نيويورك ــ نزار عبوديبدو أن شبه الجزيرة الكورية مقبلة على تصعيد عسكري وحراك دبلوماسي دولي يؤديان إلى زيادة العقوبات على بيونغ يانغ. التصعيد يأتي بعد تحميل سيول لبيونغ يانغ مسؤولية إغراق السفينة الحربية «تشيونان» في المياه المتنازع عليها بين البلدين. تطوّر من شأنه تبديد الانطباع بأن سيول وواشنطن احتوتا الضربة خشية تصعيد المواجهة، مثلما يمكن أن يكون الكشف عن سبب غرق السفينة تهديداً لدول أخرى قد تفكّر في سلوك أسلوب المواجهة جرّاء العقوبات، ومنها إيران.
وتفاصيل غرق السفينة، التي بقيت طيّ التكتّم ضمن آلية التعتيم الإعلامي، ظهرت أمس بعدما خلص تقرير المحققين، وبينهم خبراء من الولايات المتحدة وأوستراليا وبريطانيا والسويد ،إلى أن «الأدلة تثبت بنحو قاطع» أن الطوربيد الذي استهدف البارجة التي يبلغ وزنها 1200 طن والتي تتمتع بأعلى تقنيات دفاعية وأدى إلى انشطارها، «أطلق من غواصة كورية شمالية»، مشيراً إلى أن «عدة غواصات صغيرة تدعمها بارجة غادرت قاعدة بحرية كورية شمالية في البحر الأصفر قبل يومين أو ثلاثة من الهجوم وعادت أدراجها بعد يومين أو ثلاثة».
وعلى الأثر، هدّد رئيس كوريا الجنوبية، لي ميونغ باك، بأن بلاده «ستتخذ، رداً على ذلك، إجراءات صارمة ضد الشمال. ومن خلال التعاون الدولي، يجب أن نجعل الشمال يقرّ بخطئه ليرجع عضواً رشيداً في المجتمع الدولي».
في المقابل، سارعت بيونغ يانغ إلى اعتبار الاتهامات «ملفّقة»، وهدّدت بحرب شاملة في حال تعرضها لعقوبات.
ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» بياناً صادراً عن لجنة الدفاع الوطني في كوريا الشمالية، التي يترأسها الزعيم كيم جونغ إيل، يؤكد أن بيونغ يانغ «ستتخذ إجراءات صارمة من بينها حرب شاملة إذا فرضت عقوبات عليها». وأوضح البيان أن بيونغ يانغ سترسل محققيها إلى كوريا الجنوبية للتأكد من الأدلة.
في هذه الأثناء، عبّرت الدول الغربية عن تأييدها لكوريا الجنوبية، فيما دعت الصين إلى ضبط النفس. وأعلن البيت الأبيض إجراء الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصالاً هاتفياً بنظيره الكوري الجنوبي، أكد له تأييد «الولايات المتحدة الكامل للجمهورية الكورية في جهودها لتحقيق العدالة لستة وأربعين جندياً في الخدمة قتلوا في الهجوم».
بدورها، ندّدت لندن «بالازدراء الواضح الذي تبديه بيونغ يانغ إزاء واجباتها الدولية». وأعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، في بيان، أن «هذا الهجوم يدل على انعدام التعاطف مع الحياة البشرية، واحتقار واضح للواجبات الدولية».
وفي طوكيو، رأت اليابان أنه سيكون من الصعب استئناف المحادثات المتعددة الأطراف لكبح جماح البرنامج النووي لكوريا الشمالية، بعدما اتهمتها سيول بإغراق سفينتها، في وقت أكد فيه رئيس الوزراء يوكيو هاتوياما أنه على استعداد لدعم قرار يدين بيونغ يانغ في مجلس الأمن.
من جهته، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن نتائج التحقيق «تثير قلقاً بالغاً».
في المقابل، اكتفت الصين بالقول إن حادث السفينة «مؤسف»، داعيةً «جميع الأطراف إلى الحفاظ على الهدوء وضبط النفس». ومن المتوقع أن يؤدي هذا التصعيد إلى إحراج الصين، الصديق الأخير لكوريا الشمالية في المنطقة، ولا سيما بعدما أعربت كوريا الجنوبية أخيراً عن خيبة أملها من دعوة الصين كيم جونغ إيل لزيارتها عندما كانت كوريا الجنوبية تشيّع ضحايا إغراق البارجة «تشيونان».