توعّد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إسرائيل أمس بأنها ستواصل دفع ثمن مهاجمتها لأسطول الحرية، في وقت سربت فيه مصادر تركية رفض أنقرة إرسال سفيرها الجديد إلى تل أبيب قبل اعتذار الأخيرة
رأى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أمس أن إسرائيل ارتكبت خطأً فادحاً عندما ساوت تركيا بدول أخرى. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن أردوغان قوله إن «إسرائيل هاجمت أسطول الحرية «متوقعةً التسامح مع حالة الإرهاب وغياب القانون والقرصنة التي تطبقها في المنطقة وتجاهلها ونسيانها. لكن إسرائيل ارتكبت خطأً فاحاً جداً بمساواة تركيا بدول أخرى، وهي تدفع الثمن الآن وستستمر في الدفع».
واتهم أردوغان الولايات المتحدة باعتماد لغة مزدوجة في الشرق الأوسط، لكنه ذكّر بأن واشنطن لا تزال ذلك «الصديق القديم». وقال أمام نواب حزبه من دون الإشارة صراحة إلى الولايات المتحدة: «تتحدثون عن الديموقراطية، لكنكم بعد ذلك تفعلون ما يخالف الديموقراطية». وأضاف: «عندما يلائمكم ذلك، تقفون إلى جانب أنظمة شمولية، وعندما يلائمكم ذلك، تتحدثون عن الديموقراطية». لكنه لفت إلى أن «البلد الذي يمكنه فهم دور تركيا وأهميتها أكثر من سواه هو الولايات المتحدة صديقتنا منذ فترة طويلة»، مذكراً بأن «لتركيا والولايات المتحدة أهدافاً مشتركة في مناطق كثيرة»، على الرغم من أنهما يواجهان خلافات «ظرفية» لأنهما «تستخدمان طرقاً مختلفة ولهما جداول أولويات مختلفة» في شؤون المنطقة.
ودافع أردوغان عن الاتفاق الثلاثي الذي وقعته بلاده إلى جانب البرازيل وإيران، وعن رفض تركيا التصويت على عقوبات جديدة بحق إيران بسبب برنامجها النووي في مجلس الأمن الدولي. وقال: «نحن وقعنا اتفاق طهران استناداً إلى هاتين الرسالتين (رسائل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تركيا والبرازيل) وقلنا إنه لا بد من حل المشكلة دبلوماسياً بما أن منطقتنا تعبت من الحروب والمواجهات، فكلنا رأينا ما حصل في العراق وأفغانستان». وأشار إلى أن «حملة تشويه أطلقت أخيراً على محور تركيا الذي لم يتغير فقط بسبب توقيع اتفاق طهران، والواقع هو أن محوركم هو الذي تغير».
وفي رد غير مباشر على المخاوف من اتجاه تركيا نحو الشرق والبلدان العربية، قال أردوغان إن «الانعزال عن الغرب أو عن الشرق لن يكون ممكناً ولا صحيحاً لتركيا. ولا يمكن التنكر لهذا الواقع الذي أثبته التاريخ». وأضاف أن «العلاقات التركية مع الشرق الأوسط لم تبدأ مع السلطة السياسية لحزب العدالة والتنمية. وهذا ليس شيئاً جديداً ومختلفاً. لطالما كان هناك علاقات بينهما قبل تأسيس الجمهورية التركية وبعده».
واتهم أردوغان جهات، لم يسمها، باستخدام «عبارات عنصرية ومهينة» بحق بلاده، بالتزامن مع تشديده على أن تركيا «تتطور وتتصرف طبقاً لمصالحها لا لمصالح الآخرين».
من جهةٍ ثانية، جدد وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، من النروج، مطلب بلاده تأليف لجنة تحقيق دولية حول الهجوم الدامي على «أسطول الحرية»، معرباً عن أمله أن «تدعم الولايات المتحدة طلبنا».

أنقرة لن تعيد سفيرها إلى إسرائيل قبل اعتذارها وتأليف لجنة تحقيق دولية

واتهم داوود أوغلو اللجنة، التي أعلنت إسرائيل تأليفها، بأنها «لا تتمتع بصدقية»، مشدداً على أنه مستعد لاتخاذ «تدابير رد». وخلص إلى القول إن اللجنة «يجب أن تكون دولية وغير منحازة وتعمل بشفافية»، مؤكداً أن تركيا ستقبل «بأي رجل قانون أو شخصية سياسية أو رئيس دولة محترم».
وفي السياق، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر تركيا قولها إن أنقرة لن ترسل سفيرها الجديد إلى تل أبيب، كريم أورس، «ما دامت حكومة (بنيامين) نتنياهو متمسكة برفضها الاعتذار عن أحداث الأسطول وترفض تحقيقاً دولياً في الأحداث».
وأشارت الإذاعة إلى أن المصادر التركية لمّحت إلى أنه ستكون هناك تطورات إضافية في العلاقات وأن «كل الخيارات موضوعة على الطاولة»، في إشارة إلى تدهور آخر في العلاقات بين الدولتين.
من جهته، رأى المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلي ألون ليئيل أن خفض مستوى تمثيل تركيا في إسرائيل هو «مس بنوعية العلاقة الدبلوماسية بين الدولتين»، لافتاً إلى أن «السفير التركي الجديد أقل خبرة من السفير السابق و«هذه إشارة توجهها تركية إلى إسرائيل».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)