اختراق في لوزان يحيي الأمل بإمكانية التوصل إلى تقدم نوعي اليوم، وإن كان لا يعني بالضرورة حتمية التوصل إلى اتفاق. تفاهم أوّلي على ملف العقوبات، يقرّ بحق إيران في رفع الاقتصادية والمالية منها، وتتضمن العقوبات على النفط والأموال والأشخاص، مع فصلها عن العقوبات المتعلقة بالتقنية النووية التي لا تزال محل خلاف ويمنع على الجمهورية الإسلامية التعامل بها مع أي دولة من دول العالم. ولعل ما يعبّر عن حجم التفاؤل قرار المتفاوضين بتمديد المحادثات الى اليوم، في تخطّ للمهلة النهائية التي سبق أن حدّدوها لأنفسهم للتوصل إلى اتفاق كانوا قد وصفوه بـ«التاريخي»، في حال حصوله، وعودة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من موسكو إلى لوزان. عودة سبق أن ربطها بحصول تطور يمكن البناء عليه للتوصل الى اتفاق نهائي.
وتتحدث مصادر إيرانية معنية عن وجود عقدتين «يبدو من الصعب جداً حلّهما». وتوضح أن الطرف الأميركي يصرّ على أن يصدر أيّ قرار دولي بالاتفاق النووي تحت الفصل السابع، في خطوة ترى فيها طهران إقراراً منها بأن برنامجها الدولي كان يشكل خطراً على السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن أنه يعطي الولايات المتحدة والغرب عموماً شرعية اللجوء إلى القوة في حال حصول أي مشاكل في تطبيق الاتفاق. وتضيف المصادر نفسها أن هناك إصراراً أميركياً ثانياً على أن تكون مراقبة تطبيق الاتفاق وفق مبدأ PMD) probable military dimension) أو الأبعاد العسكرية المحتملة. مبدأ يقضي، بحسب التفسير الإيراني، بإعطاء الغرب الحق في مراقبة أي برنامج يمكن أن يستخدم لأغراض عسكرية نووية، مثل برنامج الصواريخ البالستية التي يمكن أن تحمل رؤوساً نووية.
الجميع متفق على أن الوضع سيكون أكثر تعقيداً وصعوبة

وكان لافروف قال، قبل مغادرته موسكو، أمس، «هناك فرص كبيرة، ربما لا تصل إلى 100 في المئة، غير أنه لا يمكن التأكد مئة في المئة من كل شيء».
ومع استمرار الغموض حول ما ستحمله الساعات المقبلة وترافقها بالتفاؤل والتشاؤم، يبقى التساؤل عمّا ستؤتيه من جديد نسبة إلى 18 شهراً من التفاوض المباشر حفلت، بدورها، بتقدّم تارة وتعثّر تارة أخرى، كانت قد عبّرت عنهما ألسنة المفاوضين وأصحاب القول في هذا المجال.
حتى مساء أمس، أبدت الولايات المتحدة استعدادها لمواصلة العمل، بسبب إحراز تقدّم. كذلك فعل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أعرب عن تخوّفه من قضاء الليل في التفاوض، رغم حديثه عن تقدّم.
من جهتها، حافظت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على تفاؤلها الحذر، رغم القلق الذي كان قد أبداه، ليل أول من أمس، وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير. وقالت ميركل إن توصل المفاوضين في سويسرا إلى اتفاق مع إيران سيكون إشارة إيجابية، موضحة في الوقت ذاته أن المحادثات لم تشهد أي انفراجة.
«التقدم ببطء» هو التعبير الأدق الذي لجأ إليه الجانب الإيراني، وهو قد بدا أكثر وضوحاً في إلقاء الضوء على مسار المفاوضات الماراثونية. فقد قال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمال وندي، إنه «نظراً إلى تعقيد المسائل وواقع أن الأمر يتعلق بالدراسة النهائية للمواضيع، فإن ذلك يجري ببطء».
المفاوض حميد بعيدي نجاد أعلن، بدوره، أنه لا تزال هناك مسائل «لم تحل»، موضحاً أن إيران مستعدة لمواصلة المفاوضات مع القوى الكبرى في لوزان. ورداً على التصريحات الأميركية، علّق نجاد بالقول «حين نقول غداً، فقد يكون ذلك منتصف الليل أو الساعة الثالثة فجراً». وأضاف «ستنتهي المفاوضات حين يتم إيجاد الحلول. نحن مستعدون للاستمرار. لسنا محدّدين بساعات. الجميع يعتقد أن الجهود يجب أن تتواصل حتى الوصول إلى اتفاق».
غير أن الجميع متفق على أن الوضع سيكون أكثر تعقيداً وصعوبة، لا سيما بسب الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة وإيران، حيث سيعزز فشل مفاوضات لوزان موقف المعارضين لأي اتفاق.
إضافة إلى ذلك، هناك من يترقّب «عدم الاتفاق» عن بعد، إن في الدول العربية أو في إسرائيل. هذا الطرف المفاوض عن بعد كان قد عمل في الفترة القريبة الماضية على عرقلة الجهود، بطرقه وأساليبه المختلفة.
وفي هذا السياق، حذّرت السعودية، أمس، من أن إيران لن يكون بإمكانها الحصول على فوائد من اتفاق نووي محتمل مع القوى الكبرى، من دون التعاون مع جيرانها العرب في الخليج.
التحذير الذي وجهه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال جلسة مجلس الوزراء، حمل مطالبة دول «5+1» «بأن تسعى أولاً لتحقيق التوافق بين إيران والدول العربية، بدلاً من الالتفاف على مصالح دول المنطقة لإغراء إيران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة».
وفي حين لا تخفي السعودية تخوّفها من هذا الاتفاق، فقد أفادت صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية بأن هذه الأخيرة قد تسعى إلى التنسيق مع إسرائيل في وجه أي اتفاق، بعدما كان هذا التنسيق ينمو «في وجه توسع النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والعراق ومؤخراً في اليمن».
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي مقيم في بروكسل قوله إن السلطات السعودية تنسّق بشكل كامل مع إسرائيل في كل القضايا المتعلقة بإيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إسرائيليين تحدثوا، بشكل سري في الماضي، عن أن السعودية ستغض الطرف في حال أرادت الطائرات الحربية الإسرائيلية استخدام المجال الجوي للمملكة لقصف أهداف إيرانية.
كذلك ذكرت أن مسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية والسعودية قد اجتمعوا، قبل شهرين، لتبادل المعلومات الاستخبارية بشأن إيران، مضيفة أن «الرياض أبدت استعداداً للمساعدة في أي مهمة ضد إيران، عبر تسهيل استخدام المروحيات لإنقاذ أي طاقم طائرة يسقط خلال القصف الإسرائيلي لإيران، وكذلك المساعدة في عملية التزوّد بالوقود جواً للطائرات الإسرائيلية».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني رفيع المستوى في تل أبيب إشارته إلى أن «الضرورة هي التي تشكل التحالفات، وهناك ضرورة لعمل إسرائيل والسعودية والبحرين وقطر والإمارات والأردن ومصر معاً ضد إيران».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)