تعذيب وقتل صحافي «حلم» بمصاهرة البرزاني لـ«كسر القيود المستبدة»بغداد ــ زيد الزبيدي
يجتمع صحافيو العراق، يوم الخميس المقبل، في شارع «أبو نواس» البغدادي، في مقابل نصب «شهرزاد وشهريار»، تلبية لدعوة «مرصد الحريات الصحافية»، للاحتجاج على مقتل الصحافي الكردي الشاب سردشت عثمان، والمطالبة بإجراء تحقيق شفاف في القضية، وإنهاء التهديدات التي يتعرض لها الصحافيون، وإيقاف الاعتداء عليهم.
وتهدف التظاهرة إلى تسليط الضوء على المصاعب التي يواجهها الصحافيون في العراق وإقليم كردستان، وتعرضهم المستمر للمضايقات والترهيب والاعتقال والاعتداء الجسدي، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة استقلالية التحقيق بخصوص مقتل سردشت، والتعجيل في إعلان نتائجه.
وكان إقليم كردستان قد شهد تظاهرات واسعة، نظّمها كتاب وصحافيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، احتجاجاً على تعذيب الصحافي الشاب سردشت وقتله، في تحدٍّ لـ«القيود المستبدة على حرية التعبير في جزء من العراق يقدم نفسه بوصفه آمناً وديموقراطياً»، في إشارة إلى ما يحصل في الإقليم الشمالي.
وفي ردة فعل على الاحتجاجات، ظهرت رسالة على الهاتف الخلوي لمحرر في مجلة عراقية ذات تأثير، تقول: «سنقتلك مثل الكلب». لكن صحيفة «هاولاتي» الكردية المستقلة، ردت على التهديد بنشرها عموداً في مكان مخصص للقضايا «المهمة جداً»، عنوانه «أنا مغرمة أيضاً بابن البرزاني». وتساءلت كاتبة العمود آريان أوميد: «هل تستحق كاتبة هذا العمود الموت أيضاً؟ أليس هذا هو الوضع الطبيعي في بلادنا، ما دام لا يمس شرفاً أو كرامة؟».
يتضمن العمود الذي كتبته آريان إشارة واضحة إلى أن سردشت عثمان، قُتل لأنه كتب عن «حلم» بأن يتزوج بنت رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، لتتحسن أوضاعه المادية والمعيشية عموماً، ولينام ليله مطمئناً «تحميه الكلاب الأميركية والحراس الإسرائيليون»، كذلك يُخَصَّص راتب تقاعدي لوالده، العنصر العتيق في قوات «البشمركة» الكردية، «الذي حُرم الراتب لأنه غير حزبي».
وقد اختطف سردشت من قرب الباب الرئيسي لجامعته، صلاح الدين، في مدينة أربيل في الرابع من أيار الجاري، وعثرت الشرطة على جثته في مدينة الموصل، بعد يومين من اختطافه، وعليها آثار تعذيب ورصاصتين في الرأس.
ويبدو أصدقاء سردشت أكثر من واثقين من أنّ مقالاته الجريئة جداً أغضبت «الحزبَين المستبدَّين» (الاتحاد الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني)، الحاكمَين المطلقين في منطقة كردستان شبه المستقلة في شمال البلاد، وخصوصاً مقالته التي تساءل فيها إن كان بمقدوره أن يتخلص من ظروفه السيئة إذا تزوج ابنة البرزاني.
ويقول رئيس تحرير صحيفة «آوينه» الكردية المستقلة، آسوس هاردي، «إنه صراع بين جبهتين، جبهة تؤمن بالديموقراطية والمجتمع المنفتح، والأخرى تريد أن تُبقي العائلة والحزب والعقلية الاستبدادية». ويضيف آسوس أنه والبعض من زملائه من الكتاب والمثقفين الأكراد البارزين داخل المنطقة وخارجها، مصممون على إبقاء الضوء مسلطاً على قضية سردشت عثمان، وقد بدأوا حملة اسمها «لن نسكت»، تضمنت احتجاجات ومقالات ومناظرات تلفزيونية وإذاعية، تهدف إلى بيان المشاق التي يتحملها صحافيو كردستان، وتعرضهم بانتظام للمضايقة، والتخويف والحجز والاعتداء عليهم جسدياً من قوات الأمن التي تتقاسمها الأحزاب الحاكمة.
تجدر الإشارة إلى مسؤولين أكراد، بينهم البرزاني نفسه، أقاموا مراراً دعاوى على الصحافيين. وغالباً ما يُتَّهم المراسلون الناقدون للحزبين الحاكمين، أو أولئك المنتمون إلى المعارضة، بأنهم خونة أو عملاء، إضافة إلى أنّ الأحزاب الحاكمة، وفق عدد كبير من هيئات حقوق الإنسان، أخذت تعمل بنشاط لتوجيه ضربة قاضية للإعلام المستقل، وإغراء العديد من الصحافيين بالمنافع والرواتب الكبيرة في مقابل صمتهم.
ويتحدث إعلاميون في إقليم كردستان عن «خطوط حمراء ينبغي عدم تجاوزها»، وهذا ما أشار إليه الصحافي الشهيد عثمان في إحدى مقالاته عندما كتب «لقد افتُرض أني تجاوزت الخط الأحمر الوطني والمبادئ الأخلاقية والأخلاق الصحافية، في اللحظة التي ذكرت فيها ابنة الرئيس في مقالاتي».
وفي مقال عن قتل عثمان، حذّر الروائي الكردي بختيار علي من أن «الخطوط الحمراء التي فرضها أولئك الذين في السلطة، ستستمر، لكي يُعاد رسمها لخدمة مصالحهم». وحذر من أنّ «قتلة سردشت بيننا، وهم سيقتلون شخصاً آخر، في مرة أخرى، في مكان آخر».
لكن الموضوع يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قُتِل صحافي كردي آخر قبل سنتين، عند تجاوزه خطاً مماثلاً. فقد اغتيل سوران ماما حمه، وهو مراسل وكاتب تحقيقات، خارج منزل والديه في الجزء الذي يسيطر عليه الأكراد في كركوك، بعد كتابته عن شكوك تتعلق بتدخل مسؤولين أكراد في شبكات الدعارة.