إسطنبول | للمرة الأولى منذ عهد الرئيس التركي سليمان ديميريل (1993ـ 2000)، ترأس الرئيس، رجب طيب أردوغان، يوم أمس، اجتماع مجلس الوزراء. بعد 15 عاماً على آخر اجتماع وزاري يترأسه رئيس الجمهورية، أقدم أردوغان، كعادته، على خطوةٍ غير معهودة في المشهد السياسي التركي، خصوصاً أنه منذ انتقال تركيا إلى التعددية الحزبية عام 1950، ترأس رؤساء الجمهورية اجتماعات الحكومة 17 مرة فقط. وقد سجّل الرئيس تورغوت أوزال (1983- 1989)، العدد الأكبر في هذا المجال، حيث اجتمعت الحكومة ٧ مرات برئاسته.
ويمنح الدستور التركي رئيس الجمهورية صلاحيات ترؤس اجتماعات الحكومة «وقت الضرورة». إلا أن الرئيس، وفقاً للدستور، لا يملك صلاحيات تنفيذية، وهو ما يسعى أردوغان إلى تغييره، بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في ٧ حزيران المقبل، حيث يطمح في حال حصول حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على الأغلبية، إلى تعديل الدستور ليجعل النظام رئاسياً. وكان أردوغان، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية في آب الماضي، قد أكد أنه «لن يكون كباقي الرؤساء»، إذ إنه سيتدخل في كل شيء.
يريد أردوغان أن يؤدي كل الأدوار في الدولة، دفعة واحدة. وقد سجّل حكمه، من آب حتى اليوم فقط، ممارسات عدة، أكدت أنه يحاول جدّياً تصوير نفسه بصورة الحاكم الوحيد، على طريقة السلاطين الذين حكموا الإمبراطورية العثمانية التي يتغنّى أردوغان بأمجادها دائماً. وعلى هذا المنوال، عيّن أردوغان مجلساً استشارياً يضم ١٣ شخصاً، وصفه الإعلام التركي بأنه «مجلس وزراء مصغّر تابع لأردوغان». وقد أثبت الرجل خلال الأشهر الماضية أنه جادّ في مقولته عن تميّزه عن الرؤساء الأتراك السابقين، حيث يتحدّث الإعلام التركي باستمرارعن أنّ رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو لا يملك أي صلاحيات في الحكومة التي لا تستطيع أن تقدم على أي خطوة من دون موافقة الرئيس. وقالت وسائل إعلام إن أردوغان يصدر تعليماته لداوود أوغلو في كل صغيرة وكبيرة، في شأن الإجراءات المتعلقة بالحكومة والحزب. وأضافت أن أردوغان هو الذي سيقرّر قريباً أسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية عن الحزب الحاكم. كذلك، تناقل عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صور رئيس الوزراء داوود أوغلو وهو يجلس في مكانه في صالة الاجتماع متجهّم الوجه، قائلةً إنه تعرّض لانتقادات لاذعة وربما توبيخ من أردوغان، بسبب تصريحاته التي تتناقض مع تصريحات الرئيس في مواضيع مختلفة. أما يوم أمس، فقد دخل أردوغان قاعة الاجتماع مع داوود أوغلو، إلا أن الأخير بقي في الخلف فيما تابع أردوغان سيره مصافحاً الوزراء، قبل أن يجلس في مكان رئيس الوزراء.
واعتبرت قيادات المعارضة تصرفات أردوغان «محاولةً منه لإحكام سيطرته الشخصية على جميع مؤسسات الدولة التركية ومرافقها، ليتحول إلى سلطان جديد، خصوصاً إذا فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة». حينها، سيضمن أردوغان البقاء في القصر الرئاسي ولايتين، أي حتى ٢٠٢٤. في السياق نفسه، تحدّث نائب رئيس «العدالة والتنمية» سليمان صويلو، قبل أيام، عن «انتقال الذكاء السياسي بالوراثة، وهو ما يشير إلى إمكانات ابنة الرئيس أردوغان، سمية، لدخول المعترك السياسي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، خصوصاً أنه سبق لبعض الأوساط أن رشّحت سمية لتكون نائبة لرئيس الوزراء في الحكومة المقبلة، في حال دخولها البرلمان، وهو ما سيرشحها كي تكون رئيسة للحكومة وزعيمة للحزب عام ٢٠١٩، وربما بعدها رئيسةً للجمهورية خلفاً لوالدها الذي ستنتهي ولايته، وفقاً لهذه الحسابات، عام ٢٠٢٤