طهران | قراءات عديدة سيشهدها الإعلان السياسي النووي، فخلال السنوات الماضية، كانت هناك معايير واضحة للحكم على التفاوض ونتائجه. هذا الموضوع يفتح الباب أمام وضع لائحة من المعايير، يتم من خلالها تقويم أي اتفاق نووي من وجهة نظر إيرانية. وبحسب المتخصصين في الشأن النووي الإيراني، فإن هذه المعايير ستكون الحكم في تقويم أي اتفاق نووي محتمل.
أولاً ـ المبنى الذي وضعت على أساسه سطور الإعلان أو الاتفاق النووي، في حال التوصل إلى حلّ نهائي، ما يعني العودة إلى القانون الذي سيكون الحكم والمرجع لأي تفسير في الاتفاقية. وفي هذا الإطار، من المفترض أن تكون معاهدة الحدّ من الانتشار النووي هي المبنى القانوني لتأمين الحق الإيراني ومرجعاً أساسياً لضمان هذه الحقوق، عبر ما تنص عليه هذه المعاهدة الموقعة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ثانياً ـ التعادل بين ما ستقدمه إيران على طاولة البحث وما ستحصل عليه، وهل قدّمت ما هو على مستوى الأمور التي ستحصل عليها؟ هل لامس التفاوض الخطوط الحمراء لدى الطرفين؟ هذا الأمر يعني أن تقويم الاتفاق إيرانياً سيكون عبر التوازن بين ما قدّم و ما تم الحصول عليه.
يجب أن لا يتضمن
الاتفاق أي فقرة أو كلمة أساسية مبهمة

ثالثاً ـ الضمانات التي ستطرح وعدم الإخلال بها وآلية تنفيذها، وخصوصاً من الجانب الغربي والأميركي، ستكون مسألة بالغة الأهمية، يضاف إليها من سيحاسب الطرف الآخر في حال عدم التزامه بتعهّداته، حيث يجب أن تكون بنود الاتفاق صريحة ومضمونة، الأمر الذي يمهد للخطوات التالية.
رابعاً ـ الوضوح في التعابير المستخدمة وعدم وجود ثغر لغوية تسمح للطرف المقابل بتأويلها وتفسيرها بخلاف ما تم الاتفاق عليه. ولهذا، كان وجود متخصصين لغويين ضرورياً على طاولة المباحثات، لدراسة البنود كلمة كلمة لضمان تطبيقها حرفياً.
خامساً ـ الخطوط الحمر، من بينها موضوع تخصيب اليورانيوم والعمل على تطوير المشروع النووي، يجب أن تكون خارج التسويات. وهنا يمكن الحكم على نجاح الاتفاق بقدر المكتسبات الإيرانية التي حققتها من دون المساس بالخطوط الحمر.
سادساً ـ إمكانية العودة إلى ما قبل الاتفاق. هنا تكمن النقطة الأساسية في تقويم أي اتفاق والقدرة الإيرانية بالعودة الى ما قبله، أي في حال عدم التزام الطرف الآخر، كم سيستغرق من الوقت لتتحرّر إيران من الالتزامات التي تعهّدت بها، والعودة بالمشروع النووي إلى الوضع الحالي، أي إلى ما قبل اتفاق جنيف النووي. وهنا تحدّد قيمة الاتفاق ونجاحه في حال كانت البنود تسمح بالعودة السريعة إلى الأنشطة النووية إلى ما قبل الاتفاق.
بناءً على ما تقدم، هناك العديد من النقاط ــ بحسب معنيين خاضوا أكثر من عشر جولات مباحثات نووية ــ يجب أن تكون في الاتفاق النهائي وأخرى يجب تجنّبها.
النقاط التي يجب أن يحويها أي اتفاق لوصفه بالاتفاق الجيّد إيرانياً:
1 ـ يجب أن ترفع كل العقوبات بشكل فوري بعد توقيع الاتفاق والتزام إيران بتعهّداتها.
2ـ ضرورة أن تكون المواعيد المقرّرة لتنفيذ الاتفاق واضحة وصريحة وغير قابلة للتعديل.
3ـ وجوب أن يشمل الاتفاق إقراراً باستكمال الأنشطة النووية بشكل اعتيادي، بعد نفاد موعد الاتفاقية.
4ـ يجب على الاتفاق النهائي أن يقرّ بحق تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي.
5ـ أن يتضمن الاتفاق بنوداً جزائية، في حال إخلال السداسية الدولية بأي من بنود الاتفاق.
6ـ التأكيد على إمكانية استكمال الأنشطة النووية بشكل عادي مستقبلاً.
7ـ يجب أن يسمح الاتفاق بتخصيب اليورانيوم والوصول إلى قدرة مئة وتسعين ألف «سو»*
8ـ أن يكون ما يقدّمه الجانب الإيراني على مستوى ما سيحصل عليه من قبل السداسية الدولية.
إذاً، ما سبق هو ما يجب أن يتضمنه الاتفاق النهائي وفق التحليل الإيراني، أما البنود التي يجب ألا تكون في الاتفاق:
1ـ يجب عدم وضع شروط على الأبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي وأن يعترف بها رسمياً بشكل كامل.
2ـ أن لا ينص الاتفاق على الخوض في أي من المجالات الدفاعية الإيرانية، وخصوصاً الصاروخية مستقبلاً.
3ـ يجب أن لا ينص الاتفاق على خفض العمل بمفاعل آراك للمياه الثقيلة بما يؤدي إلى تعطيله، بعد إعادة هيكلته.
4ـ يجب أن لا تكون نسبة وحجم اليورانيوم المخصّب أقل من احتياجات البلاد.
5ـ لا يمكن أن يحرم الاتفاق إيران من أي حق تنص عليه معاهدة الحدّ من الانتشار النووي.
6ـ يجب أن لا يتضمن الاتفاق أي فقرة أو كلمة أساسية مبهمة تفسّر لاحقاً خلافاً للاتفاق.
7ـ أن لا تنص الاتفاقية على تحويل منشأة «فردو» إلى منشأة غير تخصيب اليورانيوم بعد نفاد مهلة السنوات العشر.
8_ يجب أن لا يربط موضوع تنفيذ البنود غربياً بمبدأ بناء الثقة إيرانياً، بل على أساس التنفيذ المتزامن.
إذاً، معايير وبنود على المفاوض الإيراني أن يتنبه لها، مكونات طرحها أشخاص خارج الإطار التفاوضي في لوزان، ولكنهم عملوا لسنوات في صلب الملف النووي، لتبقى العبرة من المباحثات في التوصل إلى حل نهائي سيكون الحكم عليه، بعد توقيعه نهاية شهر حزيران المقبل.

* «سو» هي وحدة قياس عمل أجهزة الطرد المركزي، كالـ«وات» والـ«فولت»، وهي اختصار لكلمة «SWU «Separative Work Unit