موسكو | قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، يوم الاثنين الماضي، برفع الحظر عن توريد بطاريات منظومة صواريخ الدفاع الجوي «إس-300» إلى إيران لم يكن مفاجئاً للمراقبين بقدر ما كانت مفاجئة ردود الفعل المتحفظة في الإدارة الأميركية، حيث اكتفى جوش إرنست، السكرتير الصحافي للرئيس باراك أوباما، بالإعراب عن «المخاوف الجدية» التي يثيرها القرار الروسي في البيت الأبيض، كذلك اكتفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف أيضاً بالإعراب عن قلق بلادها، معترفة بأن رفع الحظر عن توريد الصواريخ الروسية إلى الجمهورية الإسلامية لا يُعَدّ انتهاكاً للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على طهران عام 2010.
غير أن موسكو فجّرت المفاجأة الكبرى في اليوم التالي؛ فبعد استخدامها الفيتو في مجلس الأمن الدولي مرتين في وقت سابق للحؤول دون إصدار قرار يضع اليمن تحت الفصل السابع، امتنعت روسيا عن التصويت يوم الثلاثاء الماضي بعد أسبوعين من النقاشات وإثر رفض مشروع القرار الروسي، الأمر الذي أفسح المجال لتمرير قرار أردني أميركي بريطاني بشأن اليمن تحت الفصل السابع.
و تقول الصحافية الروسية ماريانا بيلينكايا إن «استخدام روسيا الفيتو في هذه الحالة لم يكن ليغيّر شيئاً ونيران الحرب مستعرة»، ولا سيما أن «موسكو لا تؤيد بشكل عام في اليمن طرفاً محدداً، فمن الأهم لروسيا حقيقة عدم شرعية الحملة العسكرية التي أطلقتها السعودية ضد اليمن».
ويرى المستعرب الروسي غريغوري ميرسكي أن الموقف الروسي من القرار الأممي 2216 «مدروس» و«متزن». ويلفت ميرسكي إلى أن موسكو بهذه الصورة لم تفسد علاقاتها مع دول الخليج أو مع إيران، ويقول: «لو أن روسيا استخدمت الفيتو، لتدهورت علاقاتها الجيدة مع دول تمثل الإسلام السنّي مثل مصر والأردن وفلسطين».
من ناحية أخرى، يضيف الخبير الروسي أن روسيا لم تكن قادرة بشكل كامل على تأييد القرار الأردني البريطاني الأميركي، لأن ذلك سيعني أنها ستكون «في خندق واحد مع الأميركيين»، ما «سيفسد علاقاتها مع طهران».
ويؤكد غريغوري ميرسكي أن موقف موسكو مربح لها، وذلك واضح مقارنةً بالوضع الذي وجدت واشنطن نفسها فيه، إذ إن «الأميركيين لا يستطيعون مساندة الحوثيين الذين تحاربهم السعودية التي تعدّ الحليف الأساس لواشنطن في المنطقة. ومن جانب آخر، لا تستطيع الولايات المتحدة مساندة السنّة بشكل كامل لأن تنظيم «القاعدة» اليمني يمثلهم».
من جانبه، يؤكد المستعرب الروسي يفغيني ساتانوفسكي أنه «ليس لدى روسيا أي مصالح في الحرب اليمنية، ويضيف أن الثمن الذي سيدفعه السعوديون لمشاركتهم في النزاع اليمني «سيكون غالياً، بل غالياً جداً»، وإن «هذه ليست حربنا».
وخلافاً للشأن اليمني، كان بوتن قد اتخذ قراراً سياسياً جريئاً برفع الحظر عن توريد الصواريخ إلى إيران، ما يعني فعلياً استئناف التعاون العسكري مع طهران، الذي انقطع منذ عدة أعوام. وقد اتخذ القرار على خلفية نجاح مفاوضات إيران مع القوى الست الكبرى وإمكان إلغاء العقوبات الاقتصادية بنهاية حزيران المقبل.
ويوضح الخبير الأميركي المختص بشؤون الشرق الأوسط ثيودور كراسيك أن قرار الكرملن بتوريد خمس بطاريات من منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-300» إلى الجمهورية الإسلامية مرتبط بالرغبة الروسية في التوطد في السوق الإيرانية العسكرية والنفطية الواعدة بعد إلغاء العقوبات المرتقب.
ولا يستبعد مراقبون أن يكون امتناع موسكو عن التصويت في مجلس الأمن مرتبطاً بردود الفعل الأميركية المتحفظة على قرار الكرملن إزاء طهران.