اتخذ قادة مجموعة «الدول السبع» (الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان) موقفاً شبه موحد ضد روسيا في البيان الختامي الصادر عن قمة ألمانيا، ملوحين بزيادة العقوبات عليها، وذلك تحت عنوان «العدوان الروسي» على أوكرانيا، على حد تعبير الرئيس الأميركي، باراك اوباما.
من قصر إلماو على جبال الألب، في مقاطعة بافاريا الألمانية، لوّح قادة دول مجموعة السبع بتشديد العقوبات على روسيا «إذا تطلبت تصرفاتها ذلك»، قائلين في البيان الختامي لاجتماعهم إن «مدة العقوبات ترتبط ارتباطاً صريحاً بالتطبيق الكامل لاتفاقات مينسك، وباحترام روسيا لسيادة أوكرانيا. ويمكن رفع هذه العقوبات عند احترام روسيا التزاماتها». وجاء في البيان الختامي: «نعرب عن قلقنا من اشتداد المعارك أخيراً على خط التماس. نكرر دعوتنا جميع الأطراف الى الاحترام التام لوقف اطلاق النار وإلى سحب الاسلحة الثقيلة». وطالب البيان روسيا بـ«التوقف عن تقديم أي دعم عبر الحدود الى القوات الانفصالية (وحدات الدفاع الشعبي في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك)... وممارسة نفوذها الكبير الذي تتمتع به لدى الانفصاليين لحملهم على احترام تعهدات مينسك بالكامل». وأشار البيان إلى إمكانية رفع العقوبات عن روسيا إذا ما «أوفت (الأخيرة) بالتزاماتها في اتفاقات مينسك (وقف إطلاق النار)».
وكان وزير الدفاع الاوكراني قد اتهم وحدات الدفاع الشعبي في الجمهوريتين اللتين أعلنتا استقلالهما عن كييف بنشر 40 ألف عسكري على الحدود الاوكرانية، وهو ما يعادل «جيش دولة اوروبية متوسطة الحجم»، على حد قوله.
«في النهاية ستكون هذه القضية في يد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، وعليه ان يقرر»، قال أوباما في ختام الاجتماع، مضيفاً: «هل يريد (بوتين) أن يواصل تدمير اقتصاد بلاده واستمرار عزلة روسيا، سعياً وراء رغبة خاطئة بإحياء أمجاد الامبراطورية السوفياتية، أم هل يدرك أن عظمة روسيا لا تعتمد على انتهاك (أراضي دول اخرى)؟». ورغم إشارة المستشارة الالمانية، انغيلا ميركل، التي تستضيف المحادثات، إلى أن روسيا شاركت في حل العديد من الازمات العالمية، داعية إياها إلى «التعاون»، إلا أنها وجهت انتقاداً حاداً إلى موسكو، قائلة إن «مجموعة الدول السبع تتشارك قيماً موحدة، مثل الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، وبالتالي نستطيع القول إنها مجتمع يتحمل المسؤولية».
وفي سياق آخر، حثت ميركل قادة الدول الصناعية السبع على تقديم تعهدات واضحة لجهة خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. واعتبر البيان الختامي للقمة أنّ من «الضروري القيام بخفض كبير لانبعاثات غازات الدفيئة»، والعمل على «الحد من دور ثاني اكسيد الكربون في الاقتصاد العالمي» خلال القرن الحالي. وأعرب المشاركون عن التزامهم هدف تقليص شامل لغازات الدفيئة، يراوح بين 40 و70% منها مع حلول عام 2050، وذلك مقارنة بمستويات 2010، و«في اطار مجهود عالمي». ورحب أوباما بما وصفه بالتقدم الذي أحرز خلال القمة حول التوصل الى اتفاق عالمي «قوي» بحلول نهاية السنة في مؤتمر باريس لمكافحة الاحتباس الحراري. كذلك رحب الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، بالصيغ الواردة في البيان، معتبراً أنها تفتح طريق إنهاء حقبة الوقود الأحفوري، وواصفاً الالتزامات التي قدمها قادة الدول المجتمعين بـ«الطموحة والواقعية».
وجاء في البيان الختامي للقمة أيضاً أنه «في مواجهة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ينبغي ان تبقى مكافحة الارهاب... أولوية المجتمع الدولي بمجمله». وتحدث البيان عن دعم «التحالف الدولي» ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش). وخص البيان الختامي تنظيم «بوكو حرام» الإسلامي بالذكر، وجاء فيه: «نجدد تأكيد التزامنا هزيمة هذه الجماعة الارهابية ومكافحة انتشار أيديولوجيتها الكريهة». وعلى المستوى الاقتصادي، تحدث البيان الختامي للقمة عن التزام الدول السبع «مواصلة جهودها لتحقيق النمو للجميع ومعالجة مواطن الضعف» في اقتصاداتها، عبر دعم الاستثمارات في التعليم والبنى التحتية، وخفض مستويات الدين، واجراء «اصلاحات بنيوية» في اقتصادات دول العالم. وأيد البيان الختامي التبادل التجاري الحر، لكن «في اطار احترام الحد الادنى من معايير العمل واستخدام الموارد». وفي السياق، ناقشت القمة أزمة الديون اليونانية، حيث حذرت ميركل من قرب نفاد الوقت المتاح لحل الأزمة، وقال أوباما إن على اليونان اتخاذ «خيارات سياسية صعبة... ستكون جيدة بالنسبة (إلى اليونانيين) على المدى الطويل».
من جهتها، رأت روسيا في مواقف جاءت على لسان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أنه لا جديد في التوجه العدائي الذي يتبناه قادة مجموعة الدول السبع تجاه موسكو، ملمحاً إلى تمايزات في مواقف الدول الأعضاء في المجموعة حول العقوبات. وقال بيسكوف يوم أمس إن «أطروحات (القمة) ليست جديدة»، لافتاً إلى «اختلافات دقيقة في التوجهات بين المشاركين في هذا الاجتماع. البعض تحدث عن الحاجة للحوار مع روسيا واستحالة حل المشكلات الخطيرة دون حوار؛ لذلك نحن مستمرون في المراقبة عن كثب».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)