بول الأشقرخاص بالموقع - بعد تأخّر فضائحي دام 5 أيام لأسباب تقنية، بدأت نتائج انتخابات كولومبيا ترسم صورة كولومبيا ما بعد أوريبي. ودلّ توزيع المقاعد في الكونغرس ـ مجلس نواب ومجلس شيوخ ـ على أن أكبر حزبين في الأكثرية التي حكمت كولومبيا خلال السنوات الـ8 الأخيرة، «حزب ألـU»، دون أن يُعرف ما إذا كانت هذه الـ« U » لأوريبي أو للوحدة الوطنية، الذي يترأسه خوان مانويل سانتوس، أقوى مرشح للرئاسيات حتى الآن، والحزب المحافظ، حلّا في المقدمة وحصلا معاً على الأكثرية المطلقة من المقاعد في المجلسين: في مجلس النواب، 47 مقعداً للـ«U» و38 مقعداً للمحافظين من أصل 166 مقعداً، وفي مجلس الشيوخ 27 مقعداً للـ«U» و25 للمحافظين من أصل 102 . وإذا كان الحزب الليبرالي المعارض قد حلّ ثالثاً دون تقدم أو تأخر يذكر (29 نائباً و18 شيخاً)، دلّت باقي النتائج على أن العادات السيّئة الكولومبية ما زالت تتحكم في خيوط كثيرة، إذ نجح «حزب الاندماج» الأوريبي الذي أُنشئ قبل أشهر معدودة والذي يضم أكثرية أهالي السياسيين المتورطين مع الباراميليتاريس (نحو ثلث أعضاء الكونغرس المنتهية ولايته أمام القضاء)، في خطف المرتبة الرابعة، وستكون مصالح عرّابيه ممثلة في المجلسين.
في المرتبة الخامسة، «التغيير الراديكالي»، وهو أساساً من الأكثرية، وقد ابتعد عن أوريبي آخر سنتين لمعارضته ترشيحاً ثالثاً. وكانت خيبة «القطب الديموقراطي البديل» اليساري كبيرة، إذ حلّ سادساً بعد أن حلّ مرشحه ثانياً في الرئاسيات الأخيرة. مفاجأة أخيرة، وهذه جيّدة، ترسّخ الحزب البيئي الأخضر حزباً وطنياً.
من جهة أخرى، على هامش الانتخابات النيابية وفي موازاتها، اكتمل مشهد الانتخابات الرئاسية بعد شهرين، مع صدور نتائج الاستشارتين المفتوحتين اللتين عقدهما الحزبين، المحافظ والبيئي.
في استشارة الخضر، ترشّح آخر ثلاثة رؤساء بلدية لبوغوتا، وهم ثلاث شخصيات محترمة جداً من اليمين والوسط واليسار. وقد خاضوا حملتهم الانتخابية معاً في سابقة غير معهودة. وقد فاز الوسطي أنتاناس موكوس بأكثرية مطلقة بين المشاركين الذين ارتفع عددهم إلى مليون ونصف.
الاستشارة الثانية المحافظة كانت مسرح معركة طاحنة شارك فيها أكثر من مليوني ونصف مليون ناخب، وقد تترك آثارها على وحدة الحزب، وربما على نتائج الرئاسيات: فازت المرشحة السابقة والوزيرة السابقة والسفيرة السابقة نويمي سانين، التي خاضت المعركة تحت شعار استقلالية الحزب إزاء أوريبي، على الوزير أندريس فيليبي أرياس الملقّب بـ«أوريبي الصغير» بفارق 38 ألفاً. وإذا كانت هذه النتيجة تجعل من خوان مانويل سانتوس مرشح الأوريبية الرسمي، إذا جاز التعبير والمرجّح وجوده في الدورة الثانية، فإن انتصار نويمي سانين يجعل منها مرشحة قوية، وبالتالي عنصر تهديد للأكثرية البرلمانية المذكورة سلفاً، إلى جانب مرشح الحزب الليبرالي رافائيل باردو لمبارزة سانتوس في الدورة الثانية، لأنهما يتمتعان أسوة به بماكينات كبيرة للوصول وربما للفوز، إذا نجحا في تكتيل الأصوات المعادية له. وتحاشياً لهذا السيناريو، اختار خوان مانويل سانتوس مرشحه لنيابة الرئاسة من صفوف اليسار. ولكن كل الاحتمالات لا تزال واردة، فالرئاسيات في كولومبيا ـ قبل أوريبي ـ كانت دائماً صندوق مفاجآت، وما زلنا في بداية السباق.