ضربة جديدة للعلاقات التركية الأوروبية بعد طلب البرلمان الأوروبي أمس، تجميد مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد بسبب حملة القمع التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة الصيف الماضي.
وفي تصعيد جديد بين الطرفين، سارعت تركيا إلى رفض القرار واعتباره «ملغى»، فيما كان الرئيس رجب طيب أردوغان، قد استبق، أول من أمس، تصويت البرلمان الأوروبي بإعلانه أن أي قرار يصدر عنه «لا قيمة له»، كونه غير ملزم. كذلك، تؤيد معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الإبقاء على مفاوضات انضمام تركيا، وبالتالي فإن التصويت لن يترك أثرا ملموساً، لكن القرار لم يمنع تزايد التوتر بين الطرفين، وقد يهدد اتفاق الهجرة الموقع بين أنقرة وبروكسل.
وفي قرار أقر بغالبية كبرى في ستراسبورغ، دعا النواب الأوروبيون إلى «تجميد مؤقت» لآلية الانضمام التي بدأت مع تركيا عام 2005. وجاء في القرار أن «التدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة التركية في إطار حال الطوارئ غير متكافئة وتمس بالحقوق والحريات الأساسية التي كرسها الدستور التركي، وبالقيم الديموقراطية الجوهرية للاتحاد الأوروبي». وحذر النواب الأوروبيون من أن «معاودة الحكومة التركية العمل بعقوبة الإعدام يفترض أن تؤدي إلى تعليق آلية الانضمام رسميا»، لكنهم أكدوا التزامهم «إبقاء تركيا قريبة من الاتحاد الأوروبي».
ورأى الوزير التركي للشؤون الأوروبية عمر جيليك، أن قرار البرلمان الأوروبي «ملغى وباطل» و«ليس قرارا يمكن أخذه على محمل الجد». من جهته، قال نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش، إن الشراكة بين تركيا والاتحاد الأوروبي «على المحك»، مؤكداً أن هذا التصويت «يثير تساؤلات جدية حول صدقية أوروبا كشريك».

انتقد دبلوماسيون أوروبيون قرار البرلمان الأوروبي بشأن أنقرة

ورغم أن نص القرار حظي بدعم الكتل النيابية الأربع الكبرى في البرلمان، المحافظون والاشتراكيون والليبراليون والخضر، وجرت الموافقة عليه بـ479 صوتا مقابل 37، فيما امتنع 107 نواب عن التصويت، إلا أنه، في المقابل كان محط انتقاد دبلوماسيين كثر في الاتحاد. وكتب رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت على «تويتر» أن أعضاء البرلمان الأوروبي اتخذوا قرارا «شعبويا على المدى القصير» بدلاً من اعتماد «نهج استراتيجي طويل الأمد» في العلاقات مع تركيا. من جهته، أشار نائب رئيس البرلمان الأوروبي ألكسندر لامبسدورف، الى أن المحادثات بيت الاتحاد وتركيا «غير صادقة جوهريا…لا تركيا ولا الاتحاد الأوروبي لديهم اهتمام جدّي بنجاح المحادثات». وكانت مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، قد حذرت من أن قراراً مماثلاً سيؤدي إلى «سيناريو خاسر في كل الأحوال»، مشيرة إلى أن «أفضل طريقة لتقوية الديموقراطية في تركيا هي عبر العمل والتواصل مع الحكومة التركية وإبقاء الخطوط مفتوحة».
وكانت تركيا قد قدمت رسميا طلب الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي في 1987، لكن مفاوضاتها معه لم تبدأ إلا عام 2005 رغم أن طموحات أنقرة لكي تصبح جزءا من التكتل تعود إلى الستينيات. ووافق الاتحاد الاوروبي وتركيا على تسريع عملية الانضمام بعد توصل الطرفين إلى اتفاق المهاجرين في آذار. ووافقت بروكسل على إعفاء الاتراك من تأشيرات الدخول إلى منطقة شنغن حين تطبق أنقرة سلسلة إصلاحات، وعلى تقديم مساعدات إضافية لتركيا مقابل خفض أعداد المهاجرين الوافدين إلى الجزر اليونانية، لكن العملية تباطأت بعد محاولة الانقلاب.
في سياق منفصل، أعلن بنك تركيا المركزي، أمس، رفع مؤشر الفائدة الرئيسي بخمسين نقطة أساسية سعيا منه لوقف تدهور سعر الليرة التركية. وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك إنه تقرر رفع معدل فائدة إعادة الشراء إلى 8 في المئة من 7.5 بالمئة، في أول إجراء من نوعه منذ مطلع 2014. وفقدت الليرة التركية 10 في المئة من قيمتها أمام الدولار خلال الشهر الماضي مع تنامي الشكوك إزاء نمو الاقتصاد التركي والمخاوف من انعدام الإستقرار بسبب توجه أردوغان لإقامة نظام رئاسي.
وجاء قرار البنك المركزي بعد عدد من اللقاءات السياسية على أعلى مستوى بشأن السياسة الاقتصادية بما فيها لقاء عقد في قصر اردوغان مساء أول من أمس. وقال البنك مفسرا قراره إن حركة أسعار الصرف تطرح مخاطر تدفع باتجاه زيادة التضخم نظرا لحالة عدم الاستقرار والتقلبات على المستوى العالمي. ولطالما ضغط أردوغان لإبقاء أسعار الفائدة متدنية لتحفيز النمو، وأثار الخوف في الأسواق، أول من أمس، بقوله: «يقولون إن البنك المركزي مستقل...حسنا، ليكن مستقلا، ولكنني سياسي...لا يمكنني أن أسمح بالاستخفاف بحقوق الناس والقانون من خلال فرض أسعار فائدة مرتفعة». وأضاف أنه خلال 14 سنة من توليه الحكم في تركيا كان خفض أسعار الفائدة من بين الملفات التي «أخفقت في تحقيق تقدم فيها».

(الأخبار، أ ف ب)