تنعكس التطوّرات التي تشهدها الساحة الأفغانية على تنفيذ الوعود والخطط الأميركية، تماماً كما تؤثر في الدور الصيني الذي كان مؤجَّلاً، والذي وفق ما كشفت عنه صحف غربية، بدأ يشق طريقه في البلد الجار بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة. أمس، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين، أن إدارة الرئيس باراك أوباما تفكّر في إبطاء انسحابها المقرّر من أفغانستان للمرة الثانية، في ما وصفته الصحيفة بأنه مؤشر على التحدّيات الأمنية الكبيرة التي لا تزال قائمة رغم انتهاء المهمة القتالية للولايات المتحدة وحلف «شمال الأطلسي» هناك.

ووفقاً للخطط التي لا تزال تتطور، فإن قائد القوات الأميركية وقوات حلف «الأطلسي» في أفغانستان، الجنرال جون كامبل، يمكن أن يحظى بحريّة أكبر لتحديد وتيرة الانسحاب في عام 2015، في الوقت الذي تتبارى فيه القوات الأجنبية للتأكيد أن القوات الأفغانية قادرة على محاربة متمردي «طالبان»، بحسب ما يقول المسؤولون.
إدارة أوباما تفكّر
في إبطاء انسحابها المقرّر من أفغانستان للمرة الثانية

وأوضحت الصحيفة أن الخيارات التي تجري مناقشتها لن تغيّر الموعد الذي يشكل «التاريخ الأكثر أهمية في خطة أوباما، وهو إنهاء المهمة العسكرية الأميركية تماماً، في الوقت الذي يترك فيه منصبه في أوائل عام 2017». لكن مسؤولين قالوا إن كامبل قد يحتفظ مؤقتاً بأكثر من الـ5500 جندي المقرّر إبقاؤهم في أفغانستان، حتى نهاية العام الحالي، وقد يبقي على مراكز التدريب الإقليمية مفتوحة فترة أطول من المخطط له، وقد يعيد تنظيم خطط غلق القواعد مثل مطار قندهار، وهو مسعى كبير من شأنه أن يبعد القوات بعيداً عن جهود تقديم المشورة لقوات الأمن الأفغانية.
التقرير الذي أوردته «واشنطن بوست» يأتي غداة تقرير آخر أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال»، تحدث عن أن الصين مستعدة للقيام بالمزيد في أفغانستان، بعد رفضها طلبات أميركية في هذا المجال، على مدار عشرة أعوام.
وأوضحت الصحيفة أنه بحسب مسؤول أميركي رفيع المستوى، فإن ممثلين عن الولايات المتحدة والصين وأفغانستان اجتمعوا، خلال شهر كانون الأول الماضي، من أجل محادثات في لندن، وهي المرة الأولى التي تجتمع فيها هذه الدول الثلاث بهذا الشكل للسعي وراء سبل تحقيق تقدّم في السلام في أفغانستان.
وأضافت الصحيفة أن الاجتماع كان خطوة على طريق لطالما قاومته الصين التي كانت تحترس من الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان وتتردّد في التدخل في شؤون جارتها.
وأشارت، نقلاً عن مسؤولين غربيين، إلى أن خطوة الصين باتجاه أداء دور الوسيط تشير إلى تحوّل في السياسة الخارجية لبكين، حيث ارتكزت لعقود على القضايا الداخلية، معتبرة أن هذا الأمر قد يعيد تنظيم الشؤون الجيوسياسية في وسط آسيا ويختبر قدرة الصين كقائد إقليمي. ونسبت الصحيفة إلى ديفيد سيدني، وهو دبلوماسي أميركي سابق في بكين وكابول ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون أفغانستان وباكستان ووسط آسيا، ما بين عامي 2009 و2013، قوله إنهم (الصينيين) «ينافسون الولايات المتحدة، على نحو ما، من أجل النجاح في أفغانستان. ويريدون إثبات قدرتهم على القيام بذلك بصورة أفضل».
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن وزارة الخارجية الصينية كانت قد أعلنت رغبة بكين في أداء «دور بنّاء» لدعم عملية السلام التي يقودها الأفغان، وهو ما لاقى ترحيباً لدى المسؤولين الأفغان. وأوضحت الصحيفة أن بكين تعهّدت أيضاً بمساعدات اقتصادية قيمتها 327 مليون دولار لكابول حتى عام 2017، ويبدو الآن أنها تستكشف سبل تحسين أمن أفغانستان في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها.
(الأخبار)