الأسد «يفاخر» بالمقاومة... ونجاد ينعى الرأسماليةربما تميّز المؤتمر الاقتصادي لدول منظمة المؤتمر الإسلامي في إسطنبول أمس، باللقاءات الجانبية بين زعماء الدول، أكثر من جدول أعماله التجاري البحت، كذلك فإنه لم يخلُ من المواقف السياسية اللافتةشهدت مدينة إسطنبول التركية أمس قمة للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي (كومسيك)، تغيب عنها الرئيس السوداني عمر حسن البشير، نتيجة ضغوط أوروبية على أنقرة لعدم استقباله.
وركزت القمة على التجارة وإجراءات مكافحة الفقر بين الأعضاء، فيما ناقشت بعض القضايا السياسية التي تشغل المنطقة.
وأكد الرئيس التركي، عبد الله غول، في كلمته، أنه «ليس من الممكن إقامة السلام والاستقرار في المنطقة، ما لم تُحَلّ مشكلة الدولة الفلسطينية التي يجب أن تعيش إلى جانب إسرائيل دولةً معترفاً بها، دولةً آمنة تكون عاصمتها القدس الشرقية».
وخلال لقاء غير رسمي مع ممثلي دول «جوار أفغانستان»، دعا الرئيس التركي إلى جهد منسّق لمساعدة الحكومة الأفغانية على إعادة البناء، وعلى إحلال السلام والنظام في البلاد. وقال: «لا يمكننا توقع أن تتمكن الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لكونها لاعبة رئيسية في المنطقة، من حل المشكلة وحدها».
أما الرئيس السوري بشار الأسد فقال من جهته: «لقد أثبتت الأحداث أن بيانات الإدانة والشجب لم تعد لها أي قيمة فعلية إن لم تترافق بخطوات عملية تبدأ بالضغط على إسرائيل، بدلاً من مجاملتها أو مكافأتها، وتستمر بدعم صمود السكان الأصليين من العرب في وجه الاحتلال الإسرائيلي بمختلف الوسائل من دون استثناء»، مشدداً على أن «مقاومة الاحتلال هي واجب وطني ودعمنا لها هو واجب أخلاقي وشرعي ومساندتها شرف نفاخر به، وهذا لا ينفي أبداً رغبتنا الثابتة بتحقيق السلام العادل والشامل على أساس عودة الأراضي المحتلة وفي مقدمتها الجولان السوري المحتل».
وأضاف الأسد أن «فشل المفاوضات في إعادة الحقوق كاملة يعني بشكل آلي أنّ المقاومة هي الحل البديل»، مشيراً إلى أن «تعاطي بعض الدول الغربية السلبي أخيراً مع تقرير غولدستون يؤكد أن الاعتماد على الآخرين لن يجعلنا نحقق أياً من أهدافنا».
وكان الرئيس السوري قد التقى نظيره الإيراني، محمود أحمدي نجاد، على هامش المؤتمر، وبحث الجانبان التعاون القائم بين البلدين وآفاقه المستقبلية. وذكرت وكالة «سانا» السورية للأنباء أن الرئيسين أكدا ضرورة «توحيد الموقف الإسلامي تجاه قضايا المسلمين الجوهرية عبر منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تمثّل منبراً يوحّد المسلمين مهما اختلفت مشاربهم.
أردوغان يرتاح لمحادثة البشير أكثر منه لنتنياهو: المسلم لا يرتكب إبادة جماعية
في غضون ذلك، رأى الرئيس الإيراني، في كلمته أمام القمة، أن «الفكر والنظام الرأسمالي، وصلا إلى طريق مسدود». وقال إن «مفهوم الرأسمالية المرتبط بالسياسة هو تجربة مريرة. لقد رأينا حروباً مفروضة واحتلالاً وصراعات وانتشار الإرهاب والدمار والتمييز السياسي». وأضاف أن «الجذور الأساسية لانحراف نظام الاقتصاد الرأسمالي وفشله، تكمن في كونه نظاماً ربوياً»، مقترحاً «إقرار التبادل التجاري بين الدول الأعضاء (في منظمة المؤتمر الإسلامي) بالعملات الوطنية السائدة»، ومشدداً على «أهمية تأسيس سوق مشتركة بين الدول الأعضاء».
وغاب الرئيس السوداني عن القمة، بعدما عارض الاتحاد الأوروبي هذه الزيارة، بسبب صدور لائحة اتهام بحق البشير من المحكمة الجنائية الدولية. وذكرت وكالة «رويترز» أن تركيا، التي تسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تعرضت لضغوط من بروكسل وجماعات دولية لحقوق الإنسان، لاستبعاد البشير من قائمة الضيوف.
غير أن وكالة الأنباء السودانية الرسمية ذكرت أن البشير أرجأ زيارته من أجل العودة إلى الخرطوم لمناقشة المأزق بشأن قانون الانتخابات مع شركائه في الائتلاف.
وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، قد نفى في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «الأناضول»، أن البشير مسؤول عن جرائم إبادة جماعية في دارفور. وقال إنه سيكون أكثر ارتياحاً في الحديث مع الرئيس السوداني منه في الحديث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
ونقلت «الأناضول» عن أردوغان قوله: «لن أستطيع التحدث مع نتنياهو بارتياح كبير لكنني أستطيع التحدث بارتياح مع البشير. سأقول بارتياح ما فعلته خطأ. وسأقولها في وجهه. لماذا؟ لأن المسلم لا يمكن أن يفعل مثل هذه الأشياء. المسلم لا يرتكب إبادة جماعية».
ولم تصدّق تركيا، التي عززت العلاقات الاقتصادية مع السودان، على قانون إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير، وقالت إنها لا تعتزم اعتقاله.
وفي السياق، عقد وزراء خارجية كل من إيران وقطر وسوريا اجتماعاً على هامش أعمال القمة. وذكرت مصادر مطلعة في إسطنبول، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، أن الاجتماع بدأ صباحاً بين وزيري خارجية قطر حمد بن جاسم وإيران منوشهر متكي، وبعد نصف ساعة انضم إليهما وزير الخارجية السوري وليد المعلم. كذلك، عقد اجتماع رباعي ضم زعماء إيران وتركيا وسوريا وأفغانستان.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب، إرنا)