دانت الولايات المتحدة بشدّة «استفراد إسرائيل» في البيان الختامي لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي، وشكّكت في احتمال انعقاد مؤتمر خاص بالشرق الأوسط في 2012
نيويورك ــ نزار عبود
بعد الفشل في كسر التضامن العربي مع دول عدم الانحياز في معركة دبلوماسية دامت 25 يوماً، استطاعت الدول الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة، تفريغ مؤتمر مراجعة معاهدة الحد من الانتشار النووي من الكثير من الإنجازات، بعدما أشار بيانه الختامي إلى البرنامج النووي الإسرائيلي بالاسم لأول مرة ورفض ذكر إيران.
وأكد البيان الختامي أنه «من المهم أن تنضمّ إسرائيل إلى المعاهدة، وأن تضع كل منشآتها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية»، من دون أن يدعوها صراحةً إلى الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي.
وعلى الرغم من تصويت الولايات المتحدة لمصلحة القرار، وثناء الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على الاتفاق بوصفه «متوازناً وواقعيّاً»، فإنه أبدى في المقابل معارضته «الشديدة» لذكر إسرائيل تحديداً، ومعارضة «الأفعال التي تهدّد أمن إسرائيل الوطني».
وأشار أوباما إلى أن الوثيقة تتضمن اتفاقاً على عقد مؤتمر عام 2012 لمناقشة المسائل المتعلقة بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من «أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها»، مسقطاً الفقرة الثانية من بند الشرق الأوسط التي تسمّي السلاح النووي قبل أسلحة الدمار الشامل، وتتضمن «إقامة شرق أوسط خال من الأسلحة النووية ومن أسلحة الدمار الشامل الأخرى».
وفي تجاهل منه لترسانة إسرائيل النووية، رأى أوباما أن إيران تمثّل التهديد الأكبر في المنطقة، وأن المعاهدة تمثّل جزءاً حاسماً لضمان التزام «كلّ» الدول بتعهداتها «وإلاّ فستواجه العواقب».
بدوره، شجب مستشار أوباما لشؤون الأمن القومي، الجنرال جيمس جونز، «استفراد إسرائيل» في المؤتمر. وأعلن أنّ الولايات المتحدة سترعى مؤتمر الشرق الأوسط إلى جانب بريطانيا وروسيا والأمم المتحدة، مشترطاً أن تحظى قرارات المؤتمر «بإجماع الدول الإقليمية فقط» مجتمعةًَ.
وشكك جونز في احتمال عقد المؤتمر، مؤكّداً أن بلاده بصفتها الراعي لن تسمح بعقد المؤتمر، إلّا إذا كانت إسرائيل راضية بعقده. وقال، في بيان وزّعه على مراسلي الإعلام لدى الأمم المتحدة، «إنّ آفاق عقد مؤتمر في 2012 تشارك فيه جميع دول المنطقة باتت الآن موضع شك وستبقى كذلك، حتى يتلقّى الجميع تطمينات بإمكان عمله بأسلوب غير متحيّز وبنّاء».
وفي موازاة الامتعاض الأميركي من خلاصات المؤتمر، سجلت حركة عدم الانحياز التي تضم 116 دولة من أصل 189 دولة موقّعة على المعاهدة، تحفّظها على الوثيقة الختامية، وعَدّتها «أضعف» الإيمان.
وانتقدت الحركة البيان الختامي لأنه اقتصر على تكرار ما لم يُطبَّق قبل 15 عاماً وبلهجة أرقّ، كما لم يُوضَع إطار عملي للتخلص من الأسلحة النووية في موعد محدّد.
أما مندوب إيران لدى الوكالة الدولية الذرية، علي أصغر سلطانية، فحمل بشدّة على الدول النووية التي تعارض التخلي عمّا وصفه «وهم ترجمة امتلاك السلاح النووي هيمنة سياسية وقدرة على التأثير في مجريات الأمور في العالم وتشكيلها».
وحدّد في خطاب مفصّل جملة مسائل أساسية افتقر إليها الإعلان الختامي، أبرزها تلطيف لهجة النص الذي يؤكّد ضرورة خفض الدول النووية حجم ترساناتها النووية إلى حدّ ما وصفه بـ«الإقرار العقيم بمصلحة الدول غير النووية في الالتزام بالمعاهدة».
ولم يطلب النص إزالة دور السلاح النووي من العقيدة القتالية للجيوش. وبدلاً من أن يكرّر البيان الختامي ما نصت عليها دعوات المجتمع الدولي لمنع استخدام السلاح النووي أو التهديد به، اقتصر النص على «طلب الحوار بهدف مناقشة سياسات من شأنها الحؤول دون استخدام الأسلحة النووية».
وفي ما عدّه مخالفة صريحة للبندين الأول والثاني من معاهدة منع الانتشار، «لم يدعُ البيان إلى سحب الأسلحة النووية وإزالتها من أراضي الدول التي تعدّ غير نووية». كما لزم النص الصمت حيال استمرار بناء ترسانة إسرائيل النووية.
كذلك طمس النص شرعية ما جرى التوصل إليه عام 1995 من اتفاق بين الدول النووية والدول غير النووية، حيال مسألة نقل المواد النووية والمواد المشعّة الخاصة والمعدّات النووية من دولة إلى أخرى. وكانت الفقرة 12، المتعلقة بالمبادئ والأهداف، قد حدّدت شرطين أساسيين لشرعية النقل، تنصان على «توافق ضمانات الوكالة الشاملة مع الالتزامات القانونية الدولية الملزمة بعدم امتلاك أسلحة نووية».