أزمات الإدارة تنشر الوجوم في البيت الأبيض

تغيّر الوضع المرح في غرفة الصحافة في البيت الأبيض، فبعدما كان المتحدث باسم الإدارة روبرت غيبس يُضحك الصحافيين 179 مرة في الشهر، انخفض ذلك إلى 89 مرة

ديما شريف
كان العام الماضي عاماً جيداً لسكان البيت الأبيض. رئيس جديد، موظفون جدد، وإدارة جديدة تبعد شبح ملل وكآبة السنوات الثماني السابقة من حكم الجمهوريين وجورج بوش الابن. كان المراسلون الصحافيون في البيت الأبيض هم الأكثر سعادة بهذا التغيير. ملّ هؤلاء من تغطية المؤتمرات الصحافية التي لم تختلف مضامينها في ولاية بوش الثانية ورغبوا في بعض التغيير.
لذلك كان جوّ المرح واضحاً في الأشهر الأربعة الأولى لمجيء أوباما إلى البيت الأبيض. إذ يذكر سجل غرفة الصحافة ورود أكثر من 600 ضحكة في هذه الفترة. فكاتب غرفة الصحافة يسجّل في المحاضر ضحك الصحافيين أو المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس.
خلال الأشهر الأربعة الأولى من حكم أوباما، كان هناك معدل أكثر من عشر ضحكات في كلّ جلسة في غرفة الصحافة. وبهذا المعدل يسبق غيبس كلّ أسلافه في إشاعة جو من المرح خلال المؤتمرات الصحافية. فآخر متحدثة باسم البيت الأبيض على عهد جورج بوش الابن، دانا بيرينو، نالت 57 ضحكة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عملها. أما سلفها سكوت ماكليلان فنال 66 ضحكة خلال شهوره الأربعة الأولى. ويتذكر بعض الصحافيين المتحدث الأسبق طوني سنو الذي كان يتمتع بخفة دم، فلقّب المراسلون المعتمدون في البيت الأبيض مؤتمراته الصحافية بـ«برنامج طوني سنو الهزلي». لكنّه لم يستطع هزيمة غيبس، إذ حصل على 217 ضحكة في شهوره الأربعة الأولى.
ويرى الباحث في «مركز الأبحاث الإعلامية» تيم غراهام أنّ نجاح غيبس بين الصحافيين يعود إلى الألفة السياسية التي يشعر بها هؤلاء مع الإدارة الجديدة. ويضيف إنّ من المحتمل أن يكونوا فعلاً يظنون أنّ غيبس مضحك أكثر من نظرائه في عهد بوش. ويعتقد غراهام أنّ ما جرى هو إشارة إضافية إلى أنّ الصحافيين يكونون مرتاحين أكثر مع متحدث إعلامي يمثل الأمل والتغيير الذي صوّتوا له.
وتوضح سجلات البيت الأبيض أنّ أكثر الأيام مرحاً في غرفة الصحافة كان في الأول من أيار 2009، حين زار الرئيس الأميركي باراك أوباما فجأة الغرفة وتحدث مع الصحافيين عن استبدال أحد قضاة المحكمة العليا الذي يفترض أن يتقاعد. وضحك أوباما وغيبس والصحافيون ثلاثين مرة خلال اللقاء.
ويبدو من السجلات أنّه لم يخل أي لقاء لغيبس من الضحك مهما كانت الظروف، ومنها لقاءان في العاشر والسابع والعشرين من شباط الماضي لم يرد فيهما سوى ضحكتين، وكانا عن أفغانستان.
وقال غيبس عندما علم بسجله هذا أنّه «رغبت دائماً في أن نستطيع القيام بأعمالنا المهمة والحصول على بعض المرح في الوقت نفسه».
ويقول الصحافي في شبكة «سي بي إس» مارك نولر، الذي غطى نشاطات البيت الأبيض منذ أيام الرئيس الأسبق جيرالد فورد، إنّ غيبس يحب إلقاء النكات من وقت لآخر أكثر من أي مسؤول إعلامي مرّ عليه في السابق.
أما الصحافي جون غيزي، الذي صادر غيبس هاتفه الخلوي العام الماضي لأنّه رنّ خلال المؤتمر الصحافي، فيقول إنّ هناك إعجاباً بالرئيس الجديد، ولهذا فالصحافيون مرتاحون في المؤتمرات. ويضيف إنّ غيبس لديه حسّ النكتة، ولديه دائماً جمهور واسع من الصحافيين أكثر من سابقيه، وهذا يعود إلى كون الإدارة جديدة.
لكنّ هذه الحماسة الكبيرة للصحافيين وتجاوبهم مع غيبس انخفضا في الأشهر الماضية، فلم ينل سوى ما معدله 89 ضحكة في الشهر، أيّ أقل من نصف معدله السابق، 179 في الشهر.

انخفض إضحاك غيبس للصحافيين من 179 مرة إلى 89 مرّة في الشهر
ويمكن إرجاع ذلك إلى انتهاء «شهر العسل» الذي عاشته الإدارة الجديدة مع الناس بداية حكمها وبدء المتاعب في النصف الثاني من العام الماضي. فقد وجدت الإدارة نفسها أمام عائق كبير في تمرير قانون الرعاية الصحية الجديد، واستاء عدد كبير من الديموقراطيين من قرار أوباما إرسال جنود إضافيين إلى أفغانستان. وكانت الطامة الكبرى خسارة الديموقراطيين مقعد تيد كيندي في مجلس الشيوخ للجمهوريين.
وتقول الصحافية في «أميركيان أوربان راديو» آبريل رايان إنّ لهجة غيبس هي أحد أسباب انخفاض عدد الضحكات. وتضيف إنّ هناك عدداً كبيراً من الأسئلة الخطيرة التي تتطلب إجابات خطيرة، وهذا لا يتماشى مع الضحك والمرح.
من جهتها، تقول الصحافية في «واشنطن إكزامينر» جولي مايسون إنّ الضحك خف كثيراً في الآونة الاخيرة في غرفة الصحافة في البيت الأبيض و«فقدت نهفات غيبس قدرتها على إضحاكنا».
سبب آخر ساهم في ذلك هو استياء كلّ الصحافيين من غيبس، فهم يعرفون أنّه مقرّب جداً من الرئيس، لكنّهم لا يحصلون على معلومات توضح ذلك.