رغم اقتراب المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق نووي بين إيران ومجموعة «5+1»، في أواخر هذا الشهر، إلا أنّ الصورة العامّة التي تظهّرها الأجواء المحيطة بالمفاوضات، لا تزال غير واضحة بصرف النظر عن المؤشرات التي برزت، سابقاً، والتي روّجت لقرب التوصل إلى اتفاق. التصريحات التي يتبادلها الطرفان تحافظ على حذرها، وهي إذ تكرّر، في بعض الأحيان، الحديث عن عوائق قائمة أمام فرص التوصل إلى اتفاق، إلا أنها في أحيان أخرى، تتسم بتناقض عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل وصوله، مساء أمس إلى لوزان، للقاء نظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
قال كيري من شرم الشيخ في مصر، بحسب مقتطفات من حديث للمحطة التلفزيونية الأميركية «سي بي اس»: «آمل أن يصبح هذا الأمر ممكناً خلال الأيام المقبلة»، مضيفاً إنه إذا كان البرنامج النووي الإيراني «سلمياً» بالفعل، كما تؤكد طهران، «فلننته من هذا الأمر».
لكن كيري، الذي يتفاوض منذ أشهر بشأن الملف النووي الإيراني، أبدى أيضاً حذره، من أنه لا تزال هناك «خلافات مهمة». وقال: «لا نعلم حتى الآن ما إذا كنا سنتوصل (إلى اتفاق) أو لا»، مشدداً على أن «الوقت بات ضيّقاً» للأمل في التوصل إلى «اتفاق جيد». وذكر بأن الرئيس باراك أوباما «قال وكرّر إنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي».
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لتلفزيون بلاده في الطائرة التي كانت تقلّه إلى سويسرا، إنه «خلال الأيام المقبلة، ينبغي أن نصل إلى الحلول بقدر ما هو ممكن، ثم البدء بمرحلة صياغة اتفاق بطريقة أكثر دقة وتفصيلاً».
وتطرّق ظريف إلى ضرورة تسوية بعض المسائل وتناول «بعض التفاصيل»، ولكنه شدّد على أن «الطريقة التي سيتم بموجبها رفع العقوبات وما هي الضمانات لتطبيق الاتفاق يجب أن تصبح واضحة».
ووصل ظريف وفريقه، صباح أمس إلى فندق «بوريفاج بالاس» في لوزان، وكان قد سبقهم إليه المفاوضون الأميركيون، الذين أتوا من واشنطن. وبعد أول اجتماع مع كيري، يُنتظر وصول ظريف خلال النهار إلى بروكسل للقاء وزراء الخارجية الأوروبيين، الفرنسي والبريطاني والألماني ليعود مساء اليوم ذاته إلى لوزان لاستكمال مباحثاته مع كيري. ثم تلتقي وفود مجموعة «5+1» غداً في لوزان.
وأمس، شهدت لوزان يوماً طويلاً من المفاوضات بدأ بلقاء رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، ووزير الطاقة الأميركي، ارنست مونيز، ونائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، وندي شيرمان. وحضر الاجتماع مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ونائب صالحي، كمال فندي.
وأعرب عراقجي عن أمله في أن «نواصل التقدم الذي حصل في الجولتين الأخيرتين»، مضيفاً إن «أي اتفاق نووي لا يتم مع الولايات المتحدة وحدها بل بين إيران ومجموعة 5+1 وسيصادق عليه في مجلس الأمن الدولي، ليصبح ملزماً لكل الأطراف بما فيها الولايات المتحدة، بإدارتها الحالية أو أي إدارة أخرى».
وأكد عراقجي أن «المفاوضات وصلت إلى مراحلها الأخيرة ولن يكون هناك أي تأجيل مهما كانت النتائج»، مشدداً على أن «هذه رغبة طرفي المفاوضات».
وعن المعوّقات، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين، بأنّ من العوائق التي يتحدث عنها الطرفان، هي أن الغرب لم يتّخذ بعد قراره النهائي بشأن كيفية إلغاء الحظر على إيران.
وأضافت الصحيفة إن وزير الخارجية الأميركي لا يزال يصطدم مع نظيره الإيراني بشأن مطالب طهران بتعليق كل عقوبات الأمم المتحدة حالما يتم التوصل إلى اتفاق، في الوقت الذي تصرّ فيه واشنطن على أن يتمكن المحقّقون الدوليون من القيام بزيارة مباشرة لأي موقع نووي في إيران، حتى المواقع الموجودة في القواعد العسكرية.
في هذه الأثناء، حافظ الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس الأميركي على موقفهم وتحذيرهم من أي اتفاق نووي محتمل، رغم الرد الذي أرسله الأمين العام للبيت الأبيض، دنيس ماكدونو، السبت، إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري بوب كوركر، والذي كتب فيه أن «مجلس الأمن الدولي سيكون له أيضاً دور يمارسه في أي اتفاق مع إيران».
وقال ماكدونو: «كما أن من الصحيح أن الكونغرس وحده يحق له إنهاء قوانين العقوبات بحق إيران، فإن مجلس الأمن الدولي وحده من يمكنه إنهاء العقوبات الدولية بحق إيران». كما أوضح أنه «بما أن المفاوضين الأساسيين للتسوية مع إيران هي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فإننا نتوقع أن يصوّت مجلس الأمن على قرار لإظهار دعمه لأي اتفاق وتعزيز الشرعية الدولية».
ولكن ردّ ماكدونو على هواجس الجمهوريين لم يمنع هؤلاء من التصريح، على لسان زعيمهم في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بأن أوباما على وشك إبرام «اتفاق سيئ للغاية»، مؤكداً أن الكونغرس سيدلي بدلوه في أي اتفاق.
وأضاف ماكونيل لبرنامج «ستيت أوف ذا يونيون»، الذي تبثه شبكة «سي.إن.إن.»: «يبدو أن الإدارة على وشك الدخول في اتفاق سيّئ للغاية مع واحد من أسوأ الأنظمة في العالم».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)