معمر عطويوالمفارقة أن بختيار كان آخر رؤساء حكومات عهد الشاه، مع أنه لم يكن من ضمن النخبة الموالية للحكم البهلوي.
الرجل المولود في إيران عام 1914، والذي أكمل دراساته الثانوية والجامعية في لبنان قبل انتقاله إلى فرنسا، حيث حصل على درجة الدكتوراه في القانون، كان وزيراً للعمل في حكومة مصدّق التي لم يكتب لها العمر الطويل (1951 ـــــ 1953)، بسب معارضتها للاستعمار الأميركي ـــــ البريطاني، الذي أطاحها وأعاد الشاه محمد رضا بالقوة إلى البلاد. لهذا اعتقل بختيار بسبب نشاطاته السياسية المعارضة، وظل داخل السجن ست سنوات، أُفرج عنه بعدها ورقّي إلى منصب نائب رئيس الجبهة الوطنية، وكلّف بإعادة تنظيمها.
على الرغم من ذلك، استغلّ الشاه، الذي شعر في أواخر عهده بخطورة الموقف، تعلّق الإيرانيين بمصدّق كرجل وطني من الطراز الأول. وفي محاولة لاحتواء ثورة الإسلاميين، أتى بالمحامي بختيار ليتولى رئاسة الحكومة، قبيل أسابيع من عودة قائد الثورة الإسلامية، روح الله الموسوي الخميني، من منفاه في باريس، التي نُفي إليها بختيار بعد إعلان الجمهوريّة الإسلامية.
اختيار بختيار لهذه المدينة نابع من علاقته الوطيدة بفرنسا، التي قاتل في صفوف جيشها خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن يصبح في عام 1946 نائباً لرئيس جمعية الصداقة الفرنسية ـــــ الإيرانية.
وكان هذا السياسي القومي الليبرالي، الذي رفض المشاركة في التظاهرات التي كان رجال الدين ينظّمونها ضد حكم الشاه، عضواً قيادياً في حزب إيران الوطني. عضوية جُرّد منها أثناء تولّيه منصب رئاسة الحكومة، حيث كان أول إنجازاته تفكيك الشرطة السرية «السافاك»، وإطلاق المعتقلين السياسيين، وإعطاء تراخيص للعديد من الصحف المعارضة.
لعل الهدف من الإصلاحات التي قام بها بختيار كان إجهاض الثورة الإسلامية، التي يعدّها مناهضة للمفاهيم الليبرالية والعلمانية. لكنّ حكومة بختيار انهارت بسرعة بسبب الخلافات التي دبّت بينه وبين قادة الثورة، فاختفى عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا في نيسان من عام 1979، وهناك أسّس حركة المقاومة الوطنية في المنفى. إلا أن هذا المنفى لم يكن آمناً للرجل، فقد تعرّض لثلاث محاولات اغتيال، نجا من اثنتين، وقضى نحبه في الثالثة، في بيته بالقرب من باريس، حيث وُجد مقتولاً إلى جانب معاونه بعدة طعنات في الصدر بتاريخ 6 آب عام 1991. وشكّت السلطات في ثلاثة أشخاص زاروه في مكان إقامته، عُرف منهم وكيلي راد الذي أنكر تهمة مشاركته في قتل بختيار، إلا أن المحكمة قضت في كانون الأول 1994 بسجنه مدى الحياة.
وكانت أولى محاولات الاغتيال تلك التي شارك فيها اللبناني أنيس النقاش في عام 1980. ورغم ذلك، عدّها النقاش، في كتاب الصحافي صقر أبو فخر «أنيس النقاش ـــــ أسرار خلف الأستار»، أنها من «أكثر عملياته شهرة وإثارة». ويروي أنه شارك في نقاشات انتهت إلى أن بختيار رجل خطير وأنه الرمز الذي تحاول الولايات المتحدة استخدامه لانقلاب عسكري يطيح الثورة الإيرانية التي مثّل قيامها كسباً كبيراً للثورة الفلسطينية. ويضيف أن «محكمة إيرانية قضت بإعدام بختيار، وأن الإمام الخميني أقرّ الحكم. فتطوّعت للتخطيط، ثم قُدت عملية التنفيذ» التي لم تتم.