الأتراك والأكراد يبحثون عن نلسون مانديلا خاص بهم. البعض يحاول إلباس الزعيم الكردي التركي أحمد تورك هذا اللباس، على أبواب مؤتمر كردي ــ تركي لإطلاق «خطة انفتاح ديموقراطي» خاصّة على أنقاض الخطة الحكوميّة
أرنست خوري
في عزّ جنون الحرب ولغة الدم الرائجة هذه الأيام في تركيا، على خلفية الانهيار الأمني الكبير على الجبهة الكردية، بقيت بعض الأصوات «العاقلة والسلمية» مسموعة إلى حدٍّ ما. حركة مبادرات تشهدها الساحة الكردية، بانتظار معرفة ما إذا كانت حكومة رجب طيب أردوغان ستنتهز الفرصة لتعيد إحياء «خطة الانفتاح الديموقراطي» تجاه الأكراد، أو أنها، على العكس من ذلك، ستستغل الفرصة لمجاراة اللغة «الحربجية» للعسكر، على ضوء تزايد الانتقادات الموجَّهة إليها، وما يمكن هذا الغضب الشعبي أن يؤثّر سلباً في شعبية الحزب الحاكم، الذي يستعدّ لخوض انتخابات تشريعية عامة ستكون مصيرية له بعد أقل من عام.
وفي الأمس، عقد مجلس الأمن القومي اجتماعه الدوري الذي يُتوقَّع أنه كان حامياً بما أنه كان الأول الذي يلي الأيام الخمسة الجهنمية التي شهدت مقتل 17 جندياً تركياً. وحتى مساء أمس، لم يصدر شيء عن الاجتماع (الذي غالباً ما يطول ساعات كثيرة). إلا أنّ صحيفة «توداي زمان» كشفت أنّ قيمته تكمن في نقطتين: أولاً لمعرفة ما هي الخطوات التي ستقرّرها أجهزة الدولة لمواجهة التصعيد الكردي، وسط رفض أردوغان إعلان حالة الطوارئ. وثانياً لفهم ما إذا كان سيقرّر رئيس الحكومة الاستفادة من الوضع لإعادة إحياء «خطة الانفتاح الديموقراطي»، رغماً عن أنف المعارضة، لوضع كلامه موضع التنفيذ عن حل القضية الكردية بالطرق السلمية.
في هذا الوقت، لم يقف المجتمع المدني التركي «متفرجاً» على ما يجري. إذ يُعقد اليوم وغداً، في مدينة إسطنبول، مؤتمر موسّع لمثقّفين وسياسيين أتراك وأكراد لإطلاق «خطة انفتاح ديموقراطي خاصة، بعدما فشلت الحكومة في القيام بواجباتها»، على حدّ تعبير النائب المستقل عن هذه المدينة، أفق أوراس.
وبرّر أوراس اللقاء بالقول «لقد وصلنا إلى حافة الهاوية، لذلك لا يمكننا الاستمرار في الوقوف «متفرجين» بعدما تنصّلت الحكومة من القيام بواجباتها»، في إشارة إلى الموت السريري الذي تعانيه «الانفتاح الديموقراطي» الحكومية منذ نحو عام في البرلمان.
ويعوّل المشاركون في اللقاء، على وجود الزعيم الكردي التركي، رئيس حزب «السلام والديموقراطية» (خليفة المجتمع الديموقراطي) أحمد تورك بينهم، على اعتبار أنه «من أبرز من يقدر على المساهمة في حل المشكلة الكردية»، وفق تعبير أوراس دائماً. فالرجل هو «ضمير الشعب، ويستطيع القيام بدور مماثل للزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا، إلى جانب النائب الكردي السابق عن المجتمع الديموقراطي، أيصل توغلوك»، الذي يشارك بدوره في مؤتمر نهاية الأسبوع.
كلام أوراس ورد في مؤتمر صحافي عقده للتعريف بالخطوط العريضة للّقاء الذي سينطلق من ضرورة إعلان حزب «العمال الكردستاني» وقفاً فورياً لإطلاق النار.
بدوره، اعترف تورك، في مقابلة مع صحيفة «ملييت»، بأنّ التقصير لا يقتصر على الحكومة، بل يشمل أيضاً الساسة الأكراد، مشدّداً على ضرورة إعادة صياغة مبادرة جديدة لحل القضية الكردية. كلام وافقه عليه الرئيس السابق لإحدى جمعيات رجال الأعمال في ديار بكر سزغين تنريكولو، الذي توقّع أن تنال مبادرتهم الموعودة «موافقة العسكر»، مشيراً إلى أنها ستقوم على الضغط على كل من الجيش و«الكردستاني» ليوقفا التخاطب عبر الدم والسلاح.
دعم اقتصادي آخر نالته المبادرة الخاصة من جانب رئيس جمعية رجال أعمال الأناضول، شاه إسماعيل، الذي لفت لصحيفة «حرييت» إلى أنّ تورك «سياسي جيد حين يتعلق الأمر بالتخاطب بلغة السلام»، متوقعاً أن تنظر الحكومة بإيجابية إلى المبادرة التي سيعلنها.