أظهرت النتائج الأوّلية للتحقيقات بشأن الإخفاق الأمني الذي أدى إلى حادثة ديترويت أن المعلومات كانت متوافرة لدى الأجهزة الأمنية، إلا أن التنسيق في ما بينها كان مفقوداً
واشنطن ــ محمد سعيد
قدّم مدير مجلس الاستخبارات القومي الأميركي دينيس بلير، الخميس، إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقريراً تضمن نتائج أولية لمراجعتين بشأن الإخفاق الاستخباري في حادثة طائرة ديترويت، مؤكداً في رسالة بعث بها إلى أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ16 أنه سيثني على من قام بعمله بطريقة جيدة وسيحاسب من أخفق.
وأعلن بلير في رسالته، في سياق المراجعة التي تعهد بإجرائها في أعقاب الإخفاق في الكشف مسبقاً عن محاولة تفجير طائرة ديترويت يوم عيد الميلاد، ضرورة «العمل معاً كفريق دعم متبادل». وتضمنت الرسالة، طبقاً لمصادر مطّلعة، اعترافاً بأن التحقيقات تظهر أن المعلومات الموجودة لدى أجهزة الاستخبارات والأمن الأميركية التي من شأنها منع وصول مواد التفجير إلى الطائرة التي كانت قد أقلعت من مطار أمستردام، كانت «غامضة ولكنها متوافرة».
وراجت أنباء أمس، في العاصمة واشنطن، عن أن مراجعة الإخفاقات الأمنية قد تؤدي إلى إطاحة عدد من المسؤولين الأمنيين والاستخباريين البارزين، كدينيس بلير ووزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو.
ودعا أوباما مستشاريه وكبار مسؤولي أجهزة الاستخبارات والأمن إلى الاجتماع معهم قريباً في واشنطن للتباحث في حادثة ديترويت. وتحدث أوباما هاتفياً، ليل الخميس الجمعة، مع مستشاره لمكافحة الإرهاب جون برينان، ومع وزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو التي قالت إنها سترسل مسؤولين رفيعي المستوى لإجراء مباحثات مع مديري المطارات في أفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية لمراجعة الأوضاع الأمنية ووسائل التكنولوجيا المستخدمة في فحص الركاب على متن الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة. وأضافت «إننا لا ندرس إجراءاتنا فحسب، ولكن أيضاً ما وراء حدودنا، لضمان اتخاذ إجراءات فعالة لسلامة الطيران في الرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة».
وأطلع مسؤولون أميركيون أعضاء لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب ومساعديهم على ما جرى في ما يتعلق بملابسات محاولة التفجير. وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ديانا فينشتيان، والعضو الجمهوري فيها كريستوفر بوند، إن اللجنة ستجري تحقيقاتها الخاصة في شأن الفشل الاستخباري، وستعقد جلسات استماع في هذا الشأن اعتباراً من الـ21 من الشهر الجاري.
وقالت فينشتاين «إن حادثة عيد الميلاد كشفت عن بعض أوجه القصور الخطيرة في منظومتنا الأمنية»، داعيةً الديموقراطيين والجمهوريين إلى وضع خلافاتهما السياسية والعمل معاً مثلما جرى بعد هجمات 11 أيلول 2001.
وعلى مستوى التحقيقات الجارية، أشار مسؤول استخباري أميركي إلى أن وكالة الأمن القومي، التي تراقب كل المكالمات الهاتفية، قد التقطت مكالمة من اليمن تفيد بأن نيجيرياً لم يحدد اسمه كان سيقوم بعملية لمصلحة تنظيم «القاعدة»، إلى جانب اتصالات أخرى عن خطط لهجوم إرهابي خلال عطلة عيد الميلاد، غير أن أياً من هذه المعلومات لم تُربط بالتحذير الذي قدمه والد عبد المطلب إلى السفارة الأميركية في لاغوس.

وكالة الأمن القومي التقطت مكالمة من اليمن تفيد بأن نيجيرياً كان سيقوم بعملية لمصلحة «القاعدة»
وكان أوباما قد أمر يوم الثلاثاء الماضي بإجراء مراجعة لقائمة مراقبة من يشتبه في علاقته بما يسمى الإرهاب، التي تشمل نحو مليون و300 ألف اسم. وأوكل أوباما مهمة المراجعة إلى مستشاره لمكافحة الإرهاب جون برينان، الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لنحو 35 عاماً، حيث كان قد ساعد في تصميم قائمة المراقبة وعمل مديراً مؤقتاً للمركز القومي لمكافحة الإرهاب الذي يخضع حالياً لمراجعة بدوره.
من جهة أخرى، اعترفت أجهزة استخبارات أميركية وغربية بأن محاولة تفجير طائرة ديترويت تظهر قدرة فروع تنظيم «القاعدة» خارج باكستان وأفغانستان على استهداف الولايات المتحدة مباشرة. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «المسؤولين الأميركيين عبّروا في السابق عن قلقهم من قدرة فروع القاعدة في أفريقيا الشمالية واليمن والعراق والمجموعات الإسلامية في الصومال، ذات الصلات مع التنظيم، على مهاجمة أهداف غربية في أماكن وجودها، غير أنهم كانوا واثقين بأن هذه المجموعات، على عكس تنظيم «القاعدة» الرئيسي في باكستان، غير قادرة على استهداف الولايات المتحدة مباشرة». وقال ريتشارد باريت، وهو مسؤول استخباري بريطاني سابق يعمل حالياً في مراقبة تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» لمصلحة الأمم المتحدة، إن ثقة «القاعدة» كبرت في شبه الجزيرة العربية، ويبدو أنها تطوّر قدرة تتجاوز الأقطاب الأخرى في التنظيم.