لم تكد موسكو تعلن أنها سترفع الحظر عن توريد أسلحة «أس 300» إلى طهران، حتى سارعت واشنطن إلى التعبير عن قلقها، وتل أبيب عن تنديدها، معتبرة أن القرار هو من تبعات الاتفاق الجاري عقده مع إيران، حول برنامجها النووي.وقد وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، مرسوماً يلغي حظر تسليم إيران صواريخ «أس-300»، الذي كان الرئيس السابق ديمتري مدفيديف قد أصدره عام 2010، وفقاً لما أعلنه الكرملن. وكان مدفيديف قد منع تسليم هذه الصواريخ إلى إيران، بموجب عقد انتقده الغربيون وإسرائيل طبقاً لقرار للأمم المتحدة، يفرض على إيران عقوبات بسبب برنامجها النووي.

ورحّبت طهران بالخطوة الروسية، مؤكدة أنها يمكن أن تساعد في إحلال «أمن دائم» في المنطقة. وقال وزير الدفاع الإيراني حسن دهقان إن «تطوّر التعاون الثنائي مع روسيا ومع الدول المجاورة في مجالات مختلفة يمكن أن يكون فعالاً جداً من أجل الاستقرار والأمن الدائم في المنطقة»، في إشارة إلى «التهديدات من خارج المنطقة وازدياد النشاطات الإرهابية».
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أن بلاده تزوّد إيران بالحبوب والمعدات، في مقابل إمدادات من النفط الخام، في إطار اتفاق مقايضة بين البلدين، مؤكداً أن إمدادات موسكو لا تنتهك العقوبات الحالية المفروضة على إيران.
قال فابيوس إن هناك نقاطاً رئيسية يجب حلّها بعد الاتفاق الإطاري مع إيران

وفي اجتماع للجنة الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي، شدّد ريابكوف على أن بلاده تطالب برفع الحظر على تزويد إيران بالسلاح، مع توقيع اتفاق نهائي حول برنامج طهران النووي. وقال إن آفاق وشروط رفع هذا الحظر مسألة عالقة، مؤكداً أن روسيا تطالب قبل كل شيء بإلغائه كخطوة أولى بعد توقيع اتفاق نهائي.
وفي حين أكد الدبلوماسي الروسي أن فرض عقوبات على إيران من جديد ممكن فقط بقرار خاص من مجلس الأمن الدولي، إلا أنه لفت إلى أن احتمال استئناف سريان مفعول العقوبات ضد إيران تلقائياً أمر غير مقبول. وقال ريابكوف «كنا نتمسك، وسنواصل تمسكنا لاحقاً، خلال عملية المفاوضات بأكملها، بعدم جواز تقويض القانون الدولي ودور ونفوذ مجلس الأمن الدولي».
من جهة أخرى، لفت الدبلوماسي الروسي الانتباه إلى أن المفاوضات بين إيران والسداسية ستجري قبل نهاية نيسان الحالي، مشيراً إلى أن من غير الواضح الآن مستوى تمثيل الأطراف في الجولة الجديدة. وأعرب عن اقتناعه بأن الاتفاق المستقبلي حول البرنامج النووي الإيراني سيسمح بتسوية «إحدى بؤر التوتر الأكثر قدرة على الانفجار في منطقة الشرق الأوسط الواقعة قرب حدودنا، وسيساهم في قسط كبير في العمل على تعزيز نظام عدم الانتشار النووي وآلياته»، مؤكداً أن ذلك يتطابق تماماً مع مصالح روسيا.
في السياق ذاته، نقلت وكالة «انترفاكس» عن مسؤول في وزارة الدفاع الروسية قوله إن الوزارة ستكون مستعدة لتسليم منظومة الصواريخ لإيران سريعاً، إذا حصلت على الضوء الأخضر لعمل ذلك، في حين أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن منظومة الصواريخ لأغراض «دفاعية ولا تشكل تهديداً على دول المنطقة، بما فيها إسرائيل». وأشار إلى أن إيران، في ضوء التطورات الأخيرة في اليمن، باتت بحاجة إلى منظومة دفاع جوي عصري. كذلك ذكر أن موسكو تأخذ في عين الاعتبار في هذه الخطوة «السمعة والتجارة»، موضحاً أن بلاده «لم تعد ترى ضرورة للحظر الطوعي الذي فرضته على إيران».
في مقابل ذلك، ردّت واشنطن على هذا الإعلان عبر وزير خارجيتها جون كيري، الذي عبّر لنظيره الروسي عن «القلق» من قرار بلاده رفع الحظر عن تسليم صواريخ لإيران. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست، للصحافيين، إن قرار روسيا بدء مقايضة النفط مقابل السلع قد يثير القلق أيضاً بشأن العقوبات.
لكن كيري دافع، في هذه الأثناء، عن التفسير الذي قدمه لاتفاق الإطار الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، بعد التفسير المختلف الذي أعلنه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وقول السيناتور في مجلس الشيوخ جون ماكين إن كيري «واهم».
وقال وزير الخارجية الأميركي لمحطة «إيه.بي.سي.»، «أتمسك بكل حقيقة ذكرتها». وعن التصريحات الإيرانية، قال «تعرفون أنهم سيضعون بصمتهم على وجهة نظرهم وسيزعمون بالتأكيد أننا نضع بصمتنا على وجهة نظرنا».
أميركياً أيضاً، قال المتحدث باسم الوزارة العقيد ستيف وارن للصحافيين «معارضتنا لبيع هذه الصواريخ قديمة وعلنية. ونحن نعتقد أن (بيع الصواريخ) لا يساعد». وأشار وارن إلى أنه لم يتضح، على الفور، ما إذا كان قرار بوتين هو في حدّ ذاته انتهاكاً للعقوبات الدولية المتفق عليها، مضيفاً أن «محامي الوزارة سيدرسون ذلك.. فأيّ مبيعات لتكنولوجيا متطورة تسبب لنا القلق».
من جهتها، ندّدت إسرائيل بقرار روسيا، ورأى وزير الاستخبارات يوفال شطانينتس، في بيان، أن «هذه نتيجة مباشرة للشرعية التي منحت لإيران عبر الاتفاق الجاري إعداده، والدليل على أن النمو الاقتصادي الذي سيلي رفع العقوبات ستستغله إيران في مجال التسلّح وليس لما فيه خير الشعب الإيراني».
وقال شطانينتس«مع تنصّل إيران مادة بعد مادة من اتفاق الإطار.. بدأ المجتمع الدولي بالفعل بتخفيف العقوبات»، مضيفاً أنه «بدلاً من مطالبة إيران بوقف نشاطها الإرهابي في الشرق الأوسط والعالم، يتم السماح لها بتسليح نفسها بأسلحة متقدمة ستزيد من عدوانها».
ويأتي الإعلان الروسي غداة زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرياض لطمأنة حلفائه السعوديين بشأن الاتفاق النووي المتوقع مع إيران. ورغم أن فابيوس أشار، خلال الزيارة، إلى أن «ما تمّ الاتفاق عليه حتى الآن إيجابي»، إلا أنه لفت إلى أن هناك نقاطاً رئيسية ما زال يتعيّن حلّها بعد الاتفاق الإطاري مع القوى الكبرى.
وفي مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي سعود الفيصل، شدّد وزير الخارجية الفرنسي على أنه «يجب ألا يكون هناك بعد عسكري ممكن»، إضافة إلى «مسألة العقوبات ورفعها وإعادتها»، إذا ما انتهكت إيران تعهداتها.
وأوضح أن «هاتين المسألتين لم تحلّا بعد، وما زال يجب العمل عليهما»، مضيفاً أن «فرنسا تتطلّع إلى اتفاق صلب ويمكن التحقق منه».
من جهته، قال سعود الفيصل «نحن متفقون على أنه يجب أن يكون الاتفاق النهائي واضح، وألا يكون هناك شيء مخفي، وأن تبقى منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)