قبل مقتل الأخوين المتهميْن بالاعتداء على صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، سعيد وشريف كواشي، يوم أمس، كُشفت حقائق من سيرتيهما، قد تدعم فرضية تورّطهما في الهجوم الأخير. آخر ما نقلته وسائل إعلام، في هذا الصدد، كان عن مصادر استخباراتية يمنية وأخرى أوروبية وأميركية، تشير إلى انتماء أحد الأخوين، سعيد كواشي، إلى تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الذي يتخذ من اليمن مقرّاً له، إذ أفادت هذه المصادر بأن كواشي زار اليمن عام 2011، حيث حصل على تدريب وقابل أحد القادة البارزين في التنظيم، أنور العولقي.
ورغم أن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) اعتبر أن منفذي الهجوم الأخير «أبطال»، لم يتبنَّ أي تنظيم الهجوم الأخير رسمياً. لكن صحيفة «عشرون دقيقة» الفرنسية، نقلت عن شاهدٍ قوله إن أحد المهاجمين صاح بعد الهجوم، وقبل أن يستقل السيارة: «قولوا للإعلام إنه القاعدة في اليمن». هذه المعلومات يعزّزها أيضاً، بحسب وسائل إعلام، أن مجلة «إنسباير» الإلكترونية التي يديرها «القاعدة» في اليمن، كانت قد نشرت قائمة بأسماء «مطلوبين أحياء أو موتى»، من بينهم رئيس تحرير «شارلي إيبدو»، ستيفان شاربونييه، الذي قُتل يوم الأربعاء الماضي.
وقال مصدر في الاستخبارات اليمنية إن كواشي (34 عاماً) كان من بين عدد من الأجانب، جاؤوا إلى اليمن لتلقي دراسة دينية، مضيفاً: «ليس لدينا معلومات مؤكدة عن تلقيه تدريباً من القاعدة، لكن ما هو مؤكد أنه قابل العولقي في شبوة»، وهي محافظة في جنوب اليمن، خاضعة لسيطرة «القاعدة» منذ عام 2011، وتتعرّض بين الحين والآخر لضربات الطائرات من دون طيار أميركية، ضمن استراتيجية واشنطن لـ«مكافحة الإرهاب» في اليمن.
وعن مسألة الدراسة الدينية، أفادت معلومات عن التحاق سعيد بجامعة «الإيمان» الدينية التي أسسها الداعية الاسلامي عبد المجيد الزنداني، القيادي في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون)، وفقاً لمصادر محلية يمنية. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن «صديق يمني من الجامعة»، أن سعيد كواشي زار صنعاء للمرة الأولى في 2009. ومع العديد من الأوروبيين من أصول شمال أفريقية التحق بجامعة الإيمان التي استخدمها «القاعدة في جزيرة العرب» لتجنيد مقاتلين أجانب. وأضاف زميل كواشي، أن الأخير كان «منضبطاً وهادئا وكتوماً ويطلق على نفسه اسم محمد».
وفيما «فُقد أثر» سعيد في اليمن في السنوات اللاحقة، عاد زميله ليلتقيه عام 2013، «خلال هجومٍ للحوثيين على مركز دراسات السلفيين في محافظة صعدة (شمال البلاد)». وبحسب صديق آخر، فإن سعيد «شارك مع عدد من الطلاب الأجانب في الدفاع عن المركز» الذي سقط بأيدي الحوثيين في كانون الأول 2013. وفيما انكفأ السلفيون الذين كانوا في هذا المركز إلى العاصمة صنعاء ومدينة الحُديدة (غرب)، كان سعيد كواشي بين 10 أوروبيين جرى إجلاؤهم إلى صنعاء، بحسب مسؤول يمني. لكن السفارة الفرنسية في اليمن رفضت أن تأخذ على عاتقها الفرنسيين الذين كانوا ضمن هذه المجموعة، بحسب مسؤول آخر.
من جهةٍ أخرى، قالت مصادر الاستخبارات الغربية إنه بعد عودة سعيد كواشي إلى فرنسا من اليمن، «بدا أن الشقيقين تجنبا أي أنشطة قد تجتذب اهتمام أجهزة الأمن والاستخبارات الفرنسية»، مضيفةً أنه في الشهور السابقة على هجوم الأربعاء الماضي، «لم تكن وكالات مكافحة الإرهاب الفرنسية تعتبر الرجلين هدفين لهما أولوية»، رغم أن ألمانيا قالت في وقتٍ لاحق إن الشقيقين كانا مدرجين على قائمة مراقبة أوروبية. ويعتقد محققون أن مقتل أنور العولقي في ضربة طائرة من دون طيار أميركية، جنوب اليمن الذي يتخذه «القاعدة» معقلاً له، قد أسهم في قرار الشقيقين الابتعاد عن الأنشطة الأمنية.
تجدر الإشارة إلى أن أحد الأخوين (شريف) اللذين ولدا في فرنسا لأبوين جزائريين، أمضى 18 شهراً في السجن بتهمة محاولة السفر إلى العراق، قبل عشر سنوات، «للقتال مع تنظيم إسلامي».

(الأخبار، أ ف ب، رويترز)