يبدو أن فرنسا تنوي الدخول بقوة على خط عملية التسوية السلمية بـ“أفكار جديدة”. أفكار قد تكون بحاجة إلى دعم من الراعي الأميركي، الذي وصل إلى طريق مسدود في محاولاته الأخيرة
باريس ــ بسّام الطيارة
فكرة جديدة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بدأ الحديث عنها خافتاً في الأوساط الدبلوماسية الفرنسية تدور حول “مؤتمر مصغّر” للسلام في الشرق الأوسط، يمكن أن يُعقد في موسكو بحضور أميركي وأوروبي لإطلاق مسار السلام، الذي “يُحتضَر” بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وعجز الإدارة الأميركية عن ليّ ذراع الحكومة اليمينيّة. وما زاد الأمور تعقيداً هو تهديد الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، بالاستقالة، التي سيسعى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى محاولة ثنيه عنها، وإقناعه بانتظار “المبادرة الفرنسية الجديدة”.
ورغم حديث مصادر مطلعة عن محاولة لجمع المبادرتين الفرنسية والروسية في المؤتمر المذكور، مع التشديد على أن هذه الفكرة ليست لمنافسة أي مبادرة أخرى قد تخرج من واشنطن، فإنّ بعض هذه المصادر المتابعة تقول إن “فكرة مؤتمر موسكو ليست أكثر من بالون تجربة” يجمع بين “طمأنة الروس إلى أن أنابوليس ٢ لا يزال على النار”، وإعلام الأميركيين بأن “باريس تعمل في سياق أنابوليس ١ بانتظار بلورة استراتيجية أميركية جديدة”. وتضيف إنه في المقابل، فإن العمل قائم على قدم وساق لـ“التسويق لمؤتمر على غرار مؤتمر سيل سان كلو” تكون مراحله الأولى بعيدة عن الأضواء، وسريّة يشارك فيه خبراء من الجانب الأميركي والمصري والفرنسي والروسي مع “موفدين فلسطينيين وإسرائيليين تكنوقراط”.
هآرتس: ساركوزي دعا نتنياهو إلى لقاء الأسد وعباس في إطار مؤتمر دولي ينظّم في باريس
وتضيف المصادر إنه إذا جرى التوصل إلى “تصوّر شامل لمراحل حل”، فيمكن توسيع المؤتمر لينضمّ إليه عدد من الدول العربية المؤثرة، إضافةً إلى بعض القوى الإقليمية مثل تركيا. وتشدّد هذه المصادر على “إيجابيات هذه المقاربة”، التي تصفها بأنها ترتدي “قبولاً أميركياً شرط بقائها في السر إلى حين إعلانها”، والتي تسمح بالعمل بعيداً عن التشنج الإعلامي بطريقة قريبة من منهاج “مفاوضات أوسلو”، ويمكن أن تفتح “أبواب اللقاءات مع من لا يمكن لقاؤهم علناً”.
ومن هنا، يشير دبلوماسي إلى ضرورة “متابعة زيارة كوشنير إلى الأرض المحتلّة وإسرائيل” التي تبدأ اليوم، فهو سوف يلتقي “اليساري” شمعون بيريز، إضافةً إلى بنيامين نتنياهو وإيهود باراك ونظيره أفيغدور ليبرمان، كما سيلتقي تسيبي ليفني.
بعد ذلك ينتقل إلى رام الله، حيث سيلتقي محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض ونظيره رياض المالكي، الذي سوف يوقّع معه اتفاقيات ثنائية تتعلق بالمساعدات الفرنسية للسنوات الثلاث المقبلة.
ويدعو أكثر من مراقب إلى متابعة تصريحات كوشنير، لأنه حسب التسريبات، سوف يجسّ “نبض الطرفين بشأن إرسال وفد للقاءات السرية”، وعليه أيضاً أن يجد “وسيلة لإقناع الطرفين بمسألة قبول الحديث مع مبعوثين غير رسميين لحماس”.
وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أمس أن الرئيس الفرنسي اقترح الأسبوع الماضي على نتنياهو المشاركة في مؤتمر دولي للسلام ينظّم في باريس، ويضمّ الفاعلين الرئيسيّين في الشرق الأوسط.
وأوضحت الصحيفة أن ساركوزي دعا نتنياهو، أثناء اجتماعهما الأربعاء الماضي في قصر الإليزيه، إلى إعادة إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط بلقاء الرئيسين السوري بشار الأسد والفلسطيني محمود عباس في إطار مؤتمر دولي ينظّم في باريس برعايته. وأضافت إن هذا المؤتمر سيضمّ أيضاً الملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس اللبناني ميشال سليمان، وكذلك ممثلين عن اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أيضاً أن ساركوزي اتصل بعباس ليطلعه على هذا الاقتراح، كما تحادث أيضاً مع الأسد خلال زيارة الأخير الجمعة إلى باريس. ولم يرفض لا نتنياهو ولا عباس العرض الفرنسي، بحسب “هآرتس”.