الأزمة الماليّة تدفع إلى إجراءات وقائية. فرغم الخلاف الفرنسي الألماني على إجراءات التقشّف، إلّا أنّ الجانبَين اتفقا على ضرورة منع عمليات المضاربة على المكشوف
باريس ــ بسّام الطيارة
نفت مصادر مقرّبة من الإليزيه أن يكون إلغاء العشاء بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤشراً إلى توتر بين البلدين. إلّا أن وزير التنمية باتريك دفيدجيان أشار إلى «عاصفة في فنجان».
وكان تأجيل اللقاء إلى الأسبوع المقبل بين الزعيمين الأوروبيَّين، عشية تقديم ميركل لـ«ميزانية تقشف استثنائية»، قد أثار عدداً من التعليقات على توتر بسبب الإجراءات الواجب اتخاذها على الصعيد الأوروبي، وخصوصاً أن السلطات الفرنسية تتردّد في اتّباع سياسة تقشّف لأسباب سياسية أكثر منها اقتصادية.
وقد أجاب دفيدجيان عن سؤال عمّا إذا كان على باريس اللحاق ببرلين في هذا السياق، فقال «هذا خطر لأنه يقتل النمو». وأشار إلى أن فرنسا سجلت «أقل نسبة ركود في أوروبا لعام ٢٠٠٩» (تراجع بنسبة ٢،٦ في المئة، مقابل تراجع ٥ نقاط بالنسبة إلى ألمانيا، بينما المعدّل الأوروبي هو في حدود ٤،٣ نقاط سلبية).
ولكن بعد مرور «العاصفة في الفنجان» أو بسببها، توصّل الزعيمان إلى اتفاق على «تحديد إطار صارم» للأسواق المالية من خلال منع عمليات «السواب»، أي البيع بالمكشوف على الصعيد الأوروبي، وهو من الممارسات التي تشجّع على المضاربة. وجاء الاتفاق على شكل رسالة مشتركة وُجّهت إلى رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو.
ورأت ميركل وساركوزي، في رسالتهما المشتركة، أنّ «عمل المفوضية يجب أن يشمل إمكان منع عمليات البيع بالمكشوف لكامل أو بعض الأسهم والأصول على المساهمات السيادية، على المستوى الأوروبي».
والمعروف أن عمليات البيع بالمكشوف تمارَس في البورصات وتسمح للعاملين في الأسواق، بفضل آليات مالية معقّدة، ببيع أصول ليست مملوكة بعد، على أمل إعادة شرائها بأسعار متدنية. وعندما تكون تلك العمليات «مكشوفة» فإنها تُمكِّن المستثمرين من بيع أصول دون الحصول عليها، عن طريق قرض أو تسهيلات بنكية يراها البعض «متواطئة».
وكانت ألمانيا قد أثارت استياء شركائها من هذه المسألة عندما قررت بطريقة أحاديّة الجانب، في ١٩ أيار، منع عمليات البيع بالمكشوف على قروض الدولة في منطقة اليورو، علماً أنّ هذه التقنية هامشية نسبياً في بورصة فرانكفورت، وتمارَس بالخصوص في بورصة لندن، وبطريقة أقلّ في باريس.
وأكّدت الرسالة أنّ عودة التقلّبات الشديدة إلى الأسواق تطرح تساؤلات عن عدد من هذه التقنيات المصرفية، واستعمال البيع بالمكشوف والمبادلات من دون قروض، مثل الـ«كريدت ديفولت»، والـ «سواب» والـ «سي.دي.اس». وتُعدّ هذه العمليات الأخيرة نوعاً من ضمان يتّخذه المستثمر ليحمي نفسه من أيّ مخاطر محتملة، مثل عدم تسديد الدولة للقروض، لكنها تزيد من تكلفة الفوائد التي تدفعها الدولة المصدّرة للسندات.