لا تزال مدينة لوزان السويسرية تشهد الكثير من الأخذ والرد، قبل أن تشهد «اللحظات التاريخية»، التي يعرقل حدوثها عدم التوصل إلى اتفاق نووي، حتى الآن، بين مجموعة «5+1» وإيران. جولة التفاوض بين الولايات المتحدة وإيران لا تراوح مكانها، هي تسابق الوقت لبلوغ اتفاق «سياسي»، قبل يومين على انتهاء المهلة المحددة لذلك. وفيما يستمر الحديث عن تقدّم ويوازيه التفاؤل الحذر، إلا أنه يتزامن أيضاً مع ممارسة ضغوط من قبل الطرفين على بعضهما البعض لتقديم تنازلات، الأمر الذي أكده إقرار أميركا وإيران، أمس، بـ«صعوبة» المفاوضات، بالرغم من أنباء عن أن واشنطن قد تسمح لطهران بإبقاء مئات أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو، في إطار صفقة نووية شاملة.وقد نقلت وسائل إعلام غربية عن وكالة «أسوشييتد برس»، أن مسؤولين غربيين أفادوا بأن واشنطن «تدرس إمكانية تقديم تنازل لطهران يتمثل بالسماح لها بإبقاء مئات أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو».

أما من الشروط التي فرضتها أميركا، مقابل ذلك، فهي «فرض قيود صارمة على عمل أجهزة الطرد المركزي والأبحاث وعمليات التطوير في المنشآت النووية الأخرى في إيران، ومنها منشأة ناتنز».
واشنطن تدرس
إمكانية السماح لطهران بإبقاء مئات أجهزة الطرد المركزي في فوردو

وأوضح المسؤولون أنه «إذا قبل الإيرانيون هذا الخيار، فسيستخدمون الزنك والزينون والجرمانيوم، بدلاً من اليورانيوم، لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في فوردو، وذلك لإنتاج النظائر التي تحتاج إليها طهران في مجال الطب والصناعة والعلوم». كذلك، تصر واشنطن على «ضرورة فرض قيود على عدد أجهزة الطرد المركزي، كي لا تسمح قدرتها بإنتاج كمية من اليورانيوم تكفي لإنتاج سلاح نووي في غضون عام». وأوضح المسؤولون أن الحلّ الوسط المحتمل بشأن منشأة فوردو، يعد من الخيارات الفنية المطروحة، خلال المفاوضات النووية.
في موازاة ذلك، أقرّ وزير الخارجية الإيراني ودبلوماسي أميركي رفيع المستوى، بعد ظهر أمس، بـ«صعوبة» المفاوضات. وفيما أكد محمد جواد ظريف أن «المفاوضات صعبة وهناك خلافات نحاول معالجتها»، شدّد الدبلوماسي الأميركي على ضرورة أن تتخذ إيران «قرارات صعبة».
وعندما سئل ظريف عما إذا كان المفاوضون على وشك التوصل إلى اتفاق، أجاب: «كلا. لم نبلغ هذه المرحلة. لكننا نتقدم. العمل بالغ التعقيد وصعب. على الطرف الآخر أن يختار بين الضغوط واتفاق سياسي».
المسؤول الأميركي صرّح، من جهته، بأن «مفاوضات الأمس (الخميس) واليوم (الجمعة) كانت صعبة وجدية جداً». وقال: «وصلنا إلى نقطة في المفاوضات نحتاج فيها، فعلاً، إلى رؤية قرارات تتخذ. سنبقى لنرى ما إذا كان هذا الأمر ممكناً فعلاً خلال الأيام المقبلة».
ولكنه أشار، في موازاة ذلك، إلى أن «اتصال الرئيس (حسن) روحاني برؤساء دول مجموعة خمسة زائد واحد (الخميس) هو إشارة إلى أن إيران، فلنأمل ذلك، مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة معيّنة، ولكن ضرورية في إطار اتفاق».
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما تحدث، أمس، مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشأن المفاوضات النووية، ووفق بيان فقد «جددا تأكيد التزامهما التوصل إلى اتفاق شامل طويل الأمد يضمن بشكل كامل ويمكن التحقق عبره من أن برنامج إيران النووي سلمي تماماً». وأشارا أيضاً «إلى أنه يتعين على إيران أن تخذ القرارات اللازمة لحلّ عدد من المسائل الباقية».
أما ما يوحي بقرب التوصل إلى اتفاق، فهو توجّه وزراء خارجية أوروبا إلى لوزان، بين اليوم وغداً. فقد أفاد مصدر دبلوماسي بأن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تتوجه، غداً، إلى لوزان للمشاركة في المفاوضات، فيما يصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، اليوم، إلى المدينة السويسرية. ورأى فابيوس الموجود حالياً في نيويورك، أن التوصل إلى اتفاق أمر «ممكن»، لكنه طالب طهران ببذل «مزيد من الجهود».
كذلك، أعلن نظيره البريطاني فيليب هاموند استعداده للتوجه إليها «في نهاية الأسبوع». وفي واشنطن، قال هاموند لصحافيين: «نأمل التوصل إلى اتفاق في الساعات الـ48 المقبلة، وأنا مستعد للمغادرة اعتباراً من نهاية هذا الأسبوع». وأضاف: «سنستقل طائرة ما إن يتكوّن لدينا انطباع بأن الوقت حان للجلوس» حول الطاولة مع الجانب الإيراني.
كذلك، أفادت وزارة الخارجية الروسية بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتفق مع نظيره الأميركي جون كيري، على إمكانية عقد لقاء لوزراء خارجية مجموعة «5+1» وإيران غداً في لوزان.
وأوضحت الوزارة أن الوزيرين أجريا اتصالاً هاتفياً تناولا فيه سير العمل على إعداد اتفاقية شاملة خاصة بتسوية الملف النووي الإيراني. وأكدا تقارب وجهات نظر موسكو وواشنطن في كثير من الجوانب المتعلقة بهذا الملف.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)