قمة روسية سورية تطالب واشنطن بتحرّك سلمي «جدّي وفعلي»دمشق ــ الأخبار
استحضر الرئيس السوري بشّار الأسد، أمس، التاريخ للترحيب بنظيره الروسي ديمتري مدفيديف، الذي قام بأول زيارة لرئيس روسي إلى دمشق. وأكد الأسد، خلال مؤتمر صحافي مشترك في ختام محادثات الجانبين، أن بلاده لا تنسى المواقف الروسيّة التاريخية «الداعمة للقضايا العربية والداعمة لحق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم والداعمة لحق سوريا في استعادة أراضيها المحتلة»، مشيراً إلى أن «هذه المواقف لا تزال مستمرة حتى اليوم».
الأسد شدّد على محوريّة العلاقة بين سوريا وروسيا في إطار مسعى موسكو لاستعادة دورها السياسي، مركّزاً على أن «سوريا تؤدي دوراً مهماً في الشرق الأوسط الذي يهمّ أمن العالم، وروسيا دولة مهمة على المستوى الدولي لموقعها الجيوسياسي كدولة تصل بين الشرق والغرب، ولإمكانياتها البشرية والاقتصادية والعلمية، ولموقعها في مجلس الأمن».
الرئيس السوري فنّد النقاط التي تطرّق إليها في مباحثاته مع نظيره الروسي، واضعاً العلاقات الثنائية «في الدرجة الأولى». وأشار إلى أن «التنسيق في المجال السياسي قائم باستمرار وانتظام. وأعطينا اليوم مجالاً أكبر للحديث عن تفعيل التعاون في المجال الاقتصادي والتعاون في مجال النفط والغاز، سواء التنقيب أو النقل أو إنشاء المصافي، إضافة إلى إنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية، سواء المحطات التقليدية أو محطات الطاقة النووية». وأضاف «تطرقنا إلى إمكان دراسة إنشاء مجلس تعاون استراتيجي ستدرسه وزارتا الخارجية لطرح المقترحات على الحكومتين والقيادتين».
البند الثاني على جدول المحادثات، بحسب الأسد، كان «موضوع السلام»، مشيراً إلى أن «كلاً من البلدين مهتم تقليدياً بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وروسيا هي راع من الرعاة الأساسيين لعملية السلام التي انطلقت في مدريد». وأضاف «هذه العملية الآن متوقفة، ولكن في فترة التوقف من الممكن للبعض أن يقوم بإجراءات تعزز فرص السلام، أو العكس، قد يقوم بإجراءات قد تنسف كلياً عملية السلام، ونحن نرى أن طرد الفلسطينيين من القدس والمساس بالأماكن المقدسة أو الاعتداء علىها وحصار الفلسطينيين في غزة من الخطوات والإجراءات التي قد تؤدي إلى نسف عملية السلام كلياً». وربط بين «مكافحة الإرهاب وعملية السلام»، مشيراً إلى أن «سوريا تعتقد أن السلام والاستقرار هما الطريق الصحيح لمكافحة الإرهاب».
وشدّد الرئيس السوري على أن الطرف العربي مستعد للسلام، «وعبّر عن ذلك من خلال المبادرة العربية»، أما الطرف الإسرائيلي «فمعظم دول العالم المهتمة بالسلام تعرف أنه غير مستعد». وأشار إلى أن سوريا لا تزال «في انتظار أن يتحرك الراعي الأميركي جدّياً وفعلياً باتجاه عملية السلام». ورأى أن «ما يمكن روسيا أن تفعله هو البحث عن هذا الشريك، الذي لا نراه الآن من الجانب الإسرائيلي، من خلال إقناعه بأهمية السلام له وللمنطقة، وأيضاً الحوار مع الراعي الأميركي من أجل تشجيعه على التحرك بسرعة لدفع عملية السلام إلى الأمام».
وأبدى الأسد استعداد بلاده للتعاطي مع الحلول الوسط «في ما عدا الحقوق»، مشيراً إلى ضرورة «استعادة الأرض كاملة، وأي شيء آخر كالعلاقات والترتيبات الأمنية والتفاصيل الأخرى كلها فيها حلول وسط».
الموضوع النووي جاء ثالثاً على جدول الأعمال، إذ أكد الأسد «أحقية كل الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وضرورة إخلاء الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل». وشدّد على «ضرورة استمرار الحوار بين إيران ومجموعة الدول الست، لأن العقوبات لا تجدي نفعاً، وتعقّد الحل بدلاً من أن تسهّله».
بدوره، ركّز مدفيديف على العلاقات الثنائية، مشيراً إلى الاتفاق على «إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي وعلى تعزيز المشاورات السياسية من خلال وزارتي الخارجية الروسية والسورية». وشدّد على ضرورة «تطوير التعاون في المجال النووي، إضافة إلى التكنولوجيات الفضائية وغيرها من التكنولوجيات العالية».
وانتقل الرئيس الروسي إلى «العراقيل والمصاعب التي تواجه العملية السلمية في الآونة الأخيرة»، التي قال إنه بحثها «بالتفصيل» مع الرئيس السوري. وحذّر من أن «التوتر اللاحق في منطقة الشرق الأوسط وخيم، وينذر بالانفجار الجديد، وحتى بالكارثة»، مشدّداً على أن «روسيا ستستمر ببذل قصارى جهدها للمساعدة على استئناف العملية السلمية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك على الأساس الدولي المعترف به، بما في ذلك في سياق فكرتنا المتمثلة في مؤتمر موسكو الدولي بشأن الشرق الأوسط الذي من المفترض، حداً أدنى، أن تسفر عنه نتائج مرحلية للأعمال والجهود المشتركة التي تبذل حالياً». وأشار إلى أن «الإدارة الأميركية لا تعمل ما يكفي حالياً لدفع هذه الامور إلى الأمام».
وفي الموضوع النووي الإيراني، أكد مدفيديف أيضاً «حق أي دولة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وضرورة المراعاة والتمسك بكل المبادئ المتعلقة بعدم الانتشار النووي». لكنه طالب «بموقف بنّاء من القيادة الإيرانية لتجاوز كل المشاكل التي تترتب على برنامجها النووي حالياً». وأكد الاتفاق مع الأسد على أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، مضيفاً «نحن ننطلق من أن العكس سيكون وخيماً، فالكارثة لن تكون إقليمية فحسب بل عالمية».
إلى ذلك، برز أمس موقف وزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو، الذي أشار إلى أن «روسيا قد تساعد في بناء محطة للطاقة النووية في سوريا». وأضاف لـ«رويترز»، رداً على سؤال عمّا إذا كانت روسيا ستبني محطة للطاقة الذرية في سوريا، «ندرس هذه المسألة». وتابع أن التعاون مع روسيا بشأن بناء محطة نووية سيتطلب من دمشق الالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي.