المرشّحة الجمهوريّة السابقة تُلهب السياسة الأميركيةشهيرة سلّوم
«إنها عبقرية.. الصحافة لا ترتوي منها»، «أيمكن أن تحول الشهرة إلى قوة سياسية حقيقية؟»، «أمن الممكن أن أفضل ما لديها هو أنها لا تملك شيئاً؟». أحاديث صحافية عن سارة بالين، المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي عن الحزب الجمهوري. حاكمة ألاسكا السابقة التي استقالت قبل انتهاء ولايتها بـ17 شهراً، والتي انتقدها كثيرون إبان الحملة الرئاسية لقلّة خبرتها، ولاحقتها الصحافة بسبب أخبارها العائلية وحمل ابنتها وعراكها مع صهرها وما تنفق على ملابسها.
هي التي كانت تعتقد بأن أفريقيا بلداً وليست قارة، ولم تستطع أن تحدد الدول الثلاث المشاركة في «نافتا»، ووقعت ضحية خداع برنامج إذاعي كوميدي فرنسي كندي «ذا ماستر أفنجرز» لمارك أنطوان أوديت وسبستيان ترودل، حين اتصل بها المذيع وادّعى أنه الرئيس نيكولا ساركوزي، وتحدّثا في الأمور الشخصية والسياسية.
سقطات بالين عدّها المراقبون سبباً رئيسياً في تراجع حظوظ الحزب الجمهوري في الانتخابات، مشيرين إلى أن جون ماكاين ارتكب خطأً مميتاً حين اختارها.
لكنّ سارة عادت، وبقوة. عودة جعلت منها حديث الصحافة الأميركية، وموضوع تحليل كبار كتّابها على مدى أسابيع. استقالت من موقعها حاكمة لولاية ألاسكا ووقّعت عقداً مع «فوكس نيوز»، ووصل عدد معجبيها على «فايس بوك» إلى 1.3 مليون، وسجّل كتابها «التمرّد» أعلى الأرقام في المبيعات، وأحاطت نفسها بالمستشارين لإرشادها في الأمور الداخلية والخارجية، وشاركت في المهرجانات الانتخابية للمرشحين الجمهوريين، وتمكّنت من حشد أكثر من 8000 شخص في مهرجان لحاكم تكساس ريك بيري، وُصف بأنه «أكبر حدث جمهوري في المرحلة التمهيدية في تاريخ الولاية» .
وانضمت إلى حركة «حفلات الشاي» الاحتجاجية، وأخذت مجدها في خطابها أمام مؤتمر «حفلات الشاي» الوطني في ناشفيل، الذي بثته ثلاث محطات أساسية، قبل إعلانها صباح اليوم التالي على «فوكس نيوز مورنينغ» أنها لن تغلق باب ترشّحها إلى انتخابات 2010.
ومؤتمرات حفلات الشاي هي حركة احتجاجية بدأت بتجمعات غاضبة أمام المجالس المدنية واحتجاجات في الشارع. ويحاول النشطاء الحاليون أن يحوّلوا جهودهم الشعبية إلى مكاسب سياسية.
وهاجمت بالين، في مؤتمر حفلات الشاي (قيل إنها حصلت على أتعاب قيمتها 100 ألف دولار)، سياسات أوباما في الأمن والاقتصاد، مستخدمة لهجة شعبوية بسيطة بعيدة عن التظاهر. وانتقدت قراءة حقوق «ميرندا» على منفّذ اعتداء ديترويت الفاشل. ووصفت أوباما بأنه «الشاب الكاريزمي صاحب الملقّن الإلكتروني».
وفي 40 دقيقة، ألهبت الجماهير بنبرتها الساخرة. ولكن لم يسلم خطابها من الخطأ، إذ قالت «ألاسكا منارة للأمل» وكانت تقصد أميركا.
أصبحت «النجمة» بالين التي يتحدث عنها الجميع. وكتبت «واشنطن بوست» على صفحتها الأولى: سارة نجحت في حشد الجماهير، ويبقى عليها الآن أن تحوّل جاذبية الظاهرة إلى قوة سياسية يمكن أن تستقطب وتحرك كتلة من الناخبين، بعدما رفعت صوت الحركة الغاضبة على سياسات أوباما.
وكتب جو كلاين في «تايمز» «إنها حفلتها: عبقرية سارة بالين». فيما رأى دايفيد بوردر في مقالته «خذو سارة بالين جدياً»، أنه بالمزاج الحالي، فإن بالين، في كل المعايير، تعدُّ تهديداً لأكثر الجمهوريين قوة ولأوباما أيضاً.
ولكن للكاتب روبينسون رأي آخر. ويقول إن الممسكين بزمام الأمور في الإدارة قلقون من ازدهار شعبية بالين، لكن العكس حاصل. فنسبة الذين يوافقون على سياستها في انحدار، مستنداً إلى استطلاع أجرته «واشنطن بوست»، يقول إن 37 في المئة فقط يوافقون على سياستها، فيما 55 في المئة لا يوافقون. ويجد من المضحك جداً رفض بالين تحديد ما إذا كانت ستخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. فأكثر من 71 في المئة لا يجدون أن السيدة مؤهّلة لتولّي السلطة، وهذا الرقم لا يشمل الديموقراطيين فقط، بل ثلثي المستقلين ونحو 55 في المئة من الجمهوريين.
ورغم أن الكاتب يقرّ بأنها «مؤدية جيدة»، إلا أنه يخلص إلى وصفها بالنخبوية كأولئك «الذين يتصرفون وكأن الناخبين مجرد خراف لا يحتاجون إلى إزعاجهم بالنقاشات في كيف يجب أن تتصرف حكومتهم حقاً».
ويجد الديموقراطيون أن سارة مشكلة جمهورية، ويمكنها أن تحدث بلبلة لواشنطن من خلال المواقع الإلكترونية الاجتماعية «فايس بوك» و«تويتر»، وهي مجالات لطالما تفوّق فيها الديموقراطيون. لكنهم لا يرونها منافساً جدّياً على الرئاسة. ويرون أن تألّقها في حركة حفلات الشاي يمكن أن يكون سيفاً ذا حدّين بالنسبة إلى الجمهوريين، فهو يحمل مخاطر بقدر ما يأتي بمنافع.