة الدولة، فقرّر الأخير مواجهتها بمزيد من التشدّد.
وبعدما أقال، مساء أول من أمس، وزيرة العدل بالإنابة، شنّ ترامب أمس حملة شرسة على معارضيه الديموقراطيين في الكونغرس، واتهمهم بالعمل على شلّ عمل الحكومة، عبر تأخير تثبيت المسؤولين الذين اختارهم. وقال في تغريدة على موقع «تويتر»: «عليهم أن يشعروا بالعار! من غير المفاجئ ألا تتمكن واشنطن من العمل»، في إشارة إلى إدارته التي لم يكتمل عقدها بعد، في انتظار موافقة الكونغرس على بعض المسؤولين فيها.
وقد قاطع أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون، أمس، التصويت على مرشحيه لمنصبي وزارة الخزانة ووزارة الصحة، ما أدى إلى عرقلة التصويت.

أقال وزيرة العدل لأنها أمرت بعدم الدفاع عن مرسوم الهجرة

وكان قد استُبق هذا الحدث بموقف نادر جداً في خلال فترة تشكيل فريق حاكم جديد في البيت الأبيض، أمرت في خلاله وزيرة العدل بالوكالة سالي ييتس، النواب العامين بعدم الدفاع عن مرسوم ترامب الأخير بشأن الهجرة، مشكّكة بشرعية هذا المرسوم. وفي بيان شديد اللهجة، أعلن البيت الأبيض إقالة هذه المسؤولة المعيّنة من قبل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، واتهمها بأنها «ضعيفة جداً في مجال الهجرة غير الشرعية»، وبأنها «خانت» وزارتها. وعلى الفور، أمرت خليفتها دانا بوينتي العاملين في وزارة العدل بـ«القيام بواجبهم والدفاع عن الأوامر الشرعية لرئيسنا».
إلا أنّ الرفض لقرارات ترامب لا يأتي فقط من صفوف الديموقراطيين، ففي رسالة مفتوحة اعتبر عشرات المستشارين السابقين في إدارتي أوباما وجورج بوش أن هذا المرسوم يوجه «الرسالة الخطأ إلى المجموعة المسلمة في البلاد وفي العالم»، أي إن الحكومة الأميركية «هي في حالة حرب ضدهم على أساس ديني».
وأعرب الموقّعون على هذه الرسالة عن قناعتهم بأن هذا القرار سيكون له «تأثير سلبي على المدى الطويل» في الأمن القومي للولايات المتحدة.
من جهة ثانية، احتج دبلوماسيون أميركيون على قرار ترامب، مستخدمين قناة رسمية تتيح لهم الاحتجاج على قرارات يتخذها من هم أعلى منهم رتبة. لكن ردّ البيت الأبيض كان فجاً: «إما أن يوافقوا على البرنامج وإما أن يرحلوا».
كذلك خرج الرئيس السابق أوباما عن صمته، معرباً عن ارتياحه عبر المتحدث باسمه، عن «مستوى التعبئة» ضد ترامب في كافة أنحاء البلاد. وكان أوباما قد وعد بعدم التدخل إلا في حالات المسّ بـ«القيم الأساسية» للبلاد. وبعد عشرة أيام على خروجه من البيت الأبيض اعتبر أن هذا الأمر حصل، فتكلّم.
وخارج الولايات المتحدة لم تتراجع حدّة موجة الرفض لقرارات الرئيس الأميركي. وندد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بالتصريحات «المقلقة» لإدارة ترامب «التي تجعل مستقبلنا غامضاً بشكل كبير». وقال في رسالة موجهة إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 (من دون بريطانيا)، إن الإدارة الأميركية الجديدة «تبدو وكأنها تعيد النظر بالسنوات السبعين الأخيرة للسياسة الخارجية الأميركية».
ومن المقرر أن يناقش النواب البريطانيون، في العشرين من الشهر الحالي، العريضة التي جمعت 1،7 مليون توقيع، مطالبة بخفض مستوى زيارة ترامب المرتقبة لبريطانيا من زيارة دولة إلى زيارة رسمية.
(الأخبار، أ ف ب)