فيما تنبئ الأحداث الأمنية التي أعقبت الاعتداء على صحيفة «شارلي إيبدو» بأن الداخل الفرنسي على «حافة انفجار»، يبدو أن الخطاب الرسمي، عموماً يسعى إلى تجنّب النبرة التحريضية في تصريحاته الأخيرة التي ركزت بمعظمها على العبارة الفضفاضة المعهودة: «مكافحة الأرهاب». ولم تبتعد الأحزاب السياسية الفرنسية بمجملها عن نهج الحكومة في هذا الشأن، إذا ما استثنينا تعليقات زعيمة «الجبهة الوطنية»، مارين لوبان، التي رُفضت مشاركتها في «المسيرة الوطنية» المزمع عقدُها في باريس، يوم الأحد المقبل.
ولم يثنِ التوقيت الحسّاس الزعيمة اليمنية، لوبان، أمس، عن القول إن الهجوم وقع «باسم الإسلام المتطرّف»، مشيرةً إلى أن الأخير يحمل «إيديولوجيا إجرامية تؤدي إلى آلاف الضحايا في العالم». وأكدت لوبان، في حديثٍ لصحيفة «لو موند» الفرنسية، إنه لا يجوز الخوف من تسمية الأشياء بأسمائها: «هو هجوم إرهابي باسم الإسلام المتطرّف». ودعت الزعيمة اليمينية بلادها إلى «الردّ بحزم على هذه الهجمات»، مشيرةً إلى أن هناك «حرباً بين الإرهاب والديموقراطيات». وأعلنت لوبان رفضها لـ «أي التباس» بين «المواطنين المسلمين المتعلقين بأمتنا وقيمها، وبين هؤلاء الذين يعتقدون أن بإمكانهم القتل باسم الإسلام». ولم تنسَ أن تجدد ذكر «الرابط» بين الهجرة المغاربية و«الإرهاب الإسلامي».
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي السابق وزعيم المعارضة اليمينية، نيكولا ساركوزي، إلى بناء جبهة وطنية موحدة «في وجه البربرية»، مطالباً الفرنسيين «بالدفاع باستماتة عن ديمقراطيتنا المهددة»، وفيما خاطب ساركوزي مواطنيه، داعياً إياهم إلى رفض «إغراء» الخلط بين الهجوم على «شارلي إيبدو» والوجود الإسلامي في بلاده، أكد توافقه مع الرئيس فرانسوا هولاند في قضية «مكافحة الإرهاب»، الذي أكد على «ضرورة الاستمرار بعزم في مواجهته». وأضاف ساركوزي عقب لقائه هولاند، ضمن مشاورات أجراها الأخير مع زعماء المعارضة في شأن الهجوم على الصحيفة الفرنسية، أمس، أنه «يتعين زيادة الإجراءات الرامية إلى مكافحة الإرهاب، كلما زادت التهديدات الإرهابية»، معلناً مشاركته في تظاهرة يوم الأحد المقبل.
وكانت «جبهة اليسار»، قد رأت في وقتٍ سابق، أن أفضل ردّ على ما وصفته بـ «الفعل البربري» وبـ «الإرهاب»، هو المزيد من الديموقراطية والإخاء والتسامح.
من جهته، قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أمس، إن أوروبا تحتاج إلى «عمل» بعد الهجوم على مقرّ الصحيفة. وقال يونكر، في مؤتمر صحافي، «لا نزال مُروّعين ومكروبين.. يحرّكنا ما جرى في باريس أمس». ورأى يونكر أن الهجوم الذي أودى بحياة 12 شخصاً، «كان ضد أسلوب حياتنا، وأوروبا بحاجة إلى أن تتصرف رداً عليه»، مضيفاً: «لكن ساعة الصمت تسبق ساعة العمل».
ومن المتوقع أن ينضم إلى التظاهرة المرتقبة يوم الأحد المقبل عدد كبير الأحزاب الفرنسية، مثل الحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي، وحزب الخضر، والحركة الجمهورية والمواطنية، وحزب «اليسار الراديكالي»، وغيرها، فيما رُفضت مشاركة «الجبهة الوطنية» التي تتزعمها لوبان.
(الأخبار، أ ف ب)