في وقتٍ يغلب فيه التوتر على العلاقات التركية ـ الأوروبية، على خلفية مواقف أنقرة وأدائها إزاء ملفات عدة في الآونة الأخيرة، تحاول حكومة «العدالة والتنمية» الإيحاء بأنها لا تزال قريبة من القارة العجوز، وبأن عملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي على ما يرام، وذلك عبر محاولة «التوفيق» بين متناقضات عدة، عمّقت الفجوة بين أنقرة وبروكسل. فقد خصص رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أغلو، خطاباً تلفزيونياً تحت عنوان «على درب تركيا الجديدة»، للتطرّق بصورةٍ أساسية إلى قضية عضوية بلاده في الاتحاد، وعلاقة أنقرة ببروكسل، في ضوء المستجدات الأخيرة، مشدداً على أن «تركيا جزء لا يتجزأ من القارة الأوروبية».
وبلغ التوتر ذروته بين أنقرة وبروكسل قبل نحو شهرٍ، حين تعرّضت الحكومة التركية لانتقاداتٍ حادة، بسبب حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذتها ضد أنصار الداعية فتح الله غولن، وصلت حدّ توقيف إعلاميين. حينها، ردّ أردوغان على انتقادات مسؤول توسعة الاتحاد، المعني مباشرةً بوضع تركيا، داعياً الاتحاد إلى «الاهتمام بشؤونه»، كما ذهب أبعد من ذلك، باتجاه القول إن الانضمام الى المنظمة الاوروبية «لا يهمنا»، فيما رأى داوود أغلو حينها أن الاتحاد «يشن حملة قذرة علينا». إلا أن أنقرة، لم تثبت على هذا الموقف طويلاً، حيث عادت بعد مدة قصيرة للتأكيد على أن عملية الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي قائمة.

ويوم أمس، جدد داوود أوغلو التأكيد على أن تركيا والأتراك، «جزء لا يتجزأ من القارة الأوروبية»، مشيراً إلى أنه «كما لا يمكن كتابة التاريخ الأوروبي من دون الرجوع إلى محفوظاتنا (أرشيفنا)، لا يمكن أيضاً كتابة مستقبل أوروبا من دون وجودنا». وأضاف: «قد يضعون العقبات أمام عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، وقد يعملون على تشييد حواجز نفسية لتحقيق ذلك، وقد يقوم مناهضو الإسلام ومناهضو الأتراك بالعديد من الأنشطة في أوروبا، إلا أنهم لن يستطيعوا حجب الحقائق التاريخية، أو ثنينا عن إرادتنا». وفي محاولته «التوفيقية» لجمع الميل نحو أوروبا، وفي الوقت ذاته الثبات على الموقف الرافض للاساءة إلى النبي محمد، وهي القضية التي شغلت أنقرة بعد الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، قال داوود أغلو إن بلاده لم تقف صامته، ولن تقف حيال أي إهانة وجهت للنبي محمد، «سواء كان مصدرها باريس أو أي نقطة في أنحاء العالم»، مبرراً ذلك، بأن «حرية التعبير تنطلق من الاحترام المتبادل».

من جهةٍ أخرى، وفي قضية «الكيان الموازي» التي لا تزال تتفاعل في الداخل التركي بالتزامن مع تواصل عمليات الاعتقال ضد موظفين في الدولة، بتهمة تأييد الداعية فتح الله غولن، أكد أردوغان، أول من أمس، انه من الواضح أن قيادات «الكيان الموازي» هي «أدوات ودمى»، بيد أطراف وأوساط أخرى، متوجهاً إلى مؤيدي غولن بالقول إنه «لا عذر للأشخاص الصادقين بعد اليوم في البقاء تحت ذلك السقف بعد كل تلك الحقائق والأعمال اللاأخلاقية التي ظهرت». وأضاف أردوغان خلال كلمةٍ في اجتماع جمعية الصناعيين ورجال الأعمال التركية في اسطنبول: «عار عليهم إن لم يروا التعاون بين الكيان الموازي والموساد، فكل شيء واضح للغاية»، وذلك في وقتٍ يتهم فيه أردوغان حليفه القديم غولن، بتلقي الدعم من الولايات المتحدة، حيث يقيم.

من جهةٍ أخرى، تمكنت شعبة «مكافحة الإرهاب» في اسطنبول من تحديد هوية المرأة التي أطلقت النار من بندقية آلية، على نقطة للشرطة التركية، في ساحة تقسيم وسط مدينة اسطنبول، يوم الجمعة الماضي، ثم لاذت بالفرار. وكشفت التحريات عن أن منفذة هجوم تقسيم هي العضوة في منظمة «حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري» اليسارية، إليف سلطان كالسان. وكان اسم كالسان قد ورد سابقاً قي بيان للحزب تبنّى فيه عن طريق الخطأ عملية انتحارية في منطقة السلطان أحمد في اسطنبول منذ نحو شهر، قبل أن يتبين فيما بعد أن منفذة العملية امرأة روسية الجنسية.
إلى ذلك، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، جدول الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستجرى في السابع من حزيران المقبل.
ووفقا للجدول، تُعلن في 24 نيسان القائمة النهائية للمرشحين الحزبيين والمستقلين في الانتخابات، ويجري في 8 أيار التصويت في الممثليات التركية في الخارج.

(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)