بول الأشقر لا تزال الولايات المتحدة، قبل ثلاثة أسابيع من التسلّم والتسليم في هندوراس، تحاول تنفيذ إخراج متقن للحفل كي يكون خاتمة للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. أزمة فتحها الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس المنتخب مانويل زيلايا في 28 حزيران الماضي، وأدت إلى توتر علاقاتها مع أغلبية دول القارة التي ترى أنّ أداءها هو الذي سمح بترسيخ الانقلاب. لهذه الغاية، توجه الوزير الأميركي المساعد لشؤون نصف الكرة الغربية كريغ كيلي إلى العاصمة تيغوسيكالبا للمرة الرابعة خلال آخر خمسة أشهر واجتمع مع الرؤساء الثلاثة: زيلايا المخلوع الموجود في السفارة البرازيلية، ميتشيليتي رئيس الأمر الواقع الذي تسلّم الرئاسة بعد الانقلاب العسكري ولوبو الرئيس المنتخب الذي ينتظر انقشاع المشهد كي يتم الاعتراف بشرعيته. وردد المسؤول الأميركي ما أصبح الموقف الرسمي لبلده أيّ الاعتراف بنتيجة الانتخابات دون اعتبارها تطوراً كافياً لإقفال الأزمة، أي الاعتراف بانتخاب لوبو والتفاوض على شروط شرعنته. وحسب الناطق باسم السفارة الأميركية، فإنّ الزيارة «هدفت إلى التعبير عن دعمنا المستمر لاتفاق سان خوسي ـــــ تيغوسيكالبا، ما يوجب الآن تأليف حكومة وحدة وطنية إلى جانب لجنة من أجل الحقيقة».

وأصبح جليّاً، أنّ ما تحاول الولايات المتحدة القيام به عبر الضغط بورقة استئناف المساعدات المالية لهندوراس، هو سحب ميتشيليتي من الرئاسة قبل 15 الشهر الجاري لتعبيد الطريق أمام وصول للوبو لا يؤدي إلى تلويث حكمه بالخلافات الحالية. وبما أنّ الوزير الأميركي غادر هندوراس من دون الإدلاء بأيّ تصريح، فقد صار من المطلوب إعادة تشكيل الصورة انطلاقاً من تصاريح الرؤساء الثلاثة. فزيلايا قال إنّ الولايات المتحدة لا تزال غير معترفة بحكومة ميتشيليتي، وأضاف إنّها ارتكبت أخطاء بسبب خلافات في صفوفها وابتعدت عن توافق منظمة الدول الأميركية وأصبحت اليوم عاجزة عن إزاحة الانقلابيين. أما لوبو فقال إنّ الولايات المتحدة ترى أن من الضروري أن يترك ميتشيليتي الحكم قبل 15 الجاري وأن تنظف الطاولة قبل بداية الولاية الجديدة. وبانتظارها، يبدو أنّ لوبو نجح في الاجتماع مع رئيسي السالفادور موريسيو فونيس وغواتيمالا ألفارو كولوم اليساريين بعد رئيسي كوستاريكا وباناما الشهر الماضي، وأسرّ لبعض معاونيه أنّه ينوي الاجتماع برئيس نيكاراغوا دانييل أورتيغا ورئيس فنزويلا هوغو تشافيز. أخيراً، أصرّ ميتشيليتي على أنّه لن يترك الرئاسة لأنّ الخلافة الدستورية تؤمن بقاءه حتى 27 الجاري، موعد التسلم والتسليم، ولن يخرج إلا إذا كان هناك قرار شرعي يحتم عليه ذلك، مضيفاً أنّه لن يغيّر موقفه بمجرد أنهم أتوا هنا للضغط عليه.

من جهة ثانية، قرر المدعي العام الهندوري أول من أمس الطلب من مجلس القضاء الأعلى اعتقال قادة القوات المسلحة، وعلى رأسهم الجنرال روميو فاسكيز لتخطّيهم حدّ السلطة بإبعاد الرئيس زيلايا في 28 حزيران الماضي. وفي أول تعليق له، قال فاسكيز إنّه كان ينفذ قراراً قضائياً، وإنّه إذا استدعي فسيمثل أمام القضاء «لأنّنا رجال شرعيون». أما زيلايا، فاستغرب هذه المبادرة المتأخرة، قائلاً «إنّها تنوي تبييض سجل الانقلابيين»، مضيفاً «إذا كان الوضع كذلك فكان من الواجب أن أبقى في السلطة وأدافع عن نفسي بواسطة محاميي إذا كان هناك من تهم ضدي».