قائد القوات الأميركية في أفغانستان، ستانلي ماكريستال، المعروف بحذره الشديد في تصريحاته العلنية، لم يستطع أن يتمالك نفسه، وفجّر غضبه على فريق باراك أوباما، ما يعكس الارتباك والخلاف الحاصلين بشأن إدارة هذه الحرب
قدّم قائد القوات الأميركيّة في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال، أمس، اعتذاره من الإدارة الأميركية، بعدما نقلت عنه مجلة أميركية تصريحات ساخرة انتقد فيها الرئيس باراك أوباما وفريقه. إلا أن الاعتذار لم يحل دون استدعائه إلى البيت الأبيض كي يوضح شخصياً ما قصد. وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن ماكريستال استُدعي «للمشاركة شخصياً، لا عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة»، في الاجتماع الشهري بشأن أفغانستان وباكستان، المقرر غداً، كي «يشرح للبنتاغون وللقائد الأعلى للقوات المسلحة (أوباما) التصريحات التي أدلى بها».
أما ماكريستال، فقد أصدر بياناً، بعد ساعات من نشر المقال، قال فيه: «أعبّر عن اعتذاراتي الصادقة لما ورد في المجلة». وأضاف أنه «خطأ يعكس ضعفاً في التقدير، ما كان يجب أن يحدث». وتابع «طيلة حياتي المهنية طبّقت مبادئ الشرف الشخصي والنزاهة المهنية، وما ورد في هذا المقال بعيد جداً عن هذه المعايير». وأضاف «أكنّ احتراماً وإعجاباً كبيرين للرئيس أوباما وفريقه للأمن القومي». وكانت مجلة «رولينغ ستون» قد نقلت عن ماكريستال قوله ضاحكاً «هل تسألون عن نائب الرئيس (جوزف) بايدن؟ من هو هذا الرجل؟». وردّ أحد كبار مستشاري ماكريستال «بايدن؟ هل تقصدون «بايت مي» (أي فليذهب إلى الجحيم بالإنكليزية)».
وتابع ماكريستال حديثه إلى المجلة قائلاً «أشعر أنني تعرّضت للخيانة من قبل السفير الأميركي لدى كابول، كارل أيكنبري». وعن مذكرة داخلية لأيكنبري سُرّبت وتتضمن تشكيكاً في جدوى مطالبة ماكريستال بتعزيزات إضافية، قال القائد الأميركي للمجلة «إنه شخص يسعى إلى حماية نفسه». وأضاف أنه «أمر لكتب التاريخ. فإذا فشلنا، فإنه سيكون بإمكانه أن يقول (أيكنبري): سبق أن حذرتكم من هذا».
وسخر ماكريستال أيضاً من المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان، ريتشارد هولبروك. وقال، بعدما نظر إلى هاتفه الجوال، «إنها رسالة إلكترونية أخرى من هولبروك. لا أرغب حتى في مجرد فتحها».
وتطرق مقال «رولينغ ستون»، الذي حمل عنوان «الجنرال الهارب»، إلى الخلافات التي ظهرت بين الجيش والبيت الأبيض عندما كان أوباما يدرس قرار إرسال تعزيزات إلى أفغانستان كما طلب ماكريستال.
وعلى الرغم من أن أوباما قد منحه قسماً كبيراً ممّا طلبه، قال ماكريستال إن تلك الفترة كانت مضنية. وأضاف «كنت أدافع عن موقف يصعب تسويقه».
وقال أحد مستشاري ماكريستال إن الجنرال لم يعد بانطباع جيد من لقاء مع أوباما بعيد تعيينه على رأس العمليات في أفغانستان. وأضاف «كان لقاءً لعشر دقائق بغرض التقاط الصور». وتابع «لم يكن أوباما يعرف شيئاً عنه وعمّن يكون. لم يبد الكثير من الاهتمام».
وقالت «رولينغ ستون» إن مساعدي ماكريستال موالون له إلى حدّ كبير، وينتقدون بشدة البيت الأبيض. ووصف أحد مساعدي ماكريستال مستشار الأمن القومي جيمس جونز بأنه «مهرّج لم يتقدم أي خطوة منذ 1985».
من جهته، أعرب قائد الجيوش الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن عن خيبة «أمله الكبيرة» حيال انتقادات ماكريستال، بحسب ما أعلن متحدث.
في هذه الأثناء، أظهرت نتائج تحقيق للكونغرس أن واشنطن تدفع «عن غير قصد» عشرات ملايين الدولارات إلى أمراء الحرب في أفغانستان، لضمان أمن مرور قوافل إمدادات الأطلسي، وأن هذه الأموال تجد طريقها إلى «طالبان» عبر تقديم المسلحين، الذين عيّنوهم لمرافقة القوافل، الرشى للحركة كي لا تنفّذ هجمات. والقوافل الأطلسية التي ترفض أن تدفع لهؤلاء تتعرّض لهجمات.
(أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)