في إطار تهدئة المخاوف من أن يؤدي الاتفاق النووي إلى «تعزيز قدرات إيران العسكرية»، طمأنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حلفاءها، ممن كانت لديهم مآخذ على الاتفاق، إلى أنها ستواصل تطبيق عقوباتها المشددة الباقية على طهران.
مع ذلك، فقد أفادت وكالة «رويترز» بأن مراجعة لسجلات قضائية ومقابلات مع اثنين من كبار المسؤولين المكلّفين تنفيذ العقوبات أوضحت أن ما تابعته الحكومة الأميركية من انتهاكات لحظر السلاح المفروض منذ مدة طويلة على إيران، في العام الأخير، أقل بكثير مما تابعته منها في السنوات الأخيرة.
وقال المسؤولان إن الانخفاض الحاد في عدد القضايا الجديدة لا يعكس تراجعاً في محاولات إيران لكسر الحظر، بل إن غموض الصورة لدى المحققين والضباط المسؤولين عن تنفيذ الحظر في ما يتعلق بمدى تأثير بنود الاتفاق النووي على القضايا، هو الذي جعلهم يمتنعون عن استخدام ما لديهم من موارد شحيحة بالحماسة نفسها التي استخدموها بها، في السنوات السابقة.
وتُبيّن سجلات قضائية أن المسؤولين عن إنفاذ القانون في الولايات المتحدة وجهوا، في السنة المالية 2014-2015 التي انتهت في 30 أيلول الماضي، اتهامات جديدة في حالتين فقط ضد متهمين بمحاولة تهريب السلاح وما يرتبط به من تكنولوجيا من الولايات المتحدة إلى إيران. وكان عدد مثل هذه القضايا ثماني في السنة المالية 2013-2014. وفي السنوات الست السابقة على ذلك، تراوح عدد القضايا من هذا النوع بين 10 و12 قضية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين «حدث انخفاض أرعن، الحقائق هي الحقائق. وما من تفسير آخر»، مضيفاً أن ثمة «تحفظاً» في بعض الوكالات ومكاتب المدعين الاتحاديين الأميركيين على متابعة القضايا، لصعوبة جمع الأدلة ولأنها تستهلك وقتاً طويلاً.
وأضاف أنه «إذا كنا سنقوم بتطبيع الأمور مع إيران قريباً، فالناس يتساءلون: هل الأمر يستحق ذلك؟».
وتأتي التصريحات السابقة رداً على مسؤولين في إدارة أوباما، يقولون إنهم واصلوا تنفيذ العقوبات بهمة ضد إيران، طوال فترة المفاوضات، وإنهم ما زالوا يفعلون ذلك وسيواصلون تنفيذ العقوبات الباقية بحذافيرها، بعد تطبيق الاتفاق النووي.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة العدل مارك ريموندي أن الوزارة «تواصل متابعة الدعاوى الجنائية ضد أولئك الذين يسعون إلى التحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وغيرها من ضوابط التصدير».
كذلك، أشار مسؤول في وزارة التجارة إلى أن مكتب تنفيذ قواعد التصدير «مستمر في تنفيذ العقوبات على إيران بكل همة»، موضحاً أن القضايا المتعلقة بإيران تمثل الجانب الأكبر من ملفاته حالياً.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم مكتب معلومات الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة اليزابيث بوراسا إن الوزارة طبقت العقوبات بوتيرة واحدة، منذ إعلان التوصل إلى الاتفاق مع إيران في نيسان، مثلما فعلت في السنة ونصف السنة السابقة.
وقالت بوراسا: «منذ بداية فترة التفاوض، فرض مكتب أوفاك عقوبات على أكثر من 100 فرد وكيان لهم صلة بإيران، واستكمل أكثر من 20 عملية إنفاذ للقانون ترتبط بإيران وقام بتقييم غرامات تصل قيمتها إلى نحو 525 مليون دولار تقريباً عن انتهاكات لعقوبات مرتبطة بإيران».
لكن «رويترز» تشير إلى أن وثائق قضائية تبيّن أن أفراداً حاولوا، في السنوات العشر الأخيرة، تصدير سلع أميركية مختلفة لها تطبيقات عسكرية إلى إيران، مثل أجزاء الطائرات وأجهزة الرؤية الليلية ومخارط أفقية تستخدم في صنع الصلب عالي الجودة.
وفي إحدى القضايا في السنة المالية الأخيرة، اتهم مسؤولون أميركيون عدداً من أفراد ما وصفوها بأنها «شبكة مشتريات إيرانية» بتصدير سلع قيمتها 24 مليون دولار إلى إيران بالمخالفة للقوانين، ومنها أجهزة إلكترونية متطورة أميركية المنشأ.
وفي قضية أخرى، اتهم رجل من أوكلاهوما سيتي في تشرين الأول عام 2014، بتهريب مظاريف طلقات سلاح ناري إلى إيران.
وقال المسؤول الثاني عن إنفاذ القانون لوكالة «رويترز» إنه مع اقتراب التوصل إلى اتفاق مع إيران، في العام الأخير، كان الضباط والمحققون القائمون على تنفيذ العقوبات يتابعون الوضع عن كثب ويدرسون بكل حرص، ما إذا كان فتح تحقيقات جديدة يستحق العناء.
وأضاف المسؤول أن قضايا حظر السلاح المفروض على إيران، يمكن أن تكون شديدة التعقيد والتخصص وتستهلك وقتاً طويلاً، كذلك فإنها في بعض الأحيان تتطلب عمليات سرية شديدة المخاطر. وتابع المسؤول أن بعض المحققين والضباط يخشون استثمار سنوات وأموال في قضايا قد تصبح فجأة جدلية.
(رويترز)