تراجعت الأزمة الأوكرانية إلى الوراء، قليلاً، لتفسح مجالاً أمام «بحث محاربة داعش»، خلال اجتماع وزراء خارجية «حلف شمال الأطلسي» الذي عقد، أمس، في أنطاليا جنوب غرب تركيا، والذي شكل فرصة أمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعا خلالها إلى ترتيبات دفاعية أوضح، بين دول الخليج والولايات المتحدة و«الحلف الأطلسي»، من أجل مكافحة الإرهاب.
قبل انعقاد الاجتماع، الذي يستكمل أعماله اليوم، أعلن الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» ينس شتولتنبرغ أن وزراء خارجية «الحلف» المجتمعين في تركيا، سيبحثون إمكانية قيام «الحلف» بالمزيد في مواجهة تنظيم «داعش». وأضاف شتولتنبرغ، للصحافيين، أن «إحدى القضايا المهمة في هذا الاجتماع... ستكون كيف يمكن الحلف فعل المزيد في مكافحة الإرهاب وفي قتال الدولة الإسلامية».
كيري دعا إلى ترتيبات دفاعية أوضح بين دول الخليج وأميركا و«الأطلسي» لمكافحة الإرهاب

ويأمل «حلف شمال الأطلسي»، من خلال الاجتماع في تركيا التي لها حدود طولها 1200 كيلومتر مع العراق وسوريا، أن يبيّن أنه يستجيب لمخاوف أعضائه الجنوبيين، مع تعزيز موقف أعضائه في شرق أوروبا «القلقين مما يحصل في شرق أوكرانيا». وفي هذا الإطار، شدّد رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو، في افتتاح اجتماع «الحلف»، على أن تنظيم «داعش» يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي لبلاده، وحثّ باقي دول العالم على تعزيز التنسيق لمكافحة «المتشددين».
ودعا داود أوغلو إلى استراتيجية شاملة تغطي النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، بهدف استئصال أسباب العنف التي يقوم بها «التنظيم المتشدد».
وزير الخارجية الأميركي جون كيري، دعا إلى ترتيبات دفاعية أوضح بين دول الخليج والولايات المتحدة و«الحلف الأطلسي» لمكافحة الإرهاب، متحدثاً قبل ساعات على انعقاد اجتماع بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة خليجيين في البيت الأبيض. وقال كيري، قبل اجتماع وزراء خارجية «الحلف الأطلسي»، «أعتقد أن جميع الدول الأعضاء (في الحلف) على قناعة بأن وضع... ترتيبات دفاعية أوضح مع دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول الصديقة وبين الولايات المتحدة سيكون أساسياً لمساعدتها على التصدي للإرهاب». وتابع كيري أن هذا النوع من الاتفاقات يمكن أن يساعد على مكافحة «بعض الأنشطة التي تجري في المنطقة والتي تزعزع جميع هذه الدول».
أما عن أوكرانيا، فقد رأى كيري أن «الوقت حاسم» من أجل تحرك روسيا والانفصاليين في شرق أوكرانيا، لالتزام اتفاق الهدنة، الذي جرى التوصل إليه لوقف المعارك في هذا البلد، معتبراً أنه «من الحاسم» أيضاً السماح لمراقبي «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، الدخول إلى مناطق النزاع لمراقبة تطبيق الهدنة.
ويأتي كلام كيري غداة لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي، في أولى مؤشرات التهدئة بين واشنطن وموسكو، بعد أزمة استمرت أكثر من عام على خلفية الأزمة الأوكرانية. وفي هذا المجال، قال إن الولايات المتحدة تفضل عدم استمرار العقوبات على روسيا، لكنها ستحتفظ بها، ما استدعى الأمر ذلك، مضيفاً أن هناك «إجماعاً» بين أعضاء دول «الحلف الأطلسي» حول أهمية التزام روسيا باتفاق مينسك.
من جهته، حذر شتولتنبرغ روسيا، من أن «الوقت الآن يحتم التحرك»، مضيفاً أن «هناك ضرورة ملحة في ما يتعلق بتنفيذ اتفاق مينسك».
وفي أعقاب الاجتماع، جرى الاتفاق بين قادة «الحلف الأطلسي» وأفغانستان على إطار لوجود عسكري ـ مدني مستقبلي مشترك في أفغانستان، عند انتهاء مهمة الحلف الحالية في البلد، بحسب ما أفاد ستولتنبرغ. فمع تعرض قوات الأمن الأفغانية إلى هجمات متواصلة من مسلحي «طالبان»، أقرّ شتولتنبرغ بأن أفغانستان لا تزال «مكاناً خطراً». وقال إنه رغم أن هذه المهمة الجديدة ستشتمل على عنصر عسكري، إلا أنها ستكون بقيادة مدنية. وأضاف: «لقد اتخذنا قراراً مهما... سنحافظ على وجودنا في أفغانستان حتى بعد انتهاء مهمتنا الحالية»، مشيراً إلى أنه «خلافاً للمهمة الحالية فإن وجودنا المستقبلي سيكون بقيادة مدنية». كذلك أوضح أن البعثة المستقبلية «سيكون لها وجود خفيف ولكن سيكون فيها عنصر عسكري». ولم يتضح على الفور متى تبدأ البعثة الجديدة. وأشار إلى أن «الهدف من المهمة هو تقديم المشورة للمؤسسات الأفغانية ومساعدتها على أن تصبح مكتفية ذاتياً ومساعدتها على البناء على ما حققته حتى الآن».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)