نجحت إيران، وفشلت إسرائيل بفعل خضوع الغرب للإرادة الإيرانية. هذه هي خلاصة التعليقات الإسرائيلية التي امتلأت بها شاشات التلفزة مساء أمس، وعبرت عن خيبة أمل وقلق وشعور بفشل الرهانات على كل الجهود السياسية والأمنية والدبلوماسية وعمليات التهويل التي مارستها تل أبيب طوال السنوات الماضية، وخاصة أن النتيجة التي خلص إليها هذا المسار، بحسب البنود التي تم الإعلان عنها أمس، ستؤدي إلى تكريس إيران دولة حافة نووية، مع رقابة دولية ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، وهو السيناريو الأسوأ الذي تخوفت منه تل أبيب.
كما خلا البيان من أي إشارة إلى المطالب التي شدد عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، سواء لجهة ربط رفع العقوبات بتغيير سياسة إيران الخارجية، وتبديل موقفها من وجود إسرائيل ومن دعم حركات المقاومة أو في ما يتعلق بالحد من تطوير قدراتها الصاروخية.
اكتفى نتنياهو حتى الآن، بتعليق عبر تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»، بالتأكيد على «ضرورة أن يتضمن أي اتفاق تراجع قدرة طهران النووية بشكل ملحوظ ووضع حد لعدوانيتها ونشاطاتها الإرهابية». وأرفق نتنياهو كلامه بخريطة يبين من خلالها مشاركة إيران في الصراعات الدائرة في العراق ولبنان ومصر واليمن. ويشكل هذا الموقف تكراراً للأولوية الإسرائيلية التي تتمحور حول ضرورة انتزاع تنازلات من طهران تتعلق بسياساتها الخارجية، وهو ما لم ينطو عليه البيان الذي تم إعلانه.
وزير الاستخبارات: كل الخيارات بما ذلك العمل العسكري قائمة في وجه إيران

أما مسؤول الملف النووي في الحكومة الإسرائيلية ووزير الاستخبارات، يوفال شطاينتس، فاعتبر أن إيران رفضت التنازل في الموضوع النووي ومستمرة في تهديد إسرائيل، وبالتالي فإن الابتسامات في لوزان منفصلة عن الواقع. وأكد شطاينتس أن هذه النقطة ستقف عندها إسرائيل خلال الأشهر المقبلة. ولفت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين «سيستمرون في جهودهم لشرح وإقناع العالم، على أمل منع اتفاق سيئ أو على الأقل إدخال تعديلات عليه». وأقرّ شطاينتس بأن هناك خيبة أمل من أن إسرائيل لم تستطع إقناع الدول الكبرى بعدم التفاوض مع إيران، في الوقت الذي تقوم فيه بممارسة أعمال إرهابية وعدوانية في أنحاء الشرق الأوسط وفي العالم كله.
وأكد شطاينتس أن كل الخيارات بما في ذلك العمل العسكري، قائمة في مواجهة إيران تمتلك سلاحاً ذرياً، مشدداً على أن بلاده ستتحرك في مجالي الدبلوماسية والاستخبارات لكن «إذا لم يكن لدينا خيار (...) فالخيار العسكري على الطاولة».
كذلك اعتبر مسؤول إسرائيلي، في تصريح خطي، طالباً عدم ذكر اسمه، أنه «إذا تم التوصل إلى اتفاق (نهائي) استناداً إلى هذا الاتفاق ــ الإطار، فسيكون هذا خطأ تاريخياً سيجعل العالم أكثر خطراً بكثير» مما هو عليه اليوم.
من جهته، رأى مصدر أمني أنهم الآن «مشغولون في فهم التفاصيل الصغيرة التي يتضمنها الاتفاق، والتفسيرات التي ستقدمها إيران، وعليه من المبكر أن نفهم حول ماذا تم الاتفاق».
مع ذلك، لم ينتظر المعلقون الإسرائيليون صدور مواقف رسمية إسرائيلية حتى يحددوا بوصلة التقويم والموقف، بل انطلقوا مباشرة في توصيف ما جرى، وخاصة أن ما تم الاتفاق عليه يتعارض مع كل الضوابط والشروط التي طالبت بها تل أبيب. أضف إلى أن إيران حصلت وفق تقدير المعلقين الإسرائيليين على اعتراف دولي بها كدولة حافة نووية.
واعتبرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أن إيران حصلت على أغلب ما أرادته في المفاوضات النووية وهذه أخبار سيئة لإسرائيل، مشيرةً إلى أن المعلومات التي وردت عن نتيجة هذه المحادثات مقلقة جداً لتل أبيب، وتبيّن خضوع الغرب لكل المطالب الإيرانية.
وعلى هذه الخلفية، رأت القناة أن الاتفاق بالنسبة إلى إسرائيل «ليس سيئاً فقط، بل سيئ بامتياز». وانتقدت مواقف الدول الغربية بالقول إن العالم «مستمر في إغماض عينيه مقابل إيران، وهي مستمرة في عدوانيتها ضد الشرق الأوسط وضد إسرائيل».
من جهته، قال يوئيل غوزانسكي الذي كان كبير المسؤولين عن القضايا المتعلقة بإيران في مجلس الأمن القومي، ويوسي كوبرفاسر المدير العام في وزارة الشؤون الاستراتيجية من 2011 إلى 2014 أن إسرائيل يجب أن تقول أنها غير ملتزمة بهذا الاتفاق ـ الذي يمنح أيضاً شرعية لإيران ـ وستفعل ما بوسعها لحماية نفسها.
وأوضح كوبرفاسر أن «أهم شيء سيكون تحسين القدرات العسكرية والاستخبارية والاستثمار فيها» للتنبه في حال بدأت إيران بانتاج قنبلة نووية.