معمّر عطويما الجدوى من حظر مصارف إيرانية تجارية في دول الاتحاد الأوروبي؟ هل يخدم هذا الحظر قرارات العقوبات الدولية في الحد من انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل؟
سؤال قد تكون الإجابه عنه سابقة لأوانها، في ظل محاولات طهران الدؤوبة للحد من تداعيات قرارات كهذه، عبر الالتفاف عليها وفق سياسة نسج علاقات اقتصادية بديلة.
لكن أصبح من المؤكد أن القبضة الغربية باتت تضيّق الخناق على الجمهورية الإسلامية، وخصوصاً خلال الأسبوع الماضي، حين باشر الاتحاد الأوروبي بإجراءات حظر مصرف «ميللي»، أكبر المصارف التجارية في إيران، بموجب إجراءات دخلت النقاشات الجارية بشأنها في بروكسل مراحلها النهائية.
الواضح أن هذا القرار سيترك تداعيات سلبية كبيرة على الوضع المصرفي لإيران، ولا سيما أن لمصرف «ميللي»، فروعاً في أبرز العواصم الأوروبية. تداعيات من الممكن أن تشعر طهران بوطأتها أكثر بعدما منعت الولايات المتحدة مصرفي «ميللي» و«صادرات» الإيرانيين من العمل على الساحة الدولية في تشرين الأول الماضي. لذلك يبدو أن القرار الأوروبي المرتقب هو استجابة لضغوط البيت الأبيض على هذه الدول من أجل توسيع بيكار العقوبات ضد إيران، تحت عنواني «الحدّ من تمويل برامج التسليح النووي والبالستي» و«مكافحة الإرهاب».
أما سبب مباشرة الاتحاد الأوروبي لتحقيق هذا الحظر، فيرجع إلى محاولات بعض الدول المتطرفة في موالاتها لواشنطن، إيجاد صيغة تبرّر لها السير في مشروع تضييق الخناق على طهران في إطار جامع، بدلاً من اتخاذ القرار منفردة.
الأنكى من ذلك، اتسّاع مجال الحظر ليشمل دولاً مجاورة لإيران، التي كانت تتوقّع أن تجد في هذه الدول البديل الذي يُمكنّها من تخفيف حدة خسائرها، ولا سيما أن الإمارات من أكثر الدول التي ترتبط بعلاقات تجارية مع إيران وفيها أكبر جالية إيرانية في الخليج، ناهيك بالمصالح والشركات المملوكة من إيرانيين هناك.
لعلّ هذا الأمر يدخل في سياق الارتدادات السلبية للقرارات الدولية، وهذا ما عبرّت عنه صحيفة «فايننشال تايمز» في 21 كانون الأول 2007، حين أشارت إلى أن الإمارات بدأت تقلّص التعاملات المالية مع إيران، وأوقفت منح المصارف الإيرانية الاعتمادات والتسليف مما صعّب على شركات الواجهة الإيرانية الالتفاف على المقاطعة الدولية.
لكن المفارقة، هي أن مصرفَي «ميللي» و«صادرات» لا يزالان يعملان في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، رغم الصعوبة التي يواجهانها بسبب رفض المصارف الأجنبية القبول بشهادات الاعتماد التي يصدرانها.
بيد أن السلطات الإماراتية، أوجدت حججاً أخرى للتضييق على النظام الإيراني، من خلال إغلاق نحو 40 شركة، عزتها إلى «مخالفات نقل»، ما دفع نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، ناصر هاشمبور، للتعليق قائلاً «صار من شبه المستحيل على الشركات الإيرانية الجديدة الحصول على رخص تسمح لها بالعمل في دبي».
إجراءات نجحت بلا شك في تغيير المعادلة التي كانت الإمارات تعمل وفقها مع طهران، لجهة فصل التجارة عن السياسة، فباتت السياسة تتحكّم بصورة التجارة بين البلدين.
عالمياً، لم يكن استهداف المصارف، وفق حيثيات قرارات العقوبات الدولية، مقتصراً على «ميللي» و«صادرات» و«ميلات»، فقد كان أحد القرارات النادرة المُلزمة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تجميد أرصدة بنك «سبه» المرتبط بالقوات المسلّحة الإيرانية.
وفي ما يتعلق بالتداعيات السلبية لهذه القرارات، فإن نتائجها قد بدأت تظهر تباعاً من خلال ارتفاع كلفة المبادلات التجارية وتضاؤل عدد المستثمرين الأجانب في إيران، إضافة إلى رفع مستوى المخاطر على صعيد القروض التي يمكن أن تمنح لكيانات اقتصادية إيرانية.
في المقابل، بدت محاولات إيران الالتفافية على هذه القيود خجولة، إذ إن الخطوة الأهم الآن التي تصبّ في هذا الإطار هي سعي النظام الإسلامي إلى افتتاح أول مصرف استثماري، في إطار جهوده لتسريع عملية الخصخصة. محاولة تصبّ في تعزيز الخطط الاقتصادية البديلة. بيد أنها لا تزال غامضة على صعيد الصناعات العسكرية ومصادر تمويلها.