جملة من المواقف الديبلوماسية واللقاءات المهمة بدأت ترشح عن مؤتمر ميونيخ للأمن الذي افتتح أعماله في جنوب ألمانيا أمس ويستمر حتى يوم غد الأحد، في وقت يكتسب فيه المؤتمر السنوي أهمية خاصة هذا العام لناحية أنه ينعقد في ظل تأزم العلاقات الأوروبية ــ الروسية على خلفية الأزمة الأوكرانية، ووسط تواصل الحرب المزعومة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في عموم الشرق الأوسط، إضافة إلى تصاعد حدة الأزمات في عدد من مناطق العالم، الأمر الذي بات يشكّل خلفية باتت تثقل على سير النظام العالمي.
أول المواقف المهمة ارتبط بالأزمة الأوكرانية، وجاء على لسان وزيرة الدفاع الألمانية، اورسولا فو در لين، حين حذرت من إرسال الغرب أسلحة إلى الجيش الأوكراني، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تأجيج النزاع، حتى بدا أنّ الموقف موجه مباشرة إلى واشنطن التي باتت تروّج لفكرة إرسال الأسلحة. وقالت الوزيرة، في افتتاح المؤتمر، إن «التركيز فقط على الأسلحة قد يؤدي إلى صب الزيت على النار وإبعادنا عن الحل المطلوب. هناك أسلحة أكثر من اللازم في أوكرانيا أصلاً... والدعم الروسي بالأسلحة للانفصاليين لا محدود». وتساءلت: «هل نحن واثقون من تحسين وضع الناس في أوكرانيا عبر تسليم أسلحة؟... هل ندرك جيداً أن هذا يهدد بتأجيج النار؟ أوليس يعني إعطاء ذريعة لروسيا لكي تتدخل علناً في النزاع؟». وتابعت: «من الصعب الانتصار على روسيا بالسلاح، وهذا سيؤدي على الأرجح إلى خسارة العديد من الأرواح».
إلى جانب ذلك، بدأ حراك حيال المفاوضات النووية على هامش المؤتمر، حين سرّعت الخارجية الأميركية اللقاء مع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي كان مقرراً يوم غد. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين بساكي، إنه اتُّفق على عقد الاجتماع «لمناقشة المفاوضات النووية». ويأتي هذا اللقاء بعدما حددت، سابقاً، مجموعة «5 + 1» تاريخ 31 آذار المقبل موعداً للتوصل إلى اتفاق سياسي، فيما يجري الاتفاق على باقي التفاصيل التقنية لتدخل في اتفاق نهائي بحلول 30 حزيران المقبل، وفي ظل حديث أميركي في مجلس الشيوخ عن احتمال زيادة العقوبات على إيران. وبالتوازي، من المتوقع أن يلتقي غداً وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لبحث القضايا الأساسية المتمثلة في الملف النووي الإيراني وسوريا وأوكرانيا.
حادثة ديبلوماسية مهمة وقعت على هامش المؤتمر أمس، حين قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إنه لن يحضر إلى ميونيخ، موضحاً أنه لا يرغب في حضور جلسة تجمعه بالوفد الإسرائيلي. وقال، في مؤتمر صحافي في برلين حيث التقى مع سفراء تركيا لدى الدول الأوروبية: «كنت سأحضر المؤتمر، لكننا قررنا عدم الحضور بعد أن أشركوا مسؤولين إسرائيليين في جلسة الشرق الأوسط في اللحظة الأخيرة».
من جهته، ردّ مندوب إسرائيل في مؤتمر ميونيخ، وزير الشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتز، إنه بالانسحاب من المؤتمر، فإن هذه الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي «تفكر فعلياً بنفس طريقة الإسلام المتطرف والجماعات الإرهابية مثل الإخوان المسلمين وحماس... ويلقي (الانسحاب) ظلالاً كثيفة على مستقبل تركيا وشخصيتها». وأضاف، في بيان: «أعتزم بفخر وشرف أن أمثل إسرائيل في هذه المناقشات المهمة بشأن الشرق الأوسط».
وبعيداً من الاستثمار التركي السياسي في الخلافات مع تل أبيب، إلا أنّ المؤتمر لطالما شكّل مساحة للقاءات بين دول الشرق الأوسط ودولة الاحتلال، ولعلّ اللقاء الجانبي الذي جمع كلاً من مدير الاستخبارات السعودي الأسبق، تركي الفيصل، ووزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، خير دليل على تلك اللقاءات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)