موسكو: القرار الدولي لا يمنع تنفيذ صفقة «أس 300» وجهت إيران، أمس، سهام انتقاداتها للغرب إلى جانب حليفتها الصين، على خلفية فرض عقوبات جديدة عليها، فيما تمسّكت تركيا والبرازيل بموقفهما الرافض لقرار مجلس الأمن، «لإبقاء اتفاق طهران مطروحاً على الطاولة»
أجمعت المواقف الإيرانية، لليوم الثاني على التوالي، على التنديد بفرض مجلس الأمن الدولي رزمة جديدة من العقوبات، منتقدةً ازدواجية المعايير الغربية، وذلك من دون أن تعلن موقفاً حاسماً أو أي إجراءات ملموسة، كعادتها في محاولاتها إرباك الغرب. ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» إلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، قوله إن بلاده «ترى أن المسار المزدوج الذي تعتمده الدول الغربية، توجّه خاطئ». ولفت إلى أن عدم وجود إجماع في مجلس الأمن على فرض العقوبات «إشارة قوية إلى رؤية الدول المستقلة لموضوع إيران النووي، والتي تجسدت في دعم دول عدم الانحياز لإعلان طهران».
وبدا وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، متحفّظاً لجهة إعلان الخطوات المقبلة لبلاده، مؤكداً أن إيران «ستفكر» في ما يتعيّن عليها القيام به بعد إقرار العقوبات.
من جهتها، التزمت الصحف الإيرانية، المتشددة والإصلاحية على حد سواء، أمس، بموقف موحّد أدانت من خلاله العقوبات الجديدة، معتبرةً أن الإجراءات العقابية ترسم طريق مواجهة جديدة، فيما أعلن نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، إسماعيل كوسري، أن البرلمان الإيراني سيبدأ الأحد المقبل بحث مشروع يعيد النظر في العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكتبت صحيفة «كيهان» اليومية في عنوانها الرئيسي «انتظروا رداً حاسماً من إيران على العقوبات غير الشرعية»، فيما رأت صحيفة «أفتاب يزد» الإصلاحية أن مجلس الأمن «رسم طريق المواجهة» بين الغرب وإيران.
وانعكس الغضب الإيراني من العقوبات على أبرز قادة المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين قررا إلغاء خطط عقد اجتماع حاشد في طهران غداً، في ذكرى انتخابات الرئاسة الإيرانية، مبررين الخطوة برفض السلطات منحهم التصريحات و«الحفاظ على حياة الناس وممتلكاتهم».
وتركّز الاستياء الإيراني على الصين، التي وصل إليها أمس الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد، على وقع تسريبات لصحيفة «كوميرسانت» الروسية تشير إلى أنه استُبعد عن حضور قمة «منظمة شنغهاي».
ونقلت وكالة «ايسنا» للأنباء عن رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية، علي أكبر صالحي، قوله «فاجأتني الصين التي تقبل هيمنة (الولايات المتحدة)»، متهماً إياها بانتهاج سياسة «الكيل بمكيالين»، في إشارة إلى دعمها لكوريا الشمالية، ومحذراً إياها من تداعيات سلبية لتصويتها على علاقاتها مع العالم الإسلامي.
إلا أن الردّ الصيني جاء سريعاً على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، كين غانغ، بتأكيده أن «العلاقات بين الصين والدول الإسلامية ستقاوم كل المحن وستسير قدماً»، مع محاولة استرضاء لإيران، بتشديده على أن «الصين تولي أهمية كبرى لعلاقاتها مع إيران، وترى أنها تسهّل السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة».
في هذه الأثناء، حرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس، على تبرير تصويت بلاده ضد قرار العقوبات في مجلس الأمن، مؤكداً أن تأييد العقوبات كان سيكون «معيباً» لأنقرة، لأن ذلك كان يمكن أن يعدّ «تنكّراً للذات وتنكّراً لتواقيعنا»، في إشارة إلى اتفاق 17 أيار. وأكد أن بلاده ستواصل بذل قصارى جهدها «لإبقاء اتفاق طهران مطروحاً على الطاولة مع البرازيل وإيران».
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً أعربت فيه عن خشيتها من أن تعرقل العقوبات التوصل إلى تسوية دبلوماسية، فيما أعاد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو التأكيد أن رسائل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، المتشابهة إلى تركيا والبرازيل، مثّلت الأساس الذي بني عليه اتفاق تبادل اليورانيوم مع طهران.
أما الرئيس البرازيلي لويس ايغناسيو لولا دا سلفا، فرأى أن القرار «انتصار باهظ الثمن»، واصفاً إياه بأنه «تطوّر يضعف مجلس الأمن الدولي». وأضاف «آمل حقاً أن يبقى نجاد هادئاً». ولفت إلى أن قرار بلاده التصويت ضد القرار سبقه «حديث طويل مع رئيس الوزراء التركي، وقررنا التصويت ضد العقوبات، لأن اسمنا مدرج في اتفاق».
من جهته، عبّر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز عن تأييده للرئيس الإيراني، مؤكداً أن العقوبات الجديدة «لا تساوي قرشاً فعلاً»، فيما رأى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن «العقوبات لا يجب أن تكون الخيار الوحيد» لمعالجة أزمة الملف النووي الإيراني.
في غضون ذلك، واصلت الدول الغربية إبداء ارتياحها لفرض العقوبات على إيران، فيما حاول المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، أندريه نيسترينكو، التقليل من أهمية التسريبات التي تحدثت عن تجميد موسكو لصفة صواريخ «اس 300» المتفق عليها مع طهران. وأكد أن العقوبات الجديدة لا تلزم موسكو بعدم تنفيذ الاتفاق.
واتفق وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مع نظيره الإيطالي فرانكو فراتيني، على أن العقوبات «يجب أن تستخدم لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات».
من جهته، رأى رئيس البرلمان الأوروبي، جيرزي بوزيك، أنه «رغم تشديد العقوبات، فإن قرار مجلس الأمن يترك الباب مفتوحاً أمام مواصلة الحوار والمفاوضات»، فيما جدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الترحيب بالعقوبات بوصفها «إجراءً إيجابياً»، معبّراً عن أمله أن يتبعها «تحرّك حازم من قبل الدول يستهدف خصوصاً قطاع الطاقة في إيران».
وفي اليابان، أصدر وزير الخارجية كاتسويا أوكادا بياناً شدد فيه على أن قرار الأمم المتحدة «يمثّل رسالة واضحة لإيران»، فيما أكد رئيس الوزراء الكندي، ستيفن هاربر، أن بلاده «تدعم بدون تحفّظ القرار».
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب،
رويترز، مهر ، إرنا)