MAVI MARMARA: طريقنا إلى فلسطين... طريقنا إلى الحريةأرنست خوري
يُتوَقَّع أن يبدأ السفير التركي المعيَّن حديثاً لدى إسرائيل، كريم أوراس، ولاية دبلوماسية قاسية. فوصوله المقرر إلى تل أبيب في غضون هذين اليومين، لاستبدال زميله أحمد أوغز تشليك كول أوغلو، متوقَّع أن يتزامن مع اعتقال عدد من المواطنين الأتراك الواصلين إلى الأراضي والمياه المحتلة على متن سفينة «mavi marmara» (مرمرة الزرقاء).
ومنذ وُلدَت الفكرة التركية بإرسال قافلة مساعدات عملاقة إلى قطاع غزة، من ضمن حملة «طريقنا إلى فلسطين، طريقنا إلى الحرية»، عبّرت حكومة رجب طيب أردوغان، بطرق متعدّدة، عن احتضانها لها. احتضان لم يكن سوى انعكاس للتضامن الشعبي الكبير مع الشعب الفلسطيني عموماً، والغزيّين المحاصرين تحديداً. ومع علمها بالنيات الإسرائيلية العدوانية تجاه القافلة المذكورة، وفّرت أنقرة نوعاً من الغطاء السياسي للمشاركين في الحملة، انطلاقاً من قاعدة ثابتة في الدبلوماسية التركية، منذ عدوان «الرصاص المصهور»، مفادها أنّ «الحصار على غزة يجب أن يُرفع».
هكذا، سمحت الحكومة التركية لنقابيين أتراك وناشطين سياسيين وعاملين في مجال حقوق الانسان وإعلاميين حكوميين وغير حكوميين، وعدداً من البرلمانيين الأجانب، بالتوجه إلى القطاع الفلسطيني على متن السفينة التركية، التي تقلّ 560 مشاركا، والتي انطلقت من شاطئ أنطاليا التركي، أمس، لتنضم إلى السفن السبع الأخرى في المياه الإقليمية القبرصية. تضامن شعبي تجلّت أكبر ترجماته في واقع أنّ فكرة أسطول المساعدات، هي تركية الأصل، ويرأس المشاركين الـ750، مواطن تركي هو رئيس منظمة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، بولنت يلدريم.
وتحمل «مرمرة الزرقاء»، إضافة إلى 560 شخصاً (تركياً وأجنبياً)، حمولة قيمتها 20 مليون دولار من المساعدات الإنسانية والطبية وأدوات البناء. ومجموع ما ستحمله هذه السفينة، إضافة إلى السفن الأخرى (2 من بريطانيا وواحدة من اليونان وواحدة من إيرلندا وواحدة من الجزائر وواحدة من الكويت وواحدة من ماليزيا)، 10 آلاف طن من المساعدات، وركابها من 50 دولة.
ومنذ كشفت سلطات الاحتلال عن نيّتها توقيف ركّاب السفن الثماني فور اقترابهم من مرفأ أشدود، الذي يبعد نحو 25 كيلومتراً عن شاطئ غزة، دعت تركيا، يوم الثلاثاء الماضي، إسرائيل إلى السماح لقافلة السفن بدخول القطاع. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إنّ حكومته على اتصال بتل أبيب بشأن قافلة المساعدات، مشيراً إلى أن «العمل بهدوء، أمر ضروري أكثر من زيادة حدة التوتر (من قبل إسرائيل) المرتفعة أصلاً».
وفور إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، خطة حكومته لاعتقال طاقم السفن والحمولة فور دخولهم إلى المياه الإقليمية الفلسطينية أمس، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، بُراك أوزوغرغين، أن سلطات بلاده على تواصل دائم مع السلطات الإسرائيلية والمصرية لتفادي قيام جيش الاحتلال بأي ردّة فعل عسكرية تجاه القافلة وطاقمها، بما أنّ قافلة السفن «ليست استفزازاً سياسياً، بل مجرد مساعدات إنسانية». وقال أوزوغرغين، في ما عدّته بعض وكالات الأنباء العالمية تحذيراً لتل أبيب: «لا نريد منكم أي توتير إضافي للأجواء».
أما حدة الرد الشعبي والإعلامي على التهديد الإسرائيلي، فكان أكبر من الموقف الرسمي، إذ جزمت المنظمات التركية المشاركة بأنها لن تتراجع ولن تخاف من قوات الاحتلال التي «أكثر ما تخشاه، هي المنظمات الدولية غير الحكومية»، لافتة إلى أنّ التهديد الإسرائيلي واستعدادات الدولة العبرية للاعتداء على هذا الأسطول الإنساني، «اعتداء غير مسبوق في التاريخ».
وفي السياق، تخوّفت بعض المقالات في الصحف التركية، من أن يتكرر سيناريو جديد من سيناريوات الأزمات الدبلوماسية التركية ـــــ الإسرائيلية التي تتكرر منذ عامين؛ فقد حذّرت بعض المقالات من أن تعتدي سلطات الاحتلال على طاقم السفن، بعدما قرر الناشطون العرب والدوليون، مقاومة الشرطة الإسرائيلية التي ستحاول اعتقالهم، قبل ترحيل بعضهم. مقاومة ستكون سلمية، من خلال تكوين جسر بشري متشابك، من شأنه عرقلة رجال الأمن الإسرائيليين، وبالتالي قد يمارس هؤلاء أعمال عنف بحقهم. وفي حال تحقُّق هذا السيناريو، يتوقع كثر أن تنشب أزمة بين أنقرة وتل أبيب، أشدّ وطأة من تلك التي نشبت على خلفيات «معركة دافوس» أو إلغاء مناورات «نسر الأناضول» و«معركة السفير» والمسلسل التلفزيوني التركي.