استبعد وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير التوصّل إلى اتفاق بشأن اقتراح تولّي الاتحاد الأوروبي تفتيش السفن المتوجّهة إلى قطاع غزة، بسبب تحفّظ إسرائيل، مشيراً إلى أنّ النظام المصري «لا يريد منّا أنّ نتكلم مباشرةً مع حماس». وأضاف كوشنير، على هامش المنتدى الاقتصادي للبلاد الأميركية، إنّ عمليات التفتيش، التي اقترحها مع نظيره البريطاني وليام هيغ، يمكن أن تجري في قبرص لكونها تملك مرفأً عميقاً في المياه، خلافاً لما هي الحال في غزة، وإنه يمكن إنزال الحمولات في مرفأ أشدود الإسرائيلي، لكنّ الموقف الإسرائيلي «سلبي على الأرجح». رغم ذلك، رأى كوشنير أنّ الوضع «سيتحلحل بطريقة ما» في نهاية المطاف، مشدّداً على وجوب تقديم اقتراحات في جميع الاتجاهات «حتى يجري التوصل إلى اتفاق على أحدها».
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي إنّ هذه الآلية «ستبسّط عمليات التفتيش»، لكنها «لا تلقى نجاحاً كبيراً في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى أنه ستُوضع «قائمة بالمواد المحظورة، من دون فرض حظر تام» على البضائع الموجّهة إلى الفلسطينيّين. في هذا الوقت، جدّد وزير الخارجية الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان، في بيان له، الشرط الإسرائيلي لرفع الحصار عن قطاع غزة. وقال «إنّ الشرط الأدنى لرفع الحصار يتمثّل في السماح للصليب الأحمر بأن يزور بانتظام (الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة) جلعاد شاليط»، مضيفاً إنه ما دام لم يلبِّ هذا الشرط «لن يكون هناك أيّ مبرّر لتغيير الوضع».
في المقابل، رأى المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، أن «موضوع شاليط مرتبط بقضية الأسرى الفلسطينيين»، مشيراً إلى أنّ ربط الاحتلال موضوع الحصار بقضية شاليط هو «محاولة للتضليل والالتفاف على الجهود الدولية لكسر الحصار». وأكّد ثقة حركة حماس بأنّ هذه التصريحات «لم تعد تجدي، وأنّ الحراك الدولي والشعبي سيستمر حتى كسر كل أشكال الحصار».
من جهة أخرى، أكّد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية حذّرت خلال المداولات التي أجرتها إسرائيل استعداداً للسيطرة على أسطول الحرية، «من اعتراض سفن الأسطول في المياه الدولية، وأنّ من الأجدى انتظار وصولها إلى المياه الإقليمية الإسرائيلية على مسافة لا تزيد على 20 ميلاً من الشواطئ، رغم وجود وجهات نظر قانونية تسمح لسلاح البحرية بالسيطرة على السفن في المياه الدولية. لكنّ وزارة الخارجية رأت أن هذا الأمر سيضع صعوبات كبيرة أمام إسرائيل في الساحتين السياسية والدعائية».
ورأت جهات مشاركة في الإعداد للعملية أنّ أسباب عدم الأخذ بموقف وزارة الخارجية «عملياتية»، حيث عبّر سلاح البحرية عن خشيته من أن لا يتمكّن من إيقاف قافلة السفن عندما تصل إلى مسافة 20 ميلاً من الشاطئ، موضحةً أنه تخوّف «من أن تكون القوة الموجودة بحوزة سلاح البحرية لا تكفي للمهمّة، ولذلك أرادوا السيطرة على السفن على مسافات بعيدة نسبياً من الشاطئ».
أما بخصوص المباحثات بشأن اللجنة الإسرائيلية لتقصّي الحقائق، فعقد منتدى «السباعية» الوزارية الإسرائيلية، أول من أمس، اجتماعاً للبحث في تأليف اللجنة، من دون اتخاذ قرار نهائي. وأوضح مكتب نتنياهو أنّ «التأخير يعود لأسباب سياسية». ولفتت الإذاعة الإسرائيلية إلى أنّ «الاتصالات مع الولايات المتحدة ستستمر، في محاولة لبلورة مسار تقصّي حقائق يكون مقبولاً».
وأعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لوكالة «فرانس برس» طالباً عدم كشف هويته «إننا على اتصال بالأميركيين في محاولة للتوصّل إلى صيغة، لكنّ المهمة ليست سهلة لأنه يجب الانتباه إلى عدم إحداث سابقة».
ولم يتمكّن ناطق باسم رئيس الوزراء من تحديد موعد الإعلان رسمياً عن إنشاء اللجنة.
وفي محاولة لإيجاد حل وسط مع الولايات المتحدة، تحدثت الحكومة الأمنية عن إمكان إشراك قانونيين أجانب فيها لكن بصفة مجرد «مراقبين» إلى جانب خبراء إسرائيليين في القانون الدولي، ودبلوماسيين سابقين. وأوضح المسؤول «نحن لا نوافق مبدئياً على تأليف لجنة دولية لأنها ستكون مسيّسة لا محالة، ونتساءل لماذا يدعون إلى هذا النوع من المبادرة فقط عندما يتعلق الأمر بإسرائيل». وأضاف «لم يدعُ أحد إلى تأليف لجنة تحقيق عندما قصف الجيش التركي بداية الأسبوع مقاتلين أتراكاً في الأراضي العراقية» في إشارة إلى غارة جوية، لم تؤكَّد، على قاعدة لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية تأييدها إجراء تحقيق في الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية، الذي كان متجهاً إلى قطاع غزّة «بمشاركة دولية». وأوضح المتحدث باسم الخارجية الروسية، أندري نيستيرنكو، «ندعم بقوة جهود الأمم المتحدة والأطراف الأخرى لإجراء تحقيق بمشاركة دولية، يلبّي المعايير الدولية الأفضل، ويكون كاملاً ونزيهاً ومستقلّاً، ويحوز ثقة المجتمع الدولي». وأضاف إنّ «موت أناس أبرياء أمر غير مقبول. وينبغي إخضاع كل ظروف المأساة لتحقيق موضوعي».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)