عائلات ضحايا كراتشي تطلب استقالة ساركوزيفي سياق واقع العدالة التي «تمهل ولا تهمل»، تعود فضيحة عمولات تتعلق بصفقة بيع غواصات فرنسية لباكستان في عام ١٩٩٤ لتطفو على سطح الإعلام ولتتناول اسم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي

باريس ــ بسّام الطيارة
أخذ ملف عمولات صفقة الغواصات الباكسانية أبعاداً جديدة بعد فتح تحقيق في تفجير كراتشي، الذي ذهب ضحيته ١١ موظفاً من إدارة البناء البحري الفرنسي «دي سي ان». تحقيق يتّجه لربط التفجير بقرار الرئيس جاك شيراك وقف دفع العمولات المتفق عليها سابقاً لمسؤولين باكستانيين، لأنها ساهمت في تمويل الحملة الرئاسية لمنافسه رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إدوار بالادور، التي كان يترأسها الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي بالتزامن مع شغله منصب وزير الموازنة.
وقد كشفت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، أمس، تفاصيل جديدة مستقاة من تقارير شرطة لوكسمبورغ المالية، بناءً على طلب القاضيين الفرنسيين فرنسواز ديسي وجان كريستوف هولان، تفيد بأن العمولات كانت حتى عام ٢٠٠٠ تمر في حسابات شركة «هينان»، وهي فرع من شركة «دي سي إن» وأسست بموافقة خاصة من وزير الموازنة آنذاك: نيكولا ساركوزي.
ويذكر التقرير، حسب مصادر موقع «ميديا بارت»، أن «قسماً من هذه العمولات عاد إلى فرنسا لتمويل حملة سياسية فرنسية»، ما يذهب في اتجاه التسريبات الأولى عن سبب «تدخل شيراك شخصياً لمنع دفع العمولات» لاقتناعه بأن حكومة بالادور «فرضت» وسيطين بين الـ«دي سي ان» والجهات الباكستانية المعنية، هما رجلا الأعمال اللبنانيان زياد تقي الدين وعبد الرحمن الأسير، وأن الأمر تم تحت إشراف ساركوزي. الجديد هو الكشف عن مجموعة «رسائل» من شركة «هينان» وصلت إلى كبار المسؤولين: الأولى وجّهت إلى جاك شيراك في ٢٦ نيسان ٢٠٠٦ موقّعة من أحد مديري الشركة يعلمه بأن «دفع العمولات قد توقف وأن المستفيدين من هذه العمولات هم شخصيات مهمة، وأنه يمكن أن تترتّب على الشركة الفرنسية مسؤوليات مالية وقضائية في حال التمنع عن الدفع».
الرسالة الثانية أرسلت إلى نيكولا ساركوزي في ٢٩ تشرين الثاني عام ٢٠٠٦، موقعة من المدير العام للشركة جان ماري بوافان يشكر فيها ساركوزي على «رسالته الموقعة في ٢٨ أيلول»، إلا أنه يشير إلى «أنها بقيت من دون أي متابعة». ويستطرد بأن «الدولة الفرنسية لم تعط أي أوامر دفع رغم ضرورة التصرف بسرعة».
تأخذ هذه الرسالة أهمية كبرى، إذ إنها تبرهن على أن «ساركوزي كان على علم بمسألة العمولات»، وهو ما نفاه دائماً. كما يتساءل البعض عن مضمون رسالته المؤرخة في أيلول والتي يشار إليها صراحة.
وهناك رسالة شفهية حصلت بعد وصول ساركوزي إلى الإليزيه، نقلها بوافان بنفسه أثناء لقاء مع الأمين العام المساعد في قصر الرئاسة فرانسوا بيرول، وهي أتت مواربة بقوله إنه «زار سنغافورة لفحص دفاتر الشركة التي أسسها هناك»، في إشارة إلى شركة «هينان».
والمعروف أن كل الوثائق التي كشفت عنها شرطة لوكسمبورغ تم اكتشافها في خزنة بوافان في أحد المصارف. ويقول البعض إنه أودعها هناك كوسيلة «حماية لنفسه» في حال حصول مكروه له. وقد نفى بالادور وساركوزي مرات عديدة «أي تمويل غير قانوني». ووصفا التسريبات بأنها «أساطير»، إلا أن «ليبراسيون» نشرت تفاصيل تفيد بأنه تمّ الاتفاق على دفع عمولة، نحو ٥١ مليون يورو للمسؤولين الباكستانيين، وبينهم الرئيس الحالي آصف علي زرداري، وأن توقف الدفع حصل «قبل أشهر قليلة من تفجير كراتشي في ٨ أيار ٢٠٠٢»، ما يرجّح أن يكون التفجير انتقامياً، وهي الفرضية التي يعمل عليها القاضي الفرنسي مارك تريفيديك الذي تسلّم دعوى رفعها أهالي الضحايا الفرنسيين ضد «من يظهره التحقيق».
محامي العائلات أوليفييه موريس لم يعد يتردد من اتهام قاطن الإليزيه مباشرة. وقال «إن هذا التقرير يكشف بأن ساركوزي كان في وسط حلقة الفساد وأنه يكذب على العائلات»، وأن ما يصدر من هنا وهناك «ليس أسطورة، بل كذب الدولة». وأنهى بقوله إن العائلات «تطالب باستقالة ساركوزي».