تتجه الأمور، على ما يبدو، نحو فصل الملف النووي الإيراني عن ملف تبادل اليورانيوم، لاعتبارات متعددة، ليس أقلها تعقيد الأول والضرورات الإنسانية التي تفرض نهاية سعيدة للثاني، في ظل ضبابية تعمّ التفاصيل ومحاولات لتفسير بعض مفاجآت الأيام القليلة الماضية، أو تبريرها
إيلي شلهوب
مسار تطور الأمور يبدو واضحاً بالنسبة إلى طهران في خطوطه العامة، وإن كان في تفاصيله رهن الزمن. «أولاً، لنحسم جانباً خيار التصعيد العسكري. لن تكون هناك حرب»، تبادر مصادر النظام في إيران رداً على استفسارات «الأخبار» في شأن المواجهة الأخيرة مع الولايات المتحدة. «البديل، هو أن تستمر الأزمة في شكلها السياسي بين مد وجزر».
حلبة الصراع الآنية تنحصر في ساحتين: الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي «تسلمت اليوم (الاثنين) رسالة خطية منا» في شأن الاتفاق مع تركيا والبرازيل على صفقة تبادل اليورانيوم. ومجلس الأمن الدولي الذي يبحث مسودة عقوبات جديدة.
على مستوى الساحة الأولى، تقول المصادر إن «مجلس حكام الوكالة سيجتمع خلال أسبوع لبحث هذا الاتفاق والتصويت عليه، وعلى الأرجح ستكون النتيجة القبول به»، من دون أن تستبعد أن «يطلب البعض تعديلاتهم عليه». وتضيف أن «الاتجاه، بحسب الأجواء التي يمكن استشفافها من كواليس أروقة القرار هنا (في طهران)، نحو فصل الملف النووي عن ملف التبادل الذي يُعَدّ ملفاً إنسانياً يتعلق بحاجة عشرات آلاف المصابين بداء السرطان إلى الدواء» الذي ينتجه مفاعل طهران، مشددة على أن «من واجبات وكالة الطاقة توفير الوقود النووي لهذا المفاعل الطبي». ويعزز الكلام على هذا الفصل تأكيدات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في معرض تبريره لموافقة موسكو على مسودة العقوبات، أن لا علاقة لاتفاق طهران بموضوع العقوبات، وأنهما مساران مختلفان، مع التشديد على أن الملف النووي الإيراني سيبقى في يد مجموعة «5 + 1».

حلفاء ولكن

وفي ما يتعلق بالساحة الثانية، وتحديداً الحديث عن إجماع الدول الخمس الدائمة العضوية على فرض رزمة جديدة من العقوبات، تقول المصادر نفسها إن «الولايات المتحدة هي التي تروج لأمر كهذا. لكن الموفدين الدبلوماسيين الصينيين والروس يتحدثون هنا (في طهران) بطريقة مختلفة. يقولون إنه لا جديد في ما يحصل، ويؤكدون أن الاتفاقات في ما بيننا على حالها وأنهم ماضون في مشاريعهم في إيران، تلك المتعلقة بالنفط والبنية التحتية وما إلى ذلك. يقولون إنهم يريدون المحافظة على مصالحهم في الجمهورية الإسلامية ويكررون مقولة: لا تخافوا، نحن موجودون وعلى عهودنا. بل إنهم يبلغوننا عن جميع المحادثات واللقاءات التي يجرونها بهذا الشأن»، مشيرة إلى «أنها كلها ألاعيب دبلوماسية تحاول واشنطن ممارستها. لا تزال مسودة القرار موضع استشارات، وعلينا أن ننتظر لنرى إن كانت ستُقر في نهاية المطاف».
ومع ذلك، تؤكد مصادر واسعة الاطلاع أن «وضع الصين مختلف عن وضع روسيا. بكين أكثر انسجاماً مع المطالب الإيرانية. مصالحها أكثر التصاقاً بمصالح طهران، خلافاً للروس، بدليل تخصيص الرئيس (محمود أحمدي) نجاد موسكو بتصريح أكد فيه أنه لو كان في مكانهم لكان أكثر يقظة عند اتخاذ موقفه»، مشيرة إلى أن «التقسيم الجامد للخريطة القائل بوجود فاعلين هم إيران ومجموعة 5 + 1 ومجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية وما إلى ذلك ليس معبراً. تداخل العلاقات أكثر تعقيداً من ذلك».

تراجع أوباما


أميركا هي التي تروج لقبول الصينيين والروس بالعقوبات، لكن موفديهم يتحدثون هنا (في طهران) بطريقة مختلفة

أدركت واشنطن أنها تعيش اليوم في عالم متعدد الأقطاب، القوى الأساسية فيه دول مثل تركيا والبرازيل ما عاد باستطاعتها تجاوزها

وفي السياق، تؤكد مصادر النظام الإيراني أن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت موافقة مسبقاً على اتفاق طهران، لكن شيئاً ما طرأ في اللحظة الأخيرة جعلها تغير رأيها وترد عليه بالطريقة التي فعلت. وتوضح أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا «تلقى رسالة من أوباما فاوض في طهران على أساسها وجاء الاتفاق بما يوفّر معظم متطلباتها. لماذا غير أوباما رأيه؟ إنها ضغوط اللوبيات. اللوبي الصهيوني والعسكر والمجمع الصناعي الأميركي وغيرهم». وتضيف: «كذلك، إن (وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري) كلينتون موقفها من الجمهورية الإسلامية معروف منذ خوضها الانتخابات للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويوك. ألم تقل إنها تريد أن تدمر إيران بدلاً من إسرائيل؟».
وترى المصادر نفسها أن «مجموعات الضغط في أميركا تجهد لإبقاء الملف النووي الإيراني على نار حامية لسببين: الأول، لأن ذلك يساعدها على التغطية على أمور كثيرة، بينها الأزمات التي تواجهها في العراق وأفغانستان. أما الثاني، فلأنها لا تريد أن تُشعر إيران بأنها انتصرت. لا تريد أن تعطيها ورقة مجانية في ظل وجود ملفات كثيرة عالقة معها».
في المقابل، تفيد التسريبات الأميركية بأن ما جرى عملياً هو حسم الصراع داخل إدارة أوباما «لمصلحة صفر تخصيب في مقابل القائلين بلا واقعية هذا الخيار». لعل ما يدل على ذلك، بحسب التسريبات نفسها، أن التصريحات الرسمية التي ردت بالترحيب باتفاق طهران تحدثت في الوقت نفسه عن شرط وقف التخصيب، موضحة أنها المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن شرط كهذا رسمياً منذ اتفاق جنيف، ذلك أن كل حديث سابق بربط كهذا كان يجري تلميحاً وعبر تسريبات لوسائل الإعلام، وإن كانت واشنطن قد أقرت اتفاق تشرين الأول الماضي، وفي ذهنها أنه يجب أن يؤدي إلى هذه النتيجة.
في المقابل، بالنسبة إلى تخلي طهران عن شرطَيها بتزامن عملية تبادل اليورانيوم المنخفض التخصيب بالوقود النووي وحصوله على الأراضي الإيرانية، ترى مصادر النظام أنه «ليس تغييراً في الموقف، بل حصول على النتيجة المتوخاة بأسلوب جديد»، في ظل تأكيد التسريبات الأميركية أن اتفاق طهران هو بالنسبة إلى الإيرانيين لبناء الثقة، فيما يؤدي اتفاق جنيف هذا الدور بالنسبة إلى الأميركيين.

إحراج متبادل

وفي ما يتعلق بوضع تركيا والبرازيل «والإحراج» الذي أصابهما جراء الإعلان الأميركي، خلال 24 ساعة من توقيع اتفاق طهران، للتوجه نحو عقوبات دولية، ترى مصادر النظام الإيراني أن «كلاً من أنقرة وبرازيليا ترى أن من حقها أن تطلب أي شيء من واشنطن، وأن على هذه الأخيرة أن ترد عليها باحترام، بل أن تستجيب لمطلبها». وتوضح أنه «صحيح أن أنقرة لديها علاقات استراتيجية مع طهران، لكنها أيضاً تملك علاقات تاريخية مع أميركا. فهي تستضيف قاعدة أنجرليك، وهي عضو في حلف شمالي الأطلسي (وقيادته العسكرية أميركية) وهي تقيم علاقات مع إسرائيل فقط من أجل أميركا، رغم أن هذه العلاقة مسيئة للاتراك المسلمين. كذلك حال البرازيل، التي لديها علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه مع دول أميركا اللاتينية المعادية للخط الأميركي ومع إيران. كان يمكن البرازيل أن تكون فنزويلا أخرى، لكنها لم تفعل. وهي أيضاً ترى أن من حقها أن تطلب من أميركا أموراً معينة، وأن على هذه الأخيرة أن تستجيب باحترام». وتضيف المصادر أن الوضع «أحرج أيضاً الولايات المتحدة وأحبطها. كانت إيران في السابق في مواجهة أميركا وجهاً لوجه. اليوم بات هناك حاجز من الوسطاء. كذلك إن بعض حلفاء أميركا وقفوا هذه المرة مع إيران، ولو سياسياً فقط. لقد أدركت واشنطن أنها تعيش اليوم في عالم متعدد الأقطاب، القوى الأساسية فيه دول مثل تركيا والبرازيل ما عاد باستطاعتها تجاوزها».

أفول النجم الأميركي!

يمكن استشفاف ذلك أيضاً من التقارير الغربية التي تتحدث عن أن ما حدث في طهران يعلن «بدء عصر ما بعد الهيمنة الأميركية»، على قاعدة أن الاتفاق الثلاثي كان أصدق تعبير عن كيف أن دولتين من العالم النامي استطاعتا أن تمارسا نفوذاً والتوصل إلى صيغة تسوية في ملف بالغ الحساسية تداعياته تمس الأمن الدولي الذي «فقدت الولايات المتحدة احتكارها للقدرة على التأثير في مجريات الأمور للمحافظة عليه».
وتضيف التقارير نفسها أن «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لم يعد باستطاعتها بعد اليوم أن تراهن على مطواعية دول ناشئة مثل تركيا والبرازيل»، مشيرة إلى أن «مشروع العقوبات المطروح على مجلس الأمن بحق إيران وما رافقه من توافق بين الدول الخمس الكبار، يمكن أن يؤدي إلى التشكيك بمشروعية هذا المجلس الذي ستزيد الدول الناشئة من تحديها له».
ولا بد من الإشارة هنا إلى التسريبات الأميركية التي تتحدث عن أن «العقوبات بكل أنواعها لن توقف البرنامج النووي الإيراني»، في إشارة أيضاً إلى العقوبات الأحادية التي تنوي الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي فرضها على طهران. فضلاً عن التأكيدات أن «هدف العقوبات، من وجهة نظر غربية، إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات وإجبارها على عقد صفقة» من دون إغفال «نجاح إيران في تفرقة الدول التي تريد لف الطوق حول عنقها».
ومعروف أن العقوبات الأحادية مطلب داخلي أميركي بامتياز. ويعتقد جمهوريو أميركا أن نص القرار الدولي بالعقوبات على إيران سيكون غير كاف، ويبذلون أقصى جهدهم لمقاومة ضغوط الإدارة القائلة بانتظار استصدار القرار الدولي قبل اتخاذ أي إجراء في الكونغرس الأميركي. في المقابل، يحاذر الديموقراطيون، الأكثر تماهياً مع سياسة إدارة أوباما، الظهور بمظهر الضعفاء في مسألة تخص الأمن القومي، ويحاولون الاستجابة لتمنيات الإدارة بعرقلة أي إجراء في الكونغرس بهذا الخصوص. ويحاجج البعض في أميركا بأن عقوبات قاسية جديدة ستقدم للمعارضة الإيرانية فرصة لاستنهاض نفسها وذريعة للانقضاض على النظام، فيما يرى البعض أن نتيجتها ستكون العكس تماماً.


كلينتون: رسالة واضحة لطهران

رأت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس في بكين، أن مشروع القرار الدولي بحق إيران سيوجه «رسالة واضحة» إليها. وقالت كلينتون إن «مشروع القرار الذي اتفق عليه جميع الشركاء في مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وألمانيا) يوجه رسالة واضحة الى القيادة الايرانية مفادها: احترموا واجباتكم وإلا واجهتم العواقب وعزلة متزايدة».
في المقابل، حثت إيران القوى الكبرى والوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تنفيذ اتفاق التبادل النووي الذي وقع بين طهران وأنقرة وبرازيليا، معتبرة أن برنامجها لتخصيب اليورانيوم قضية منفصلة. وقال مندوب إيران لدى وكالة الطاقة، علي أكبر سلطانية، «نتوقع أن ينفذ (الاتفاق) في أسرع وقت ممكن»، مشيراً الى أن موضوع التخصيب «ليس القضية».
(أ ف ب، رويترز)


بيريز: منع النووي الإيراني يقرّبنا من السلام

رأى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، أمس، أنه في حال وضع حدّ للجهود الإيرانية لتطوير أسلحة نووية، فإن فرص أن تتوصل إسرائيل إلى سلام مع الفلسطينيين ستكون أكبر.
وقال بيريز، في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إنّ «إسرائيل تريد السلام، ليس لأننا نريد أن نقوم بمبادرة حسن نية تجاه العرب أو بسبب الضغط الأميركي، بل لأن إسرائيل تحتاج إلى السلام لمصلحتها الخاصة». ولفت إلى أنّه لدى رئيس حكومته بنيامين نتنياهو «حلم وكابوس. حلمه هو السلام. وكابوسه هو إيران. وإذا تخلّصنا من هذا الكابوس، فإنّ ديناميكيات السلام ستصبح أوضح».
وفي السياق، أعلن نائب رئيس الوزراء، دان ميريدور، أنّ «نظام» العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران «ربما يعمل». ورأى ميريدور أنّ «نجاحاً أميركياً يمكن أن يبعث برسالة واضحة وإيجابية للمعسكر العربي المعتدل في الشرق الأوسط. لكن النتيجة العكسية سيكون لها آثار مدمّرة وعواقب وخيمة على النظام العالمي».
(رويترز)

طهران تُعدم عبد الحميد ريغي

أعدمت السلطات الإيرانية شنقاً أمس عبد الحميد ريغي، أحد قادة تنظيم «جند الله» المعارض. ونقلت وكالة أنباء «فارس» عن المسؤول القضائي في محافظة سيستان بلوشستان، إبراهيم حميدي، قوله إن «الإرهابي وهو شقيق (زعيم جند الله المعتقل أيضاً في إيران) عبد المالك ريغي قد أنزل الحكم العادل بحقه.. الاثنين (أمس).. لضلوعه في قتل الأبرياء من أهالي زاهدان».
(أ ف ب)

تهريب 8 مليارات دولار إلى خارج إيران

اتهم وزير الأمن الإيراني، حيدر مصلحي، أمس، شركات إيرانية «غير قانونية» بتهريب 8 مليارات دولار الى خارج البلاد، خلال الأعوام الثمانية الأخيرة.
ونقلت وكالة «فارس» للأنباء عن مصلحي إشارته إلى أنه «ألقي القبض على عناصر الشركات في طهران ومدن أخرى».
(يو بي آي)