بعدما كادت استقالة رئيس الاستخبارات الوطنية التركية، لتمكنه من الترشح إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، تسبّب تصدّعاً كبيراً في علاقة رجب طيب أردوغان بأحمد داوود أوغلو، سحب حقان فيدان استقالته فجأةً، عائداً إلى منصبه على رأس الجهاز الأمني.وفي وقتٍ أكد فيه رئيس الحكومة أن قرار فيدان نتج من «استشارات» بينه وبين أردوغان، يشي ما خرج إلى العلن في الفترة الماضية على خلفية هذه المسألة، بأن قرار فيدان الأخير، جاء نتيجة طلبٍ مباشر ونهائي من الرئيس التركي.

منذ تقديم استقالته في الثامن من شباط الماضي، توترت العلاقات بين أردوغان الرافض لهذه الاستقالة، وداوود أوغلو الموافق عليها. الخلاف الذي ظلّ «تحت السيطرة»، رأى الإعلام ومحللون أنه بلغ ذروته يوم الجمعة الماضي، حين أرسل أردوغان إشارات إلى داوود أوغلو بإمكانية استبدال الرئيس السابق عبدالله غول به، لزعامة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عقب الانتخابات البرلمانية، خصوصاً أن تقارير عدة تحدّثت عن أن تصلّب موقف أردوغان من استقالة فيدان الذي أدار ملفات أمنية بالغة الحساسية طوال السنوات الماضية، ناجمٌ عن خشيته من تكوين فيدان مع داوود أوغلو توازناً مقابلاً لنفوذه داخل الحزب الحاكم والبرلمان.
كليتشدار أوغلو: الاستخبارات ليست حديقة خلفية للحزب الحاكم

ويوم أمس، رحب داوود أوغلو، بعودة حقان فيدان إلى منصب رئاسة الاستخبارات الوطنية، قائلاً: «فيدان أدار أصعب المهمات في أحلك الأوقات، ولقد وقعت يوم أمس على طلبه بالعودة إلى رئاسة الاستخبارات الوطنية التركية من جديد بعد استشارات أجريتها مع الرئيس رجب طيب أردوغان».
وأشار داوود أوغلو في تصريحات للصحافيين بعد اجتماعه بكتلة حزبه البرلمانية، إلى أنه وأردوغان يقدّران الجهود التي بذلها فيدان من أجل تركيا، و«يريان فيه رجل الدولة».
وفي رده على ادعاءات تناولتها وسائل الإعلام التركية على لسان فيدان بأنَّه «أرهق كثيراً من وظيفته»، قال رئيس الحكومة: «هل سمعتم من فم السيد فيدان مثل هذه التصريحات؟ أنا لا أعلم بذلك، ولكن نحن دائماً نبذل قصارى جهدنا من أجل خدمة بلدنا». وتساءل داوود أوغلو عن سبب تقديم فيدان طلباً بالعودة إلى وظيفته «بكل حماسة»، إن كان مرهقاً بالفعل. وتابع: «لا تتركوا التخمينات تأخذ مكانها في هذه القضية».
في المقابل، لاقت عودة فيدان إلى منصبه انتقادات من المعارضة، حيث وصف زعيم حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، قرار فيدان بالـ«خاطئ». وفي كلمة له أمام كتلة حزبه النيابية في البرلمان يوم أمس، قال زعيم «حزب أتاتورك» إن جهاز الاستخبارات مؤسسة وطنية، «وليس حديقةً خلفية للحزب الحاكم، لذا إن عودة فيدان رئيساً للاستخبارات الوطنية هو إجراء غير صحيح، وعلى الجميع أن يعلم ذلك»، وفق تعبيره.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت أرينش، قد كشف أول من أمس، خلال مؤتمر صحافي أعقب اجتماع مجلس الوزراء في أنقرة، أن داوود أوغلو «عيّن حقان فيدان مرة أخرى، رئيساً لجهاز الاستخبارات الوطنية التركية».
في سياقٍ آخر، انتقد أردوغان أحزاب المعارضة التي تصفه بالديكتاتورية، من دون أن يسمّيها، موضحاً أن «من ينعت رئيساً منتخباً من قبل الشعب بالديكتاتور، إنما يعبّر في الواقع عن شغف كامن بالديكتاتورية في أعماق نفسه». وأشار أردوغان، في كلمة له خلال اجتماعه بالمخاتير يوم أمس، إلى أنه حظي بتأييد الشعب 9 مرات خلال الـ 12 عاماً الماضية، «مع زيادة مطّردة في عدد الأصوات» (في إشارة إلى فوز حزب «العدالة والتنمية»، عندما كان يتولى رئاسة الحزب والحكومة).
ولفت أردوغان إلى وجود محاولات لدفع الناس للنزول إلى الشوراع، لتكرار سيناريو احتجاجات متنزه غيزي، قائلاً إن «المواطنين باتوا يدركون حقيقة المخططات القذرة، ولا يأبهون للاستفزازات».